stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

الحبُّ المصلوب- إكليريكيّ/مايكل وليم

852views

images_01الحبُّ المصلوب- إكليريكيّ/مايكل وليم

   يختلف الحب المصلوب عن كل صور الحب البشرية، فهناك حبٌّ يتبعه رغبات شخصيّة ذاتيّة،

وهناك حبٌّ يعشق جمال الأجساد ويستمتع به فقط دون الدخول في علاقة حب حقيقية. ولكن الحب

المصلوب هو الوحيد الذي يعلن لنا المعنى الحقيقيّ للحبِّ. نعم، من أراد أن يحب فعليه أن

يستعد للألم وللصلب.

 

•        يظهر المعدن الحقيقي للحب من خلال الأزمات والمواقف الصعبة التي نمر بها في مسيرة

حياتنا وعلاقتنا مع الأشخاص. لذلك فعلينا أن نوجّه حياتنا ومراكز الأحاسيس لدينا إلى

المعنى الأعمق لحياة الحب الحقيقية، فننتقل من الحب المحسوس إلى الحب اللامحسوس، من

الحب المحدود إلى اللامحدود، من الحب الأرضيّ إلى الحب السماويّ .

•        الحب قيمة عليا تمنح الحياة معنىً سامٍ إذ يجعل المرء ينطلق من ذاته إلى الآخر ليحقق

وجوده فيه، فكل منا بحاجة إلى قلب مفتوح للدخول فيه والتعلّم منه. ولكن الانطلاق نحو

الآخر يتطلب تضحية وبذل حتى نقدر أن نتخلّى عن ذواتنا ونغوص في أعماق الآخرين من أجل

اسعادهم وتحقيق وجودهم. كل منا ليه الرغبة في أن يكون قلبًا مطعوناً بالحب والعطاء في

سبيل من نحبه.

•        يجد الحبُّ معناه الحقيقي داخل محبة الله للبشريّة، فمحبة الله هي الغذاء الذي يروي

ظمأ القلوب العطشى والجوعى للحب. أراد الله أن يعطي معنى للحب خارجًا عن إطار الشعارات

والهتافات بل داخل محيط الحياة والعمل، فكان حبُّه لنا بمثابة السراج المنير الذي يضيء

العالم كله، ويمنح الرجاء والفرح في كل أعمار المسكونة. تحقّق الحبّ الإلهيّ داخل أجواء

آلالام الصليب والهزء الذي تعرّض له مخلصنا من الإنسان الخالي من الحب. قَبِلَ أن يُربط

ليحلنا من رباطات الكراهية العمياء ويعطينا الحياة الأبدية التي لن يراها أحد إلا من

كان محبًّا لله وللآخرين. نعم، فالله هو الحب، ولن يسكن أحد مع الله إلا من جعل من الحب

قضية حياة يعيش لأجلها إلى آخر لحظة.

•        حب المصلوب يختلف كل الاختلاف عن حب العشيق البشريّ، فعندما نذهب بأبصارنا إلى

الجلجلة نراه معلّقًا على الصليب في مشهد محبة عجيب، الجنب مطعون بالحربة، والرأس مكلل

بالأشواك، واليدان مسمرتان بالمساميرن بل وأكثر من كل ذلك نجد قصة حبٍّ يعجز اللسان عن

وصفها، فحب المصلوب كان ومازال وسوف يكون إلى الأبد موضع سرور الآب. أنه حبٌّ حقيقيٌّ،

حبٌّ متجسد ملموس، حبٌّ مضحي، حبٌّ ناري قادر أن يجذب أقسى القلوب الحجرية، حبٌّ يعزفه

ويرنمه كل أبناء الحب.

•        أخوتي، علينا اليوم أن نكون أداة لنشر حب المصلوب وسط عالمنا الفقير للحب، وأن نعي

وندرك عظمة وقيمة الحب الإلهي ونجعل حبنا لبعضنا متجهًا نحو حب الله وتمجيد اسمه.

ولا يكون حبنا بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق. يجب علينا اليوم أن نكون أصوات حق

وحب تصرخ في وجه الشر والحقد والارهاب الذي يريد تدمير قيمة الحياة والحب. فإن صوت الحب

يعلو فوق كل أصوات العالم. 

              فيا مصلوب الحب هبنا حبك وسلامك، كي نقدر أن نعاين مجدك ونعمك،

                  ونفوز دائمًا بنهر سلامك ومراحمك يا مخلصنا الصالح. أمين

          إكليريكيّ/مايكل وليم