stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس: لقد حان الوقت لننظر إلى الأمام بشجاعة ورجاء

429views

16 أكتوبر 2020
الفاتيكان نيوز
كتبت رحيل فوكيه من المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر
“التربية هي على الدوام فعل رجاء يدعو إلى المشاركة المشتركة وإلى تحويل منطق اللامبالاة العقيم والمُشِلّ إلى منطق آخر مختلف، قادر على قبول انتمائنا المشترك”؛ هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في رسالة الفيديو التي وجّهها إلى المشاركين.
بمناسبة اللقاء الذي ينظّمه مجمع التربية الكاثوليكية في جامعة اللاتيران الحبرية في روما حول الميثاق التربوي العالمي، وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة فيديو إلى المشاركين قال فيها: عندما دعَـوتُـكم لبدء مسيرة التحضير والمشاركة والتخطيط لميثاق تربوي عالمي، لم نكن نتخيل أبدًا الوضع الذي كان سيتطور فيه؛ لقد عمل فيروس الكورونا على تسريع وتضخيم العديد من حالات الطوارئ التي واجهناها وكشف عن العديد من الحالات الأخرى. وكذلك تبعت الصعوبات الصحية مشاكل اقتصادية واجتماعية. وعانت أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم من الوباء على المستويين المدرسي والأكاديمي.
تابع الحبر الأعظم يقول: جرت محاولات في كل مكان من أجل تفعيل الاستجابة السريعة من خلال منصات تكنولوجيّة تعليمية، أظهرت لا فقط تباينًا ملحوظًا في الفرص التعليمية والتكنولوجية، وإنما أيضًا، بسبب الحَجْـر الصحّي والعديد من أوجه القصور الأخرى الموجودة، تأخّر العديد من الأطفال والمراهقين في العملية الطبيعية للتطور التربوي. ووَفقًا لبعض البيانات الحديثة من الوكالات الدولية، هناك حديث عن “كارثة تربويّة”: عبارة قوية بعض الشيء، ولكن هناك حديث عن “كارثة تربوية”، إزاء حوالي عشرة ملايين طفل قد يضطرون إلى ترك المدرسة بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن فيروس الكورونا، مما يزيد الفجوة التعليمية المثيرة للقلق (مع استبعاد أكثر من مائتين وخمسين مليون طفل في سن الدراسة من أي نشاط تربوي).
تابع الأب الأقدس بقوله: التربية هي على الدوام فعل رجاء يدعو إلى المشاركة المشتركة وإلى تحويل منطق اللامبالاة العقيم والمُشِلّ إلى منطق آخر مختلف، قادر على قبول انتمائنا المشترك. إذا كانت الفسحات التربوية اليوم تتوافق مع منطق الاستبدال والتكرار وغير قادرة على خلق وإظهار آفاق جديدة، تؤسس فيها الضيافة والتضامن بين الأجيال وقيمة التعالي ثقافة جديدة، أفلن يفوتنا الموعد مع هذه اللحظة التاريخية؟
أضاف الحبر الأعظم يقول: ندرك أيضًا أن مسيرة الحياة تحتاج إلى رجاء يقوم على التضامن، وأن كل تغيير يتطلب مسارًا تربويًّا، من أجل بناء نماذج جديدة قادرة على الاستجابة لتحديات وحالات الطوارئ في العالم المعاصر، لفهم احتياجات كل جيل وإيجاد حلول لها ولجعل بشريّة اليوم والغد تزدهر. نحن نعتقد أن التربية هي أحد أكثر الطرق فعالية لإضفاء الطابع الإنساني على العالم والتاريخ. إن التربية قبل كل شيء هي مسألة حب ومسؤولية تنتقل عبر الزمن من جيل إلى جيل. وبالتالي تقدّم التربية نفسها كالترياق الطبيعي للثقافة الفردية، التي تتدهور أحيانًا إلى عبادة حقيقية للأنا وإلى إعطاء أولوية للامبالاة. لا يمكن لمستقبلنا أن يكون الانقسام أو الافتقار لقدرات الفكر والخيال والإصغاء والحوار والتفاهم المتبادل. لا يمكن لهذا أن يكون مستقبلنا.
أضاف الأب الأقدس قائلًا: هناك لحظات في التاريخ، يكون فيها من الضروري اتخاذ قرارات أساسية، لا تعطي فقط بصمة لأسلوب حياتنا، ولكن وبشكل خاص موقفًا محددًا أمام السيناريوهات المستقبلية المحتملة. في الوضع الحالي للأزمة الصحية – المليئة باليأس والحيرة – نعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لتوقيع ميثاق تربوي عالمي للأجيال الشابة ومعها، يشرك العائلات والجماعات والمدارس والجامعات والمؤسسات، والأديان، والحكام، والبشرية بأسرها، في تنشئة أشخاص ناضجين.
