stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

الرجاء في الألم للاب بطرس أنور

994views

إنَّ عالم اليوم يُعاني من عدم الاستقرار والطمأنينة والصعوبات والتحديات والآلآم الكثيرة ، والأمراض الكثيرة المنتشرة منها السرطان، السكر، الضغط …صعوبات نفسية غيرها … الخ التّي تواجه إنسان اليوم ، حيثُ يئن المجتمع من الصعوبات والتقلبات والصراعات المُختلفة، وبالأخص الصراع الاقتصادي في توفير الحاجات الأولية للإنسان من المأكل والملبس والمشرب والمسكن. لذلك نحن في أمس الحاجة اليوم إلى هذه الفضيلة الإلهيّة، الّتي يُفيضها الله علينا ألاَّ وهي: فضيلة الرّجاء. الرّجاء فضيلةٌ إلهيّةٌ يُفيضها الله في نفوسنا، الرّجاء هو ثقةٌ في الله، الرّجاء هو الإيمان بالمستحيل ، هو نهاية عمل الإنسان المخلوق وبداية قدرة الله، هو انتقال الإنسان من دائرة الاعتماد على المنطق البشري إلى دائرة الاعتماد على المنطق الإلهي، هو عطيّةٌ مجانيّةٌ من الله تمنح حياةً جديدةً لمواجهة صعوبات الحاضر، الله هو أساس رجاءنا، فيسوع المسيح على الصليب يُقدّم لنا أروع مثالٍ على الرّجاء بتحمّله آلام البشريّة الخاطئة. ولذلك لا يخلص الإنسان بدون الرجاء، فكيف لنا أن ننال السّعادة الأبديّة، ونتغلب على الصعوبات إنْ كنَّا لا نرجوها ؟ فعلى المسيحي أن يُعلن رجائه مباشرةً في مواقف حياته، كما يقول القدّيس توما الأكويني: ” لا أحدٌ يذهب إلى الآب، ما لم يرجُ شيئًا منه”
إذا حاولنا أن ندرك الفرق بين الأمل والرّجاء، سنجد الأمل نزعةً وفضيلةً بشريّةً، مبنيّةً على أسباب ومؤشرات ودواع تُمهِّد لكلِّ مشكلةٍ مُعينة، وبالتالي فهي تخلق في الإنسان شعورًا بالطمأنينة والارتياح، هذا الأمل هو على مستوى بشريٍّ. بينما الرّجاء يبدأ عندما يختفي الأمل، لأنَّه مبنيٌّ على إيمانٍ بحت بقدرة الله، فالله هو مصدره، لذلك فالرّجاء على مستوى إلهيٍّ، فلا شيئًا يستطيع أن يُطفئه أو ينفيه أو يقهره، فهو مثل الشّعلة الصغيرة الّتي تنير ظلام الواقع وصعوباته، فهو أبقى من الزّمن وأقوى من الموت. ولذلك نري رجاء الله في الطبيعة والإنسان.
– رجاء الله في الطبيعة. كان هناك رجاء لتلك الأرض الخربة الخاوية المغمورة بالمياه، وعلي وجه الغمر ظلمة (تك1:1). وحقق الله لها هذا الرجاء حينما قال (ليكن نور فكان نور)
– هناك رجاء أيضًا حتى للخطاة في التوبة. السامرية ، المرأة الخاطئة، زكا …الخ وأيضاً رجاء اللص على الصليب في أصعب لحظات حياته، ولكن هناك سؤال مهم وهو ما الذي يجعلنا نفقد الرجاء:-
– اليأس :- هو عدم الثّقة في قدرة الله ونعمته الّتي تُساعدنا للوصول إلى الحياة الأبديّة، واليائس هو مَنْ لا يتجاوب على نعمة الله، ومن الممكن يعيش في خطئية معينة تدمر كل حياته، ولذلك علينا الخروج من اليأس بالتأمل في كلمة الله و التأمل في آلام المسيح على الصليب، و التأمل في حياة الخطأة التائبين.
– خطيئة عدم الثّقة:- عندما يصل الإنسان إلي لا يثق في الله فبالتالي لا يصلي ولا يسعي لتعميق إيمانه.
– خطيئة عدم الرّغبة في الله:- لا أٌريد الله، ولا أرغب فيه، لأن قلب الإنسان متعلق بالخيرات الأرضية. كما يذكر القدّيس أغسطينوس: ” شيئانِ يقتلانِ الأنفس اليأس والرّجاء الباطل” .
أحبائي، الرجاء الحقيقي يعني يجب علينا إذًا أن نعيش واضعين أرجلنا في أرض الواقع، مُتجهين بنظرنا نحو السّماء، مُتحملين صعوبات الحاضر في سبيل مجد الحياة الأبديّة مع المسيح، مُتذكرين قول بولُس الرّسول: ” فإنَّي أحسب أنَّ آلام الزّمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا” (رو8: 18).

إنَّ مجتمعنا المسيحي والمصري بالأخص يحتاج اليوم إلى شهودٍ للرّجاء، يساعدونا على تغيير نظرتنا من اليأس والإحباط الشّديد، الذّي نعيشه نتيجة المشاكل والصعوبات اليوميّة . شهادة الرّجاء هذه تتطلب أن نعيشها دائمًا مهما كانت الظّروف والصعاب، ممَّا يجعلنا مُستعدين دائمًا لمُجاوبة مَنْ يسألنا عن سبب الرّجاء الذّي فينا (1بط3: 15)، وأن نعيشها بفرحٍ؛ فالرّجاء الحقيقي هو أن نعيش وسط الصعوبات بقلبٍ فرحٍ مملوء بنعمة الله والثّقة المُطلقة في عنايته بنا مهما كانت الأحداث، فيجب علينا أن نتشبع بالرّجاء في حياتنا، وهو الرّجاء في شخص يسوع المسيح، حتّى يصبح الرّجاء جزءًا لا يتجزأ منَّا، فيظهر في كلامنا وسلوكنا وأفعالنا بطريقةٍ تلقائيّةٍ عفويّةٍ، وذلك لأنَّه نابعٌ من عمق أعماقنا.

 

المراجع:-
1- المجمع الفاتيكاني الثاني
2- تعليم الكنيسة الكاثوليكية
3- مدخل الي اللاهوت الادبي المطران كيرلس سليم بسترس