stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

أية وتأمل

1kviews

mare_vitaumanaأية وتأمل : ويل للعالم من العثرات فلا بد أن تأتي العثرات ، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة

العثرة في اللغة تعني الوقعة أو السقطة.

ومعنى كلام الرب واضح وجليّ ، إذ لا بد أن يكون هناك سقطات وزلات ووقعات في مسيرتنا نحو الكمال في نور الرب، لكن من يسقط يجب ان ينهض ويتابع، وليس أن يقف مكانه ويتأمل في سقوطه ويحزن. السقطة ليست نهاية الطريق ولا هي مكان يجب الوقوف عنده، إذ أن الكنيسة جعلت في حياتنا الروحية الأسرار التي بها نتنقّى داخلياً ونتجدد في ممارستها، كالتوبة والإعتراف، وسر الشركة المقدس ( القربان أو الإفخارستيا ). السيد لم يقف في حديثه عند السقطات، ولا أوصد باب رحمته في وجه من يسقط، بل أكّد على أن السقوط هو أمر حتمي ومؤكد في مسيرة الصليب. لكنه كان واضحاً في تحذيره من مسبّبي تلك السقطات والوقعات، الذين بواسطتهم يسقط المؤمنون ويتعثرون في طريق القداسة. فكلامه كان جازماً بشأن من تأتي العثرات على يديه، سواء بقصد منه أو بدون قصد. 

من يأتي بالعثرات ؟ وما هي اهم العثرات؟ 

كل من فتح نفسه وقلبه لإبليس لكي يسود فيها دون المسيح، وكل من أوصد أبواب قلبه في وجه النور وفضّل أن يكون في الظلمة. لكن هناك كثيرين ممن اختاروا المسيح سيداً لحياتهم بملء إرادتهم، إلا أنهم سبب عثرة أخوتهم الصغار بحجة أنهم يريدون لهم الأفضل، ويريدون إصلاح حال المجتمع والكنيسة والشعب المؤمن. في رأيي هؤلاء هم الأخطر، لأن الشيطان يحملونه على اكتافهم وهم لا يعلمون . 

قد تكون من أبناء الكنيسة، ولكنك تعير إذنك لهذا وذاك ممن يحيطون بك أو تعاشرهم، فيسلّطون الضوء على مظاهر سلبية في الكنيسة والإكليروس لا بد وأن توجد في أي زمان ومكان. وتثور مدفوعاً بغيرة مُحبّة فتبدأ بنثر تلك السلبيات في المجالس والمحافل والاجتماعات ليس للبنيان بل بغية افتضاح الأمور والظهور بمظهر العارف والمُدرك والرافض لما يجري. وتكون عثرة للآخرين الصغار في المعرفة فيبتعدون بسببك عن الكنيسة . وقد تكون حاملاً غيرة إيليا وتظن أن الكنيسة جماعة من الملائكة لا يجوز لها أن ترتكب الأخطاء، ولربما ظننتَ أن الكاهن أو الأسقف هو إنسان معصوم عن أي كبيرة. ولا ترى نفسك وموقعك بل ترى أخطاءه وحسب، وتجعل منه مادة لحديثك في الجلسات. أنت معثرة لأخوتك الصغار لأنك ألقيت في قلوبهم الشك بالراعي، ومن خلاله بكل التعليم الذي هو مؤتمن على توصيله لهم، وبغض النظر عن شخصه وخطاياه. وربما ظننتَ أنك في موقع العالم بالأمر، والآخرين في موقع المتلقّي الذي لا يمنحهم أكثر من الجلوس بصمت والاستماع إليك، فما يأتي منك هو الحق بعينه. 

هذه الفوقية التي اكتسبتها هي خطيئة الكبرياء، وهي دافع ومحرك ومنتج للكثير من العثرات التي يمكن لها أن تأتي على يديك وتعثر أخوتك الصغار. ولعلّك غضبت من بعض المظاهر التي تراها سلبية في الكنيسة ولجانها، أو في الأشخاص العاملين فيها. وأنت من الخارج تريد انتقاد من يعملون لأن عملهم لا يعجبك، لكونه ليس على المقاييس التي تريديها. فتشغّل آلة النقد والذم ، سواء بلغة ناقدة أو حتى جارحة ، وتكون معثرة لأخوتك الصغار الذين يفقدون الثقة بالكنيسة ويعتبرونها كنيسة أولئك الذين يعملون فيها فقط، وليست للجميع بلا استثناء. 