تابع الحبر الأعظم “يقول: يُطلب منا اليوم الصدق الضروري لكي نذهب إلى أبعد من الرؤى الخارجية للعمليات التربوية، لكي نتغلّب على التبسيط المفرط في المنفعة، والنتيجة (الموحدة)، والوظيفة، والبيروقراطية، جميع هذه الأمور التي تخلط بين التربية والتعليم وينتهي بها الأمر بتفتيت ثقافاتنا؛ لا بل يُطلب منا اتباع ثقافة متكاملة وتشاركية ومتعددة الأوجه. نحن بحاجة إلى الشجاعة لكي نولِّد عمليات تفترض بوعي التجزئة القائمة والتناقضات التي نحملها معنا؛ الشجاعة لإعادة بناء نسيج العلاقات لصالح بشريّة قادرة على التحدث بلغة الأخوة. إنَّ قيمة ممارساتنا التربويّة لن تُقاس ببساطة بمجرد تخطّي الاختبارات الموحّدة، وإنما من خلال القدرة على التأثير في قلب المجتمع وإعطاء حياة لثقافة جديدة. إنَّ عالم مختلف هو ممكن ويتطلب منا أن نتعلم كيف نبنيه، وهذا الأمر يشمل إنسانيّتنا بأسرها، الشخصية والجماعيّة.
أضاف الأب الأقدس يقول: وبالتالي نناشد بشكل خاص، في جميع أنحاء العالم، رجال ونساء الثقافة والعلم والرياضة والفنانين والعاملين في وسائل الإعلام، لكي يوقعوا هم أيضًا على هذا الميثاق ويكونوا بشهادتهم وعملهم معزّزين لقيم الرعاية والسلام والعدالة والخير والجمال وقبول الآخر والأخوة. لا يجب أن نتوقع كل شيء من الذين يحكموننا، سيكون الأمر صبيانيًا. نحن نتمتع بمساحة من المسؤولية المشتركة قادرة على إطلاق وخلق عمليات وتحولات جديدة. علينا أن نكون جزءًا فعالاً في إعادة تأهيل ودعم المجتمعات الجريحة. نقف اليوم أمام فرصة كبيرة للتعبير عن كوننا إخوة، ونكون سامريين صالحين آخَرين يأخذون على عاتقهم آلام الفشل، بدلاً من إثارة الكراهية والاستياء. عملية متعددة الأوجه قادرة على إشراكنا جميعًا في إجابات مهمّة، حيث ينسجم التنوع والنهج من أجل البحث عن الخير العام. القدرة على خلق الانسجام: هذا ما نحتاج إليه اليوم.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، بشجاعة نود أن نلتزم، أخيرًا، بإعطاء الحياة، في بلداننا الأصلية، لمشروع تربوي، من خلال استثمار أفضل طاقاتنا بالإضافة إلى إطلاق عمليات إبداعية وتحولية بالتعاون مع المجتمع المدني. في هذه العملية، ستكون النقطة المرجعية العقيدة الاجتماعية التي، وإذ تستلهم من تعاليم الوحي والأنسنة المسيحية، تقدم نفسها كأساس متين ومصدر حي من أجل إيجاد الطرق التي يمكن -اتباعها في حالة الطوارئ الحالية. إن استثمار كهذا في التنشئة يقوم على شبكة من العلاقات الإنسانية والمنفتحة، يجب أن يضمن حصول الجميع على تعليم جيد، يتلاءم مع كرامة الشخص البشري ومع دعوته إلى الأخوَّة. لقد حان الوقت لننظر إلى الأمام بشجاعة ورجاء. ولذلك، لِـتَعضُدنا القناعة بأن بذرة الرجاء تسكن في التربية: رجاء سلام وعدالة؛ رجاء جمال وصلاح؛ رجاء انسجام اجتماعي. لنتذكر، أيها الإخوة والأخوات، أن التحولات العظيمة لا تُبنى على طاولة: لا. وإنما هناك “هندسة” للسلام تتدخل فيها مختلف مؤسسات المجتمع وأفراده، كلٍّ حسب اختصاصه ومن دون استثناء أحد. هكذا علينا أن نسير قُدُمًا: جميعًا معًا، كل فرد منا كما هو، ولكن علينا أن ننظر على الدوام إلى الأمام معًا، نحو بناء حضارة الانسجام والوحدة، حيث لا يوجد مكان لهذا الوباء السيئ لثقافة.
#البابا_فرنسيس
#الفاتيكان_نيوز