stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ايليا النبي 9‏

918views

حوريب

للأب هاني باخوم

يطيع النبي من جديد؛ يقوم ويأكل. يستعيد الحياة او بالأحرى الرغبة في الحياة. ايليا كان ميتاً ‏والآن هو حي. يستعيد قواه ويبدأ بالسير من جديد لا لكي يهرب من ايزابيل، بل باتجاه جبل ‏حوريب حيث ينتظره الرب. يسير لا هارباً من الموت بل باحثاً عن الحياة. ايليا كأي انسان، ‏إما ان يحيا حياته خائفاً وهارباً من الموت فيموت في كل لحظة، إما باحثاً عن الحياة؛ وما هي ‏الحياة غير مقابلة الرب والتعرف عليه؟
جبل حوريب، جبل لقاء الرب. اسمه يعني بالعبرية “العزلة”، “الجفاف”، و”الصحراء”ً. ‏فالكتاب يقول ان العزلة، الجفاف، والصحراء التي تخترق حياتنا في اوقات عديدة ليست لعنة، ‏او لأن الرب قد نسينا، او لأن الآخرين حملونا اليها، لكن الرب هو الذي قادنا اليها، كي نتقابل ‏معه. في واقع العزلة، والجفاف، والصحراء الذي نجد انفسنا فيه بلا اي امل او رجاء، هناك ‏يقابلنا الرب. في المكان نفسه تلاقى الرب مع موسى (خر 3: 1)، بعد ان اختبر سنين وسنين ‏من الجفاف والعزلة والهروب من ماضيه باحثاً عن هويته. هناك اخرج الرب الماء للشعب من ‏شق الصخرة (خر 17: 6)؛ في الصحراء في واقع الجفاف والموت الرب قادر ان يروينا من ‏الصخرة التي هي رمز الجفاف والقسوة. الرب يُخرج منها ماء وحياة لمن يؤمن به.‏
ايليا يفهم حياته بهذا المفتاح. يقرأ حياته السابقة: آلامه، صراعاته، خيانة مَن حوله، اضطهاد ‏من يحاول قتله، تجاربه، سقوطه… كل شيء، يقرأه ويفهم انه كان طريقاً يقوده الرب من خلاله ‏الى هذا “الحوريب”. يفهم ان حياة الإنسان ما هي الا نزول من قمة، اوهم نفسه بخدعة من ‏ابليس انه وَضع نفسه عليها، حتى يصل لعمق العزلة وعدم القدرة، كي يتقابل مع الحياة ومع ‏القائم ويرتفع الى القمة الحقيقية التي أُعدَّت له منذ بدء الخليقة. وما العماد الا نزول الإنسان ‏القديم في عمق المياه، علامة الموت، وقيامة انسان جديد، ابن لله. فحياة الإنسان هي عماد ‏طويل: نزول وقيامة جديدة.‏
هذا هو حوريب. هذا هو جبل الرب. هناك يسكن ويتقابل مع من يترك نفسه وحياته تنقاد منه ‏دون ان يهرب. فالإنسان يحيا هارباً من العزلة، من الصحراء، لانه لا يعلم ان الرب يسكن ‏هناك وينتظره. الإنسان لا يعلم ان في الأحداث التي تعزلنا وتجعلنا نختبر الموت، ينتظرنا ‏الرب كي يعطينا حياة جديدة، حياة ابناءٍ له، لا ابناءً لهذا العالم. لا يعني هذا انه يجب ان ‏نتحمل الآلام كي نُجازى بالخير، لا. بل ان ندخل في الأحداث كي نتقابل مع القائم. وشتان بين ‏المفهومين. ‏
يتقابل ايليا مع الرب، لا في العاصفة او النار، لا في الزلزال، بل في نسمة هادئة. هناك عندما ‏يدخل الإنسان في احداث حياته ويحتضنها، يمر الرب كنسمة هادئة. ماذا سيقول الرب؟ ماذا ‏يجب على ايليا ان يفعل بعد ان تلاقى مع الرب؟

….الى المرة القادمة
ايام مباركة.‏