stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

الكاردينال تشيرني : السينودسيّة هي سمة أساسية للهوية الكنسية

453views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

31 ديسمبر 2020

كتب : فتحي ميلاد – المكتب الأعلامي الكاثوليكي بمصر .

في مقال نُشر في مجلة “La Civiltà Cattolica” يكتب أمين سرّ قطاع الهجرة واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة عن السينودسيّة داخل الكنيسة وفي تعليم البابا فرنسيس

ليست “مجرد عملية صنع قرار”، بل “سمة أساسية للهوية الكنسية”: هذه هي السينودسية، كما حددها الكاردينال مايكل تشيرني، أمين سرّ قطاع الهجرة واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة، في مقال نُشر في مجلة “La Civiltà Cattolica”. يكتب الكاردينال تشيرني إن السينودسية هي الطريقة التي “تجعل الكنيسة جميع أعضائها يتشاركون المسؤولية، وتعزز مواهبهم وخدمتهم، وتقوي أواصر المحبة الأخوية”. بهذا المعنى، تجد افتراضها في الدستور العقائدي “نور الأمم”: في هذا الدستور العقائدي للمجمع الفاتيكاني الثاني، في الواقع، “يتم تسليط الضوء مجدّدًا على أهمية العلمانيين في حياة الكنيسة”، إذ يدعون للمشاركة في إدارتها” بحسب مهامهم وأدوارهم وأساليبهم”. ولكن ليس فقط: ففي حين تشير المجمعيّة بشكل خاص إلى “ممارسة خدمة الأساقفة”، فإن السينودسيّة – كما يؤكد الكاردينال تشيرني – هو مفهوم “أوسع”، لأنه “يتضمن مشاركة وإشراك شعب الله بأسره في حياة الكنيسة ورسالتها”. هذا هو المعنى الذي يعطيه البابا فرنسيس لكلمة “سينودس”، أي ليس فقط معنى “البنية الكنسية”، وإنما أيضًا “الشكل المرئي للشركة”، “مسيرة الأخوة الكنسية التي يشارك فيها جميع المعمدين ويساهمون بشكل شخصي”.

يكتب أمين سرّ قطاع الهجرة واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة أيضًا “السينودسيّة هي المسيرة التي يتوقعها الله من كنيسة الألف الثالث”، كنيسة “كهرم مقلوب”، “تنسق جميع الأفراد الملتزمين فيها: شعب الله، مجمع الأساقفة، وخليفة بطرس. تفسير واضح لهذا المفهوم – يذكر الكاردينال تشيرني – نجده في الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل”، الذي يُحدِّد السينودسيّة بأنها “شرط أساسي لا غنى عنه لإعطاء الكنيسة دفعة إرسالية متجددة”. لدى الكنيسة الكثير لتتعلمه بشكل خاص من العلمانيين، على سبيل المثال في مجالات “التقوى الشعبية، والالتزام بالعمل الراعوي الطبيعي، والمهارات الثقافية والتعايش الاجتماعي”. لدرجة أنه – وكما قال القديس جون هنري نيومان – “ستبدو الكنيسة سخيفة بدونهم”. ويؤكد الكاردينال تشيرني في هذا السياق أن العوائق موجودة بالطبع، مسلطًا الضوء على الافتقار إلى تنشئة ملائمة وذهنيّة إكليروسيّة تحيل المؤمنين العلمانيين إلى “دور ثانوي”.

ومع ذلك، فهذه عقبات يجب تخطّيها، لأن “المسؤولية المشتركة لشعب الله كله في رسالة الكنيسة” تتطلب مشاركة أكثر فاعلية من قبل العلمانيين. بهذا المعنى، يحدد الكاردينال تشيرني أيضًا الدستور الرسولي “Episcopalis Communio”، الذي أصدره البابا فرنسيس في عام ٢٠١٨: وثيقة “تطبع تقدم مقارنة بالمجمع الفاتيكاني الثاني” لأنها “تترجم الحجج النظرية إلى ممارسة كنسية”. يصبح الاصغاء أمرًا أساسيًا: بالنسبة لشعب الله والرعاة وأسقف روما. بهذه الطريقة فقط يمكن أن يبدأ التطبيق العملي السينودسي وبهذه الطريقة فقط “تكون المجمعيّة في خدمة السينودسيّة”.

