stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة الموارنة الكاثوليك

البطريرك الرّاعي يترأّس القدّاس السّنويّ على نيّة فرنسا- بكركي إثنين الفصح

1.5kviews
الثلاثاء 23 أبريل – نيسان 2019
المصدر: نورنيوز

ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر الإثنين، القدّاس السّنويّ التّقليديّ على نيّة فرنسا، في كنيسة السّيّدة في الصّرح البطريركيّ في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنّا علوان ورفيق الورشا، أمين سرّ البطريرك الأب شربل عبيد، القيّم البطريركيّ العامّ الأب جان مارون قويق ولفيف من الكهنة، في حضور نائب رئيس مجلس النّوّاب إيلي الفرزلي، السّفير الفرنسيّ برونو فوشيه، القنصل العامّ كريم بن شيخ، الملحق العسكريّ أوليفييه لاسال وعدد من أركان السّفارة، الوزيرين السّابقين زياد بارود وابراهيم الضّاهر، وفد من المؤسّسة المارونيّة للانتشار برئاسة رئيس المؤسّسة شارل حاج، مدير عامّ “تيلي لوميار” جاك كلّاسي، الرّئيس الفخريّ لنقابة المقاولين فؤاد الخازن وحشد من المؤمنين.

وألقى الرّاعي بعد قراءة الإنجيل المقدّس، عظة قال فيها:

1-” إنّ أوّل شخص تراءى له يسوع المسيح بعد قيامته كانت مريم المجدليّة الّتي أخرج منها سبعة شياطين كما يروي متّى الإنجيليّ في إشارة منه إلى أنّها امرأة خاطئة من الجليل. وهي الّتي لحقت بيسوع المسيح إلى بيت سمعان الفرّيسيّ وسكبت على قدميه قارورة الطّيب الثّمين وغسلتهما بدموع النّدامة ومسحتهما بشعرها وسمعت من يسوع قوله “لقد غفرت لها الكثير من الخطايا لأنّها أحبّت كثيرًا”. (لوقا 7، 47). فهي أيقنت جيّدًا أنّ ملذّات الأرض لن ترضيها بل ستزيدها جفافًا.

2- ولأنّها عاشت قيامة القلب أراد السّيّد المخلّص أن يكافأها بظهوره الأوّل لها. وفي إرشاده الرّسوليّ حول “كرامة المرأة”، أبرز البابا يوحنّا بولس الثّاني الدّور الخاصّ لمريم المجدليّة: لقد كانت الشّاهد الأوّل على خلو القبر صبيحة الفصح، والأولى الّتي قابلت المسيح القائم من الموت والأولى الّتي شهدت له أمام الرّسل، لذلك سمّيت برسولة الرّسل.

3- نحن سعداء اليوم يا سعادة السّفير لأنّكم وزملاءكم تشاركوننا فرحة عيد القيامة وترفعون معنا الصّلاة على نيّة فرنسا العزيزة على قلوب اللّبنانيّين وقلوب العديد من الشّعوب الّتي تبحث عن القيم الحضاريّة. نرفع صلاتنا أيضًا على نيّة السّلام والمصالحة في منطقتنا المضطربة.

وندع بين يدي ربّنا الرّحوم الضّحايا الـ290 الأبرياء الّذين سقطوا جرّاء الانفجارات المريعة والجبانة الّتي ضربت ثلاث كنائس وثلاثة فنادق في سريلانكا. ونصلّي للرّاحة الدّائمة للأموات وللشّفاء العاجل للـ500 جريح ولمواساة أهلهم وأقاربهم. ونؤكّد على تضامننا وشراكتنا مع الشّعب السّريلانكيّ العزيز والسّلطات الدّينيّة والمدنيّة كذلك مع أعزّائنا السّريلانكيّين الّذين يعملون في لبنان.

4- إنّ الحريق الّذي خرّب كاتدرائيّة نوتردام في باريس محزن جدًّا ومريع لدرجة أنّ وحده الصّمت المتلازم مع الصّلاة يمكنه مساعدتنا لتجاوز هذه المحنة. وفي الوقت نفسه فإنّ التّعاطف والتّضامن الوطنيّ والدّوليّ حول هذا الرّمز الّذي يجسّد الجذور المسيحيّة في فرنسا وحول هذه الجوهرة من إرثها التّاريخيّ والثّقافيّ هم الّذين يؤكّدون لنا القيامة الأكيدة لهذه الكاتدرائيّة من تحت الرّماد.

5- لقد كتب البابا بنديكتوس :”إنّ قيامة المسيح لا تتلخّص بعودة الحياة إلى أيّ ميت كان، لأنّها تفتح أبعادًا تهمّ كلّ الكائنات البشريّة.”

الإيمان المسيحيّ يموت من دون الإيمان بحقيقة القيامة، الّتي تمثّل باكورة عالم جديد وحالة جديدة للإنسان. هذا الإيمان ضروريّ لدرجة أنّ القدّيس بولس قد كتب: “لولا قيامة المسيح، لكانت رسالتنا فارغة وإيماننا فارغ أيضًا (قورنتس 15،14)

نحن نعلم إذًا لماذا يحيا المسيحيّ بالأمل وهو سعيد دائمًا. لأنّه يعلم أنّ الكلمة الخيّرة ليست للموت وأنّه سيخرج منتصرًا. هذا الإيمان بيسوع يعطي الشّجاعة للشّهداء، والغيرة للرّسل والبطولة للقدّيسين على مدى العقود ومنذ 2000 سنة.

6- في كلّ عام تستقبل فرنسا العديد من الحجّاج والسّيّاح في أماكن مقدّسة. فلنفكّر في تلك الشّابّة الكرمليّة ذات الـ24 سنة تيريز دو ليزيو دكتور في الكنيسة وفي السّماء كما وعدت، هي الّتي أغدقت على الأرض نعمًا كثيرة طلبت منها.

فلنفكّر في هذا البلد الصّغير لبنان الّذي أعطى قدّيسين كالقدّيس شربل كانوا شفعاء من دون توقّف للإنسانيّة من دون تفرقة في الأديان.

فلننظر بأيّ حبّ وتفان تعاين أخوات الأمّ تيريزا وفرنسيسكانيّات الصّليب للطّوباويّ أبونا يعقوب المرضى المشوّهين والمعوّقين لأنّهم يرون فيهم صورة المسيح المعذّب بآلامه والممجّد بقيامته.

7- في الفصح “قام الغفران من القبر” وأصبح هذا الغفران واجبًا على كلّ مسيحيّ مؤمن بيسوع المسيح. وبما أنّ العناية الإلهيّة هي الّتي وضعت في هذا الجزء من العالم مسيحيّي لبنان فإنّهم مدعوّون لأن يكونوا فاعلي سلام وغفران ومصالحة.

سعادة السّفير

8- باسم الصّداقة اللّبنانيّة الفرنسيّة أشكر الشّعب الفرنسيّ على دعمه المعنويّ وإخلاصه عند كلّ محنة. ونحن نشهد لامتناننا هذا برفع الصّلاة على نيّة بلدكم ومن أجل خيره. نسأل الله أن يغدق عليكم وعلى وطنكم وعائلتكم نعمه الإلهيّة لمجد الثّالوث الأقدس الآب والإبن والرّوح القدس. آمين

وفي ختام القدّاس تناول البطريرك مع عدد من الأساقفة ووفد السّفارة الفرنسيّة طعام الغداء بالمناسبة وكانت منه كلمة ترحيب قال فيها:

“لقاؤنا اليوم ليس مجرّد لقاء سنويّ تقليديّ، فهو يحمل روحيّة الصّلاة من خلال احتفالنا بصداقتنا مع فرنسا وتعلّقنا بكلّ ما تمثّله لنا. واحتفالنا بالإفخارستيّا صبيحة عيد القيامة ترسّخ الفرح والأمل الّذي تقدّمه القيامة الّتي نحياها في أجواء من التّجدّد والحرّيّة وإعادة بناء الإنسان على ضوء الخلاص والسّلام الّذي ينشره المسيح المخلّص الّذي غلب الموت.

هكذا ننظر إلى صداقتنا مع فرنسا على أنّها علاقة قويّة متجذّرة في القيم الإنسانيّة كالمساواة والحرّيّة والأخوّة الملازمة لتعاليم إيماننا.

إنّ الحرّيّة المعاشة لا يمكنها أن تكون إلّا قيمة عليا. فهي أساس كلّ مجتمع يسعى إلى التّطوّر وتعزيز الإنسانيّة. المساواة هي قيمة تتيح الفرص المتساوية لكلّ الّذين لديهم تصوّرات لتطوّر منظم وجاهز للتّطبيق. أمّا الأخوة فنحن نضعها في خانة التّضامن لأنّها تجمع وتتيح للرّوابط الاجتماعيّة أن تتجسّد من خلال أفعال وانطباعات ومشاريع من كافّة الأنواع.

لقد عبّرت فرنسا عن تضامنها مع لبنان من خلال مؤتمر سيدر 2018. هذه العمليّة تجسّد إرادة بلدينا باتّخاذ تدابير ملموسة تقدّم حلولاً لوضعنا الاقتصاديّ والاجتماعيّ الحاليّ. ونحن نصرّ على الإصلاحات المرتبطة بمؤتمر سيدر. والشّعب اللّبنانيّ متمسّك بها كخشبة خلاص وهو يدعو إلى الشّفافيّة ومتابعة التّنفيذ.

