stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصرروحية ورعويةكنيسة الكلدان الكاثوليكموضوعات

العلاقة بين الله والانسان

325views

نقلاعن موقع بطريركية بابل للكلدان

11 فبراير – شباط 2021

كتب : فتحي ميلاد – المكتب الاعلامي الكاثوليكي بمصر .

الكاردينال لويس روفائيل ساكو

ايماننا المسيحي ينبغي ان يكون واضحاً ومفهوماً وواعياً لنلتزم به، وليس مجرد معلومات نُلَقَّن اياها سطحيّاً في التعليم المسيحي ثم لا تعنينا كثيرا. من هذا المنطلق أود ببساطة ان اوضح باختصار هذه المفاهيم الاساسية لمسيحيّتنا.

العلاقة بين الله والانسان

علاقة بُنيوية جوهرية وديناميكية وفقاً للديانات السماوية، وحتى في الديانات القديمة كالسومرية والبابلية ( ملحمة التكوين السومرية البابلية اينوما أليش) والمصرية مع بعض توصيفات حسيّة وخيالية متباينة. انها علاقة وجودٍ مصيرية متلازمة بين الله الخالق- علة الوجود والانسان المخلوق. الله ازلي- أبدي، والانسان زمني ” معدودة أيامه “، لكن الله منحه إمكانية الابدية، إنْ سلك بحسب مشيئته. ألابدية مستوى آخر من الوجود، نسميه الخلاص. ولهذه العلاقة بين الله والانسان أهمية كبرى في المسيحية واليهودية والاسلام، لان مستقبل الانسان مرتبط بالله.

الانسان على صورة الله

يقول سفر التكوين: ” فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ ومثاله. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَه” (1/26-27). لا يقصد الكتاب المقدس هنا الصورة الخارجية، اي الشكل المنظور لان الله روح، وانما تُشير “الصورة” الى الطاقة الفكرية ( العقل) والروحية من ارادة وحكمة وحُبّ وجمال وخير وبرّ، والقدرة على التواصل مع الاخرين والابداع. يقول الكتاب المقدس ايضا: ” ونفخ الله في أنفه نسمةَ حياةٍ فصار الانسان نفساً حيًّة” ( تكوين 2/7). هذا يعني ان الله الخالق والمحبة وَهَبَهُ امتيازأً ومسؤوليةً و فوضه لادراة الكون، مثلما فعل المسيح مع التلاميذ عندما نفخ فيهم الروح القدس( يوحنا 20/22) ليُفوِّضَهم مسؤولية التبشير بالانجيل.

الانسان على صورة الله، اي أعطاه بُعداّ إلهياً، لكنه ليس مساوياً له في الطبيعة والجوهر، اي في المستوى الانتولوجي، لان الله والانسان مستويان من الوجود مختلفان تماماً، انما العلاقة مع الانسان هي على المستوى الروحي، فالمثال – الشبه هو التحلي بصفات الله.

الثالوث المسيحي : لا يعكر البتة ايمان المسيحيين بالله واحد في ثلاثة اقانيم وحدانية الله في الجوهر. انهم يختمون دائماً شهادة ايمانهم بـ ” الاله الوحد آمين”. التمييز بين الاقانيم الثلاثة هو في الوظائف أو كما يسميها المتكلمون( اللاهوتيون) المسيحيون العرب الصفات الذاتية: أبوة وبنوة وروح قدس. الله محبة هذا هو الوحي المتميز في الايمان المسيحي. طبيعيٌّ ان سر الله لا يمكن للعقل البشري ادراكه تماما.

الالهي على الارض الانسان يسوع المسيح

جاء في انجيل يوحنا: “في البَدءِ كانَ الكَلِمَة، والكَلِمَةُ كانَ لَدى الله،… والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا، فرأَينا مَجدَه، مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ ( 1/1 و14). اراد الله ان يتواجد بين البشر من خلال يسوع المسيح لاهتمام بهم ، وتوجيههم وخلاصهم . وهذا يبين مدى محبة الله لهم. ورسم الانجيل تعليم – طريق يسوع، طريق النور حتى يسلكه البشر فتكون لهم الحياة: ” انا الطريق والحق والحياة” ( يوحنا14/6). المسيح هو المثال الرئيسي archetype الواقعي، وليس النظريٌّ لصورة الله والانسان كما نقول في القداس الكلداني: “مثال الله والانسان“. وتشرح موشحات سليمان القرن الرابع شكل هذه العلاقة: “صار شبيهاً بي، لكي أستقبلَه. بالشكل صار مثلي، لاتَّشِحَ به، لم أخَفْ لما رأيته، لانه صار لي من يُحبُّني بحنانه“(الأب أفرام سقط موشحات سليمان، دار المشرق، بيروت طبعة 2 2006، ص 105).

مضامين اخلاقية وروحية

الانسان خلق ليكون طاهراً وحرا وعاقلاً وحكيماً ومحباً، وفاعل الخير على صورة الله، اي مختلفاً عن الموجودات الطبيعية الاخرى. عليه ان يخلق تناغم البعدين الروحي والمادي في سلوك حياةٍ سليم، اي ان يُطابق حياته مع” المشيئة الالهية”.

هذا التدرج الموعود الى الحياة الابدية ( الخلود) يتحقق عبر الليتورجيا (الطقوس الدينية)، اي الصلوات والاسرار السبعة لاسيما الافخارستيا. ممارسات واعية تُنشيء وتُنمي هذه العلاقة. ” أخذ القربان والمشاركة في الأسرار، يوفر لنا القيامة والتنعم بالخلود” (ثيودورس اسقف المصّيصة، العِظات التعليمية، نقلها الى العربيىة وقدم لها، الخوري بولس الفغالي، دار المشرق بيروت 1989الموعظة 15/2-3).

باختصار: طريقُ الخلاص هو الاندماج المحب في المسيح: “لاني أحبّ ذلك الابن ( المسيح)، صرتُ إبناً. من إنضمَّ الى من لا يموت، صار هو أيضاً غيرَ مائتٍ. ومن يَسُرُّ بالحياة يُصبح حيّاً” (موشحات سليمان ص 97). وهذا هو معنى ترتيلنا صباحا ومساء: قدوس الله، قدوس القوي، قدوس اللامائت، ارحمنا”.

اتمنى لكو حياة مسيحية مليئة بالفرح