stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

‏”أما أنت فإذا دُعيت فإجلس في المقعد الأخير”‏ الأب وليم سيدهم

863views

لماذا هذا التواضع المزيف أغلب الأوقات حينما نُدعىفى إحتفالية سياسية أو ثقافية أو ‏فنية ربما يكون صاحب الدعوة استعان بشركة تحضير مؤتمرات فإن إسمك سيكون ‏مكتوب على مقعدك فى الصفوف الأولى. وهذا جيد فإن المسألة أصبحت محلولة لن ‏تجلس في الصفوف الأخيرة و أنت جالس على نار منتظر أن يدعوك أحد إلى ‏الصفوف الأولى التى تموت شوقاً أن تكون فيها سواء كنت وزيراً أم خفيراً ، ماسح ‏أحذية أم رئيس قطار.‏
و لكن لماذا يتطرق الكتاب المقدس لمثل هذه الممارسات الإجتماعية ؟ إنه ببساطة ‏يضفي عليها مسحة روحية خالدة مخلدة، فصاحب المقعد الأول في كل تجمع هو الله ‏نفسه، أول البداية حينما تبدأ إحتفالات الدولة أول ما يشار إليه البداية بآيات الذكر ‏الحكيم، القرآن الكريم و هذا جيد لولا أن ان مثل هذه الطقوس تكتسي مسحة سياسية ‏أو دعائية لتذكير المشارك أو المشاهد أننا ناس مؤمنون و حتى لا يعايرنابعض ‏المتحزلقين أو بعض رجال الدين النزهاء.‏
هكذا نرى فى الكتاب المقدس “العشار” يختار مؤخرة الهيكل ليصلى بأريحية “اللهم ‏أرحمنى أنا الخاطى” لماذا يشعر بأنه خاطئ لأنه يعرف محدوديته وقلة حيلته فى ‏منحنيات الحياة، و بالتالى فهو يقدر الله لأنه لم يستطع أن يبلغ الكمال فى تصرفاته، ‏أما الفريسى نجده فى صدر الهيكل وكله ثقه بنفسه و صلاته : “اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي ‏لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ‎.‎أَصُومُ مَرَّتَيْنِ ‏فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ”.‏
هكذا نجد يسوع و العذراء مريم فى عرس قانا الجليل ربما لا أحد يدرى بوجودهما ‏رغم أنهم يتفحصون كل شئ فى الفرح ليستطيعوا مد يد العون إذا كان هناك إحتياج ‏إليهما و فعلاً حدث، الخمر نفذت فأجرى يسوع معجزة الخمر بناء على طلب مريم ‏العذراء لم يكونا فى أول المدعويين و في صدر الكراسى الأولى التى أمام منصة ‏العرس.‏
كذلك المسيح كرر مراراً التعليم لتلاميذه: “بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ ‏لَكُمْ خَادِمًا” كما أن هناك تحذيراً من الإنجيل يُخطر أن : “يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ ‏وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ” و السبب معروف إن تتبدل الأماكن أو المواقف يحدث حينما ‏يزكى الانسان نفسه على الآخرين و يعطيها تقديراً غير مطابق لواقعه الروحى أو ‏النفسي أو الإجتماعى، فيظن أنه أكثر إستحقاقاً من الجميع فى إشغال الكرسي الأول ‏رغم أنه ربما لا يستحق أن يجلس إلا في الخارج لعدم قدرته أو تأصله لمجالسة من ‏اختيروا أو أرسلوا لشغل المنصب أو الكرسي .‏
و تعلمنا من الحياة أن أخطر الناس الذين يتبارون في شغل الكراسي الأولى هم ‏رجال السياسة و رجال الدين.‏
إن يسوع المسيح فى إنجيل يوحنا يعطينا درساً عظيماً عن التواضع و ممارسة ‏رسالته فهو يتحدث عن نفسه بصفة “مُرسل” في هذا المكان و يقدم نفسه لليهود ‏معاصريه بصفته ما هو إلا رسول من عند الله و بالتالى فهو ينفذ وصايا و تعليمات ‏من أرسله، وهو لا يشهد لنفسه لكن الآب يشهد له.‏
إننا فى هذه الحياة لأننا استقبلنا هذه الحياة من والدينا وفي النهاية من الله، فنحن لسنا ‏بداية الكون ولا نهايته. و بالتالى فنحن مدعوون من الله إلى هذا الوجود و زودنا الله ‏بصورته بالحق و الحرية و بالتالى فإن موقعنا سواء كان في أول الصفوف أو في ‏آخرها هو موقع للخدمة و تمجيد الله لا أكثر و لا أقل.‏
حسن ربما يستحسن الناس صنيعنا فيمجدوا ابانا الذى في السموات ولكن لسنا في هذا ‏الموقع أو في غيره لنحظى بالتصفيق المزيف فتمجيد الله هو اعتراف بالانسان الحى ‏الذى هو نحن ، أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم ‏.