stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة اللاتين الكاثوليك

الكنائس الكاثوليكية فى مصر معالم ومعانى : بازيليك السيدة العذراء للاتين الكاثوليك بمصر الجديدة

1.3kviews

دراسة وتحقيق : ناجح سمعـان

 ربما يتشابه الحكى عن بناء كنيسة السيدة العذراء للاتين الكاثوليك بحى بمصر الجديدة مع ما تعيشه العاصمة المصرية القاهرة من نهضة عمرانية وتوسع جغرافى نحو تعمير الصحراء بالمشروعات الانتاجية ودور العبادة بجانب المؤسسات الحكومية والقطاعات الخدمية ، فأن تقوم بتخطيط مدينة جديدة أنت تمتلك رؤية استشرافية بعيدة للمستقبل ، وان تقوم بتنفيذ ما خططته ، فانت بلا شك قادر على التغيير  والتنمية لا فى الحجر فحسب بل فى ملامح مجتمع يتشكل وحياة بشر يتطلعون إلى افق أرحب فى الأرض والحلم . وقديماً عندما شرع البلجيكى الجنسية البارون ادوراد امبان فى تأسيس ” هليوبليس ” حى مصر الجديدة بالعاصمة القاهرة أوائل القرن العشرين أراد ان تكون الكنيسة لؤلوة مشروعه وفى القلب من حلمه ، لذا جاء تصميم كنيسة بازيليك السيدة العذراء للاتين بحى مصر الجديدة تحفة معمارية ورسالة حضارية تعكس قصتها معنى ان يكون لله باكورة العطية فى المادة والروح معاً .

لمحة تاريخية :

منذ عام 1904 بدأ البارون امبان مشروعه بشراء 2500 هكتار فى الصحراء شرق القاهرة ثم اتسعت عام 1906 إلى 8000 هكتار ما يقارب 25 كيلو متر مربع وبدأ فى تنفيذ مخططه فى انشاء مدينتة الجديدة تلك التى اراد ان يكون بها جميع مرافق البنية التحتية اللازمة من كهرباء ومياة وفنادق بالإضافة إلى ملاعب الجولف ومضامير سباق الخيول والمنتجعات الراقية حتى بدأت الحياة تدب فى المكان رويداً رويداً . لما كان البارون امبان من عائلة مسيحية تقية وكان يوجد بالقرب من منزل العائلة بمقاطعة بلوئيل صورة عجائبية للعذراء مريم تسمى سيدة الطونجر حيث يفد إليها الزوار من كل صوب فى العالم . لذا اراد البارون امبان تحقيق هذا المشهد الروحى على ارض احلامه هليوبليس . اختار البارون امبان موقع لبناء كنيسة باسم السيدة العذراء فى قلب مدينته الناشئة وعلى مفترق الطرق الرئيسية بها وقد عهد إلى المهندس الكسندر مارسيل بوضع خرائط الكنيسة ثم قام بوضع حجر الاساس فى نوفمبر 1910 .

اللوحة الرخامية :

عند مدخل الكنيسة توجد اللوحة الرخامية الموضوعة فى الواجهة الاساسية لمدخل البازيليك وتحمل اللوحة اسم الكنيسة ” بازيليك السيدة العذراء للاتين الكاثوليك ” . هذا هو اسم الكنيسة ووصفها ايضاً لأن كلمة البازيليك هى كلمة يونانية تعنى كنيسة ملوكية لها انعام اخاص تتميز عن سائر الكنائس وهو لقب يمنحه قداسة البابا لبعض الكنائس المتميزة وذلك لخير المؤمنين الروحي .

مبنى الكنيسة :

الكنيسة مبنية على الطراز البيزنطى وقريبة الشبه من الداخل والخارج بكنيسة سانت صوفيا باسطنبول حيث انها نموذج مصغر بنسبة الربع عن كنيسة سانت صوفيا . تبدو العمارة الشرقية ممثلة فى الطرازات البيزنطى والقبطى والفرعونى ممتزجة مع العمارة الغربية الواضحة فى الطراز الرومانى البارز فى الشبابيك والارشات .

واجهة الكنيسة :

واجهة الكنيسة عمل فنى بديع تبدو عظمة الطراز البيزنطى فى الاعمدة الرخامية والاقواس المزخرفة إلى جانب السلالم الجرانيت عند المدخل . كذلك تعكس الشبكة الحديدية البلجيكية التى تم تركيبها عام 1929 قوة المبنى والحرص على السلامة .

البهو الخارجى :

فى البهو الخارجي للكنيسة يرحب بك قديسان عظيمان الاول القديس يوحنا دون بوسكو من ناحية اليمين ويقابله على الجانب الايسر تمثال القديس الفرير دى لاسال . وفى الوسط منهما يقع الباب الرئيسى للكنيسة حيث تتأمل مجسم فنى للرب يسوع يقرع الباب وعلى الجانب الاخر شمعة مضيئة تقود الداخلين إلى نور الحياة .

الأبواب :

للكنيسة خمسة ابواب ، ثلاث عند المدخل واثنين بجانبي الكنيسة . الابواب جميعها من الخشب ومتساوية الحجم تشبه فى تصميمها ابواب القصور أو القلاع الحربية حيث تحيط اطرافها دوائر خشبية بارزة أشبه براس المسمار الحديدى .

صحن الكنيسة :

يقسم البازيليك من الداخل إلى جزأين اساسيين الاول هو المذبح المقدس حيث مكان وقوف الكاهن والشمامسة لصلاة القداس . والقسم الثانى المخصص لجماعة المؤمنين ويسمى القاعة او الصحن حيث تصطف به المقاعد لجلوس المصلين ويتزين صحن الكنيسة بالعديد من الايقونات والتماثيل والصور .

المذبح الرئيسى :

مائدة من الرخام الابيض تقع فى اول الكنيسة وتقدم عليها القرابين فى القداس الالهي . يوضع على المذبح الاوانى المقدس ” الكاس والصينية ” إلى جانب كتاب القداس والانجيل المقدس . تحاط المائدة بالشموع والورود . وعلى واجهة المذبح الأمامية يوجد ثلاث صلبان بنية اللون ومنحوتة فى حائط المذبح الرخامى فى مواجهة المصلين .

الحنية :

تشير إلى حضن الآب وهى نصف دائرية وتحتضن المذبح الرئيس بداخلها . بجدار الحنية سبