stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

يترك الـ 99 خروفًا ليبحث عن الخروف الضال – الأب وليم سيدهم

3.1kviews

يفترض الكتاب المقدس أن جميع البشر مدعوون إلى الخلاص وهذا الإفتراض يتطابق مع إعلان ‏الكتاب المقدس نفسه بأن كل بشر مخلوق على صورة الله. إذًا فالجميع بلا إستثناء لهم نفس المزايا ‏الإلهية ولا يُستثنى أحد منها.‏
لذا، جاء مثل الخروف الضائع ليُبرز هذه الحقيقة أمام الذين يدَّعون أن الله يُحابي بعض الناس ‏ويختصهم بحبه ويترك الآخرين إلى الهلاك، فالله يختص بعض الناس لأنهم هم الذين بحثوا عنه ‏بكل قلوبهم ومشاعرهم ، أما من يصمون آذانهم عن دعوة الله فهذه مشكلتهم.‏
هذه البدعة لدى بعض فلاسفة اللامعنى واللادينيين والملحدين لا أساس لها من الصحة على مستوى ‏الإيمان والعقيدة المسيحية. فالله جلَّ جلاله لا يتخلى ولن يتخلى عن أى فرد من خلائقه بمنطوق ‏الكتاب المقدس نفسه حينما تقرأ نصوصه في سياقاتها دون إجتزاء.‏
وعلينا أن نفرق بين الكتب المقدسة نفسها وبين المؤمنين بها بمختلف شرائحهم ودراجات وعيهم، ‏لقد تأملنا في النص “ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات” وفي نص “جئت ‏لألقى سيفًا لا سلامًا” وبقية النصوص التى تُحذر من الممارسات الخاطئة للدين و التأويلات التى ‏تناقض النصوص نفسها.‏
إن مثل الخروف الضائع مأخوذ من حياة الرعاة، والراعي يرعى قطيعًا من مئات الخراف ‏والنجاع. وهو يذكر كل خروف ولا ينسى فإذا ضاع خروف أدرك الراعي ذلك بحكم خبرته ‏ومعاشرته لخرافه، فهو يجمع كل الخراف في مكان آمن ويذهب في الصحراء ليبحث عن الخروف ‏الضال فلا يمكن للراعي أن يستغنى عن خروف بحجة أن لديه 99 خروف وبالتالي فإن الله كم وكم ‏يراعي خليقته من البشر.‏
نحن جميعًا نعلم أن بصمة الإنسان فريدة بشكل مطلق، لا يمكنها أن تتكرر حتى مع وجود 4 مليار ‏من البشر. وبالتالى فإن الحكمة الألهية تدلّنا على فرادة كل شخص في كيانه ووجوده أينما كان وفي ‏أي زمان.‏
وبالتالى فإن الله يحب الإنسان بشكل فريد دونًا عن كل مخلوقاته والكتاب المقدس يتحدث عن ‏السلطة التى لدى الإنسان على كل الكائنات: ” تسلطوا على أسماك البحر وطيور السماء وكل ‏حيوان يدب على الأرض” (تك 1 :28).‏
إن علم الجينات والتهديد بخلخلة النظام الذي وضعه الله في الكون وصناعة أطفال حسب الطلب ‏والمواصفات، حتى هذه القدرة التى قد يمتلكها الإنسان لن تستطيع أن تتجاوز تقليد الجينات الأصلية ‏وإستنساخها ولكن ليس خلقها. وبالتالي فإن رعاية الله لن تفارق البشر كما وعد “إلى المنتهى”.‏
البُعد الثاني الذي يذكرنا به تأمل “الخروف الضال” وهو مسئولية الإنسان الفرد عن إختياراته، وأن ‏رغبتنا الجامحة من أن نتحرر من وهم سطوة الله علينا هي “خطيئة” عدم ثقة في محبة الله وحنانه. ‏لا بل وخطيئة أخرى في محاولة قطع الصلة بيننا وبين الخالق بحجة أننا على نفس مستوى فهم ‏وحكمة الخالق. هذه خطية آدم وحواء وغالباً ما يكون روح الشيطان وراء هذا الدافع للتمرد ‏والإنفصال.‏
ما يهمّنا هو أن اهتمام الله بالفرد لا يقل أهمية عن اهتمامه بالإنسان كجماعة وهو لا يتوانى عن ‏التذكير والتحفيز بكل الطرق للإنسان المؤمن بالطريق الصحيح الواجب سلوكه بحرية وإقتناع. ‏وعند السقوط المؤمن يرجع ويتوب فيعاود المسيرة مع الله ومع إخوته نحو النمو في المحبة ‏والكمال.‏