رابط آخر يجمع بلدينا أنّه التّعاون الثّقافيّ والتّربويّ القائم من خلال مؤسّساتنا الوطنيّة الكاثوليكيّة وتحديدًا المارونيّة إنّها الفرنكوفونيّة الّتي تثير حماستنا فهي ليست لغويّة وحسب، وإنّما هي تعبير عن الانفتاح والدّيناميكيّة. بالنّسبة لنا هي تظهر في التزامنا بكلّ ما تحمله من علامات ورموز: الأدب العلوم الهندسة وصولاً إلى أعلى القيم الرّمزيّة ككاتدرائيّة نوتردام في باريس الّتي هي خير مثال على انصهار الماضي والمستقبل، الصّرح الّذي يحمل إرثًا ثقافيًّا وروحيًّا والمساحة الّتي تحوّلت إلى رسالة دينيّة ورسوليّة وإنسانيّة. وبعد الحريق الهائل الّذي اجتاحها في أسبوع الآلام لم يتعرّض المذبح والصّليب لأيّ ضرر ليعلنا معًا الأمل بالقيامة وبقوّة إعادة البناء.

إضافة إلى التّحدّيات الاقتصاديّة والماليّة والإدارة الرّشيدة والمنصفة نجد أنفسنا أمام حاجة تثقيف شبابنا، ففي الواقع نوعيّة التّعليم تبني أشخاصًا جيّدين مسؤولين ورسلاً على الرّغم من كلّ الحواجز والمآزق الّتي تهدّد مدارسنا وجامعاتنا بسبب الفقر المتنامي والأزمة الاجتماعيّة والبطالة.

وهناك تحدّ آخر يدعونا لأن نعمل على تثقيف عائلاتنا ومواطنينا. فالوصول إلى المعلومة المسؤولة يتيح الفهم والتّحليل بشكل أفضل وبموضوعيّة كلّ ما له علاقة بتعليم رجال ونساء مسؤولين وشفّافين وذلك لمكافحة الفساد والزّبائنيّة والمحاصصة الّتي تقضم بلدنا.

ويبقى التّحدّي الأكبر وهو مسألة النّازحين السّوريّين الّذين يثقل عددهم الكبير كاهل لبنان اقتصاديًّا وماليًّا واجتماعيًّا وذلك على حساب اللّبنانيّين. يجب على الأسرة الدّوليّة أن تفصل بين الحلّ السّياسيّ في سوريا وضرورة عودتهم إلى بلدهم للحفاظ على حقوقهم المدنيّة وثقافتهم وحضارتهم . وإنّ تأخير عودتهم يشكّل خطرًا كبيرًا يهدّد لبنان على كافّة الأصعدة. ونحن ننتظر من فرنسا الصّديقة صوتًا أوروبّيًّا مختلفًا.

في الختام يعبّر هذا اللّقاء الجميل اليوم عن فرحة لقاء سفير بلد عزيز لا يتوانى أبدًا في تقديم كلّ الدّعم لمواطنينا ولمؤسّساتنا ولمختلف جماعاتنا. إنّه لقاء عائليّ وبالنّسبة لنا هو دعوة لتشديد روابطنا وتعزيز نماذجنا الثّقافيّة الغنيّة بالقيم الإنسانيّة والعالميّة.

لقد تشرّفت منذ نحو السّنة بلقاء الرّئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون الّذي عبّر عن مودّته وصداقته لبلدنا. وأودّ في هذه المناسبة ننقل تحيّاتنا وتقديرنا وشكرنا له من خلالكم سعادة السّفير على كلّ ما يقوم به من أجل لبنان ومن أجل الصّداقة الفرنسيّة اللّبنانيّة. وننتظر بحماسة كبيرة زيارته المقبلة إلى لبنان كما أعلنتم . نشكر لكم حضوركم ونتمنّى لكم ولفرنسا ولزملائكم فصحًا مجيدًا.

بدوره ألقى السّفير الفرنسيّ برونو فوشيه كلمة شكر فيها الرّاعي رفعه الصّلاة على نيّة فرنسا يوم اثنين الفصح وحفاوة الاستقبال في “هذا الصّرح العريق البطريركيّة المارونيّة”، وقال: “إنّه لفرح كبير مشاركتكم ومعاوني هذه المناسبة السّعيدة الّتي تجمعنا في كلّ عام. وهذا اللّقاء مستمرّ منذ سنوات عديدة وهو لم يتوقّف يومًا على الرّغم من الحرب الّتي أعاقت أحيانًا تنقّلاتنا إلّا أنّ زيارتنا لبكركي شكّلت فرصة لنا للتّأكيد على العلاقة الأخويّة والمميّزة الّتي تجمع بين بلدنا والصّرح البطريركيّ منذ عقود طويلة.”