تابع أمين سرّ قطاع الهجرة واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة يقول أداة أساسية أخرى لتطبيق السينودس هي “الخيار التفضيلي للفقراء” وهو “ليس تفضيلاً ذات طبيعة اجتماعية، بل هو تفضيل لاهوتي بحت لأنه يؤدي إلى عمل الله الخلاصي”. بعيدًا عن أي تعبير عن “الطيبة الساذجة”، ينبغي الاعتراف بهذا الخيار “كجزء لا يتجزأ من الأناجيل وعملية التحول التي أطلقها المجمع”: في ذلك الوقت، في الواقع، قيل إنّه على الكنيسة أن تنتقل من “ممارسة خيرية”، يكون فيها الفقراء مجرد “موضوع” للرعاية، إلى “الاعتراف بهم كأعضاء في شعب الله وموضوعًا لتحريرها”. في ذلك الوقت كما هو الحال الآن: دعا البابا فرنسيس دعا مرارًا وتكرارًا إلى الإدماج “الفعال والملموس” للفقراء والمهاجرين واللاجئين والنازحين الداخليين، وحثَّ على عدم “إسقاط برامج الرعاية الاجتماعية من فوق”، وإنما إلى الاعتراف بهؤلاء الأشخاص كـ “عاملين فاعلين للبشارة”. إنَّ اللقاء مع الفقراء – كما يؤكد الكاردينال تشيرني – هو فرصة مواتية لكي نسمح للمسيح بأن يبشرنا.

ومن هنا تنبع أيضًا حماية الخليقة، “بيتنا المشترك”: إنَّ الاهتمام بالبيئة والاهتمام بالفقراء مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، كما يذكِّر الكاردينال تشيرني، لا بل “جميع الأمور مرتبطة ببعضها البعض”، كما ورد في الرسالة العامة الثانية للبابا فرانسيس “كُن مسبّحًا” حول العناية بالبيت المشترك. ولكن ماذا يجب أن نفعل لكي تنمو السينودسية في الكنيسة؟ يقترح الكاردينال إطلاق “عمليات ارتداد” تهدف إلى “شركة إدماجيّة”، شركة تشمل جميع مكونات شعب الله، ولا سيما الفقراء. في الواقع، بدون “القبول المتبادل”، يمكن للهياكل الكنسية وأدوات الشركة أن تكون “غير كافية لتحقيق الغرض الذي خُلِقت من أجله”.

يركز الجزء الأخير من مقال الأب تشيرني على طريقة عمل البابا فرنسيس ويكتب أمين سرّ قطاع الهجرة واللاجئين في الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشرية المتكاملة إنَّ الحبر الأعظم ليس لديه أفكار جاهزة يريد تطبيقها على أرض الواقع، ولا خطة أيديولوجية جاهزة للإصلاحات”، ناهيك عن “استراتيجيات مصممة للحصول على نتائج إحصائية أفضل”. بدلاً من ذلك، يتقدم البابا فرنسيس “على أساس التجربة الروحية والصلاة”، التي يشاركها “في الحوار والتشاور والاستجابة الملموسة لحالات الضعف والمعاناة والظلم”. وينتج عن ذلك أن “الالتزام الأوّلي والمعيار لكل عمل اجتماعي لشعب الله هو الاصغاء إلى صراخ الفقراء والأرض والتذكير بالمبادئ الأساسية لعقيدة الكنيسة الاجتماعية”، بما في ذلك ” كرامة الإنسان غير القابلة للتصرف، والتوجيه العالمي للخيور، وأولوية التضامن، والحوار الهادف إلى السلام والعناية بالبيت المشترك”.