stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

القاضى الظالم و الصلاة – الأب وليم سيدهم

979views

يدعونا يسوع إلى التركيز على العلاقة بيننا و بين الله، وفى مثل القاضى الظالم و مقارنته بالله نفسه ‏يبرهن السيد المسيح على واقعية و حتمية إستجابة الخالق لخليقته إذا أصر المؤمن على اللقاء ‏المتكرر مع الله. إذا أصر على رفع مظلمته إلى الخالق جل جلاله.‏
و لكن السؤال المطروح علينا كمؤمنين هو لماذا لا يستمع الله لطلباتنا؟ لماذا يتركنا نعيد و نزيد و ‏نحن نخاطبه و نتوجه إليه؟ و الإجابة على هذا السؤال عند الله نفسه. يمكننا أن نجتهد علي ضوء ‏علاقة الله بالأنبياء و الرسل و المؤمنين الآخرين و نقول ربما كانت صلاتنا أو لقائنا مع الله فيها ‏من الفتور أو فيها من السطحية أو فيها من تصورات سحرية أو خرافية عن الله نفسه تمنع التواصل ‏الحقيقي معه، مثل ما يحدث بين الصديق و صديقه، بين الرجل و زوجته… الخ طالما هناك ‏إحساس من طرف من الأطراف بضبابية أو عدم وضوح أو شبهة في عدم صدق الطرف الآخر ‏فإن العلاقة بين الطرفين تراوح مكانها.‏
لقد كان أبونا إبراهيم عاقراً و ظل يتشوق إلى إنجاب طفل يرثه من صلبه ، و في حواره مع الله ‏عبّر عن هذه الرغبة العميقة لديه، و لكنّ الله لم يستجب لإبراهيم خليله. لماذا؟ و لكن قبل أن نفتش ‏عن نية الله علينا أن نتأمل فى قلق إبراهيم. ظل إبراهيم على تواصله مع الله و كان يتشفع للآخرين ‏عند الله مثل تشفعه لسدوم و عمورة وكان الله يحاوره كما كان منصرفاً إلى أعماله رغم ذلك. و ‏لكنه لم يصدر أى شكوى ضد الله بسبب عدم إستجابته الفورية لمطلبه، لكننا يمكن أن نستدل عل ‏موقف الله من إبراهيم حينما حصل على اسحق، فإننا نرى الكتاب المقدس يستخدم كلمة “يجربه” ‏ففى ذات يوم أراد الربُّ أن يُجرب إبراهيم و يختبر محبته فطلب منه أن يقدم اسحق إبنه الوحيد ‏ذبيحة له على الجبل، فما كان من ابراهيم إلا أنه “بِّكر” و ذهب ليقدم اسحق وحيده إن الإختبار ‏الصعب الذى وضع الله فيه ابراهيم خليله هو اختبار “التجرد” الكامل لإبراهيم عن أغلى ارتباطاته ‏مقابل جعل الله هو الأول في حياته، قبل ابنه الوحيد. و هنا نتذكر كلام السيد المسيح “من كان ‏أبوه أو أمه أحب إليه مني، فليس أهلا لي. ومن كان ابنه أو ابنته أحب إليه مني، ‏فليس أهلا لي. ومن لم يحمل صليبه ويتبعني، فليس أهلا لي.” (متى 10 : 37 -‏‏38).‏
بعض الجهلاء يتحدثون عن أنانية الله و عن عبودية الإنسان لله و تجاهل حريته و ‏لكن هذا القول مردود عليه من إن الله مصدر كل العطايا التى نعرفها و التى نجهلها ‏فهو لا يحتاج الإكرام و السجود منِّا لكن نحن المحتاجين أن نرفع له المجد و الإكرام ‏إعترافاً بعطاياه.‏
لقد كان بوسع إبراهيم أن يرفض تقدمة إبنه اسحق هذه حريته. لكن فضَّل أن يختار ‏تجربته أن يردَّ على طلب الله بالإيجاب، ليس خوفاً أو طمعاً و لكن إتساقاً مع نفسه ‏ومع ما يحدث معه من جانب الله نفسه. لقد إختبر ابراهيم منذ دعوته من بلاد مابين ‏النهرين أنه على صلة بإله مُحب رحوم عطوف معه. و بالتالى مهما طلب منه فلن ‏يغيرَّه. و فعلاً قال الله لإبراهيم : ” قال: (( لا تمد يدك إلى الصبي ولا تفعل به شيئا، فإني ‏الآن عرفت أنك متق لله، فلم تمسك عني آبنك وحيدك‎(( ‎‏ (تك 22: 12)”‏
لقد كانت الأرملة صاحبة المصلحة عند القاضى الظالم لحوحة و مصممة على الحصول على ‏إجابة، فكان هدفها الذى هو الحصول على مطلبها هو الذى يدفعها إلى الإلحاح على القاضى. و أمام ‏هذا الهدف لم تتخلى عن معاودة الكرّة في كل مرة تجاهل القاضى طلبها. إذن لم تحسب عدد ‏المرات التى توجهت فيها إلى القاضى. بل ولم تلجأ إلى السحر و الشعوذة لإجبار القاضي على الرد ‏عليها. لكنها اعتمدت على عدالة مطلبها و قوة قناعتها بحقها و لم تتراجع لعدم توافر النية الطيبة ‏عند القاضى الظالم.‏
أمام كل هذا الإصرار يتسائل يسوع المسيح عن موقف الله نفسه من مثل هذه المرأة اللحوحة. كما ‏يتسائل عن مدى ثقتنا في الله.‏
إن الصلاة هى توجه المؤمن إلى مصدر الوجود و ضابط الكون فإذا كان المسيح وصف القاضي ‏‏”بالظالم” و جعل منه نموذجاً “لا يعرف الله ” و رغم ذلك و حرصاً على راحته و هرباً من ‏ملاحقة الأرملة استجاب طلبها.‏
فكم وكم الله الذى حاشا أن يتصف بالظلم أو بالأنانية يمكن أن يغيثنا و يستجيب لنا. واهب الشمس و ‏القمر و الهواء و الماء و الشجر و الحجر …الخ ما الذى يمنعه أن يستجيب؟ .‏
أعن إيماننا يارب، و قوّى بصيرتنا حتى ندرك حضورك الفعال في كل لحيظات حياتنا.‏