وتابع فوشيه: “جميع السّلطات في بلدي وعلى رأسها رئيس الجمهوريّة إيمانويل ماكرون يوجّهون إلى غبطتكم تحيّة تقدير وإخلاص وصداقة لا تتزعزع. كما تعلمون تعاوننا يشمل عددًا من القطاعات منها السّياسيّ والأمنيّ والاقتصاديّ والصّحّيّ والثّقافيّ. وحجر الزّاوية في هذا التّعاون هو قطاع التّعليم الّذي تسهم فيه الجماعة الكاثوليكيّة وتحديدًا المارونيّة بشكل كبير ونحن فخورون بذلك. نجدّد اليوم تمسّكنا القويّ بهذا التّعاون التّعليميّ والأكاديميّ وإرادتنا بتعزيزه. وكما أراد رئيس الجمهوريّة وكتعبير عن إرادتنا بتعزيز علاقاتنا سوف نضاعف عدد المنح المقدّمة إلى الإكليريكيّين الموارنة لنيل الماستر والدّكتوراه خلال السّنوات المقبلة، وسيوقّع هذا الاتّفاق مع السّلطات المعنيّة”.

وتابع فوشيه: “صاحب الغبطة منذ الاحتفال بقدّاس الفصح العامّ الماضي والأحداث السّياسيّة تهدّد رسالة السّلام والأخوّة. والوضع في لبنان يقلقنا. وكما يتوجّب أن يكون عند النّحّات رؤية ومهارة في صقل الحجر لبناء كاتدرائيّة نحن نتمنّى أن يبني أهل السّياسة اللّبنانيّة من رجال ونساء أسسًا صلبة لدولة مستدامة. والمشاركة في هذا العمل يتطلّب الحفاظ على استقرار لبنان. وهذا ما تقوم به فرنسا من خلال مشاركتها الكبيرة في قوّات حفظ السّلام في الجنوب اللّبنانيّ. فمن أولويّات مهامنا الدّيبلوماسيّة تأمين الهدوء في جنوب لبنان والسّهر على التّطبيق الكامل للقرار 1701 وباقي القرارات. ولاستقرار لبنان وحدوده نحن ندعم الجيش اللّبنانيّ وقوى الأمن الّذين يطوّرون قدراتهم، كما أنّنا رفعنا هبتنا في مؤتمر روما من 40 مليون يورو إلى 45 لتكون الأكبر بين دول الشّرق الأوسط. ودعمنا للبنان هو المساهمة في مجتمع مدنيّ لبنانيّ نقدّره لدوره المميّز في العيش المشترك والسّلميّ بين مكوّناته وهو أمر فريد ونحن بأمسّ الحاجة له في أيّامنا هذه.”

وقال فوشيه: “العمل من أجل لبنان قويّ هو تقديم إجابة مطمئنة وإنسانيّة لأزمة النّازحين السّوريّين. لا يمكننا أن نتجاهل مصيرهم ولكن لا يمكننا أيضًا عدم التّحرّك لنتائج وجودهم. إنّه معنى النّداء الّذي أطلقتموه في زيارتكم للرّئيس الفرنسيّ العامّ الماضي، ومثلكم نحن نتمنّى عودة النّازحين إلى ديارهم فهناك مكانهم. وهذه العودة يجب أن تتمّ وفق ظروف مناسبة أيّ أن تكون طوعيّة وآمنة. وإلى ذلك الحين نحن نستمرّ في وقوفنا إلى جانب لبنان والعمل على التّخفيف من الحمل الثّقيل الّذي يشكّله النّازحون. وهذا ما التزمنا به في مؤتمر بروكسيل نحافظ على مساعدة النّازحين كذلك مساعدة الشّعب اللّبنانيّ من خلال دعم مشاريع خاصّة بالمدارس والمستشفيات والبنى التّحتيّة.”

وختم فوشيه: “لقد أظهرت الحكومة اللّبنانيّة في الأسابيع الأخيرة إرادتها بتطبيق الإصلاحات الضّروريّة وتمّ تبنّي خطّة الكهرباء والموازنة يجب أن تبصر النّور قريبًا. نتمنّى أن تتابع السّلطات اللّبنانيّة مسيرتها في هذا الخطّ. وأن تعبّد الشّفافّية والإدارة الجيّدة طريق الشّعب اللّبناني لكي يعيد الثّقة بمستقبله.”