stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عظات الأيام الطقسية

رسالة الصلاة لشهر نوفمبر 2017

1.8kviews

الصلاة بظروف صعبة وقاسية

في صلواتنا… كثيراً ما نمر بظروف صعبة وقاسية…تجعل في الأعماق رغبة قوية في الإعتراض والرفض لما يسمح به الله في الحياة… وتموت كلمات الشكر وتنطفئ نغمات التسبيح وتعجز عن الخروج من الشفاه… ويقع الإنسان بين نارين وهو واقف يئن أمام الله…. نار النطق بكلمات شكر وحّمد وهو لا يشعر بها فيشعر أنه غير حقيقي بل ومرائي… ونار الإعتراض والرفض لما يمر به الانسان من ظروف معاكسة في حياته… فيشعر بالتمرد والعصيان.

وبسبب هاذين الشعورين المتحاربين في الأعماق…غالباً ما ينسحب الإنسان من محضر الله يائساً مكسوراً… فقد عجز عن الإعتراض لأنه يعرف أن ذلك لا يليق… وعجز عن الشكر لأنه غير موجود في أعماقة.

فماذا الحل لتلك المعضلة الإنسانية الصعبة؟ لنأخذ جولة سريعة في الكتاب المقدس لنري أمر قد تٌذهّل له العقول والقلوب.. وندرك سوياً عظمة وبساطة الرب المحب الذي يفرح القلوب.

لا يوجد ولا واحد من رجال الله الأتقياء في كل الكتاب المقدس…حين كان أي منهم يمر بظروف صعبة وفي أعماقه كان يرفضها…إلا وقد أبدي إعتراضه ورفضه وأخرجه نحو الله وتكلم بما في قلبه كما هو… بل أن المدقق يري أن أساليب رجال الله في التعبير عن إعتراضهم هى متنوعة… منها الترجي الهادي… والإعتراض الطفولي…الي اللوم والعتاب…. بل إلي الخطأ في التعابير مع ذات الله نفسه!!… وهنا نري أن سر الصلاة المثالية (إن جاز التعبير) هي أن تكون حقيقية… لذا لنسميها الصلاة الحقيقية لا المثالية… وهي أن يخرج ما في القلب كما هو بدون تجميل أو شعارات مثالية وكلمات عالية… الله لا يسر بالمثالية ، ويعتبرها تزييف.

لقد إعترض إبراهيم عن إهلاك سدوم وعمورة… وقال للرب اتهلك البار مع الأثيم (تك 18 : 23 ) ولم يرفض الله النقاش أو يعتبره تعدي من إبراهيم، وموسي كثيراً ما تكلم بكلام يعترض فيه علي ما سوف يفعله الله.

وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «رَايْتُ هَذَا الشَّعْبَ وَاذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. فَالانَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَافْنِيَهُمْ فَاصَيِّرَكَ شَعْبا عَظِيما». فَتَضَرَّعَ مُوسَى امَامَ الرَّبِّ الَهِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ الَّذِي اخْرَجْتَهُ مِنْ ارْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ؟ لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ الْمِصْرِيُّونَ قَائِلِينَ: اخْرَجَهُمْ بِخُبْثٍ لِيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ وَيُفْنِيَهُمْ عَنْ وَجْهِ الارْضِ؟ ارْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ وَانْدَمْ عَلَى الشَّرِّ بِشَعْبِكَ. اذْكُرْ ابْرَاهِيمَ وَاسْحَاقَ وَاسْرَائِيلَ عَبِيدَكَ الَّذِينَ حَلَفْتَ لَهُمْ بِنَفْسِكَ وَقُلْتَ لَهُمْ: اكَثِّرُ نَسْلَكُمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَاعْطِي نَسْلَكُمْ كُلَّ هَذِهِ الارْضِ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَنْهَا فَيَمْلِكُونَهَا الَى الابَدِ». فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ انَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ. (خر 32: 9: 14)

إستخدم موسي إسلوب غاية في الطفولة لكي يطلب المراحم للشعب… وهو أن ينبه الله أنه لو أهلك الشعب لتكلمت عليه الشعوب بالباطل …نجد أن ما نتوقعه، هو أن الله ينتهر موسي ويعّلمه ان لا يهتم بما سوف تقوله الشعوب المظلمة… الرب رأي قلب نقي وأمين …وقبل تضرعه وطلبته الطفوليه!!

وحزقيا الملك حين علم أنه سيموت…صلي وطلب زيادة علي عمره…فإستجاب الله ولم يرفض.. ومد عمره… ولم يقوله له كيف تجرؤ علي طلب أمر عكس ما أقوله وما أري؟؟… وهكذا صلي ارمياء وحزقيال ودانيال وغيرهم…الكل أخرج ما في قلبه كما هو وبدون تجميل…فالتجميل يمنع التغيير.

الصلاة الحقيقية تبدأ بواقع الإنسان وخلال محاجاته مع الله ينسكب الروح فيه وتزول الكلمات والتوجهات التي بها ضعفات….. تتبدل لغة الإعتراض والمقاومة والرفض وتحل لغة التهليل والفرح والقبول…فالصلاة الحقيقية إختبار للصليب يأخذ الله فيه ما لنا (الطفولة والإعتراض وعدم الفهم) ويعطينا ما له (قبول المشيئته  والإعلان عنها بفرح ولحياة جديدة).

نصلي معا :

ايها الرب يسوع . ان آلام الماضي تحيرني ولست افهم سبب جراحي .

هل كانت مشيئتك حقاً ان يكون الجرح وان ينزف ويدمي ؟ هل كانت مشيئتك حقا ان يحدث ما لم اكن اتوقعه ، وان يصيبني ما لم يكن بالحسبان ، وان تتعثّر خطواتي التي لم تكن تهدف الا الى العمل بمشيئتك لأجل خدمتك ومجد ملكوتك ؟

ام انها ارادتك ان يتعثّر ما قد تعثر لأنك تدعوني الى عمل آخر اعظم شأناً تهيئه لي عندما يحين الأوان ،وان كل الالام الماضية والتجارب المريرة لم تكن سوى تهيئة لي لذلك العمل الكبير ؟

يا رب ، مهما كانت اسباب ما حدث ، فاني اثق ان كل الامور تعمل معاً لخير الذين يحبونك ، وان تجعل تلك التجارب تعمل معاً في انسجام عجيب فتكون بكليتها مسخّرة لأجل خير نفسي وروحي ولأجل بناء ملكوتك المجيد.

الاب / بيوس فرح ادمون

  راهب . فرنسيسكاني