ولربما أردت أن ترفع شأن كنيستك، أكليروساً وشعباً ، ولا تظن أنك بسلوكك تسقطها إلى الحضيض، وتؤثر على الصغار فيها سلبياً. 

أنت صانع عثرات وإنت لم تكن تدري ذلك. فربما تحاول أن تقدم لها شيئاً جديداً يتناقض مع ما تسلمته الكنيسة عبر العصور من الأوائل. الكنيسة ليست كنيسة تقليد ( بمعنى محاكاة الأقدمين اعتباطياً ) بل هي كنيسة تقليد متصل ( بمعنى أمانة تم تسليمها من جيل إلى جيل ) وحيّ لا ينقطع ولا يتبدل حسب الزمان والمكان . 

والعثرات ليست فقط في السلوك الشبابي فحسب ، وليست فقط في الدعوة لحفلة متزامنة مع صلاة أو وقداس أو سهرانية، وليست فقط في الاهتمام بحاجات الجسد دون الروح، وليست في بناء الجسد دون الروح وحسب .. بل العثرات في نشر الشكوك بالعقيدة والإيمان، وبالصلوات والأسرار، وبالكنيسة والرعاة، بالأخوة والأخوات الذين يعملون في حديقة الرب بملء إرادتهم وبلا مقابل. 

وهناك عثرات في القيم والفكر ، تزعزع أركان المجتمع بحجة الحريات الشخصية . كبث الفكر الإلحادي في الشباب وزعزعة إيمانهم بالله بحجة تحريرهم من تبعيته ، غير مدركين قول الرب له المجد ” وتعرفون الحق والحق يحرركم .. انا هو الطريق والحق والحياة “. 

هؤلاء غالباً ما يخلطون المفاهيم ولا يدركون – بقصد أو غير قصد – أن المسيحية لم تعلّم التبعية والخوف من الإله والخضوع له خوفاً من جبروته كباقي الأديان، بل هي الديانة الوحيدة التي تبشر بالإله المحبّ حتى الموت، الإله الذي يحب أبناءه ” حباً جنونياً ” على حد تعبير القديس نيقولا كاباسيلاس، الإله الذي لم يحسب نفسه خلسةً إلهاً بل انحدر إلى أبنائه وأطاع بصمت حتى موت الصليب. المسيحية هي الدين الوحيد على الأرض الذي لا يطلب تبعيّة بل يترجى مبادلة الحب الإلهي بحب مماثل، لكي تستقيم روحك وترتفع وتتنقى.الله قادر في المسيحية على كل شيء لكنه عاجز عن جعلك تحبه ، لأن الحب الحقيقي هو قرارك الحر. 

فليس من الحكمة أن نقبل أيها الأحباء أي فكر جديد، ” بل امتحنوا الأرواح : هل هي من الله ؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم ” ( رسالة يوحنا الأولى 4 : 1 ). والامتحان يكون في روح الكتاب المقدس وفي نور تعليم الكنيسة المقدسة ، التي هي عمود الحق وقاعدته وصاحبة السلطان الوحيد في إرشاد المؤمنين إلى الحق الصحيح كما يقول بولس الرسول للأساقفة ” احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة ، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه” ( أعمال الرسل 20 : 28 ). الله لم يقل أن الجميع في الكنيسة معلمين وأن الجميع هم عارفون بكل شيء ” فوضع الله أناسا في الكنيسة : أولا رسلا ، ثانيا أنبياء ، ثالثا معلمين ، ثم قوات ، وبعد ذلك مواهب شفاء ، أعوانا ، تدابير ، وأنواع ألسنة ” ( كورنثوس الأولي 12 : 28 ).

 

” وأطلب إليكم أيها الإخوة أن تلاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات ، خلافا للتعليم الذي تعلمتموه ، وأعرضوا عنهم ” ( رومية 16 : 17 )

 

منقول

http://www.serafemsarof.com/vb/showthread-t_4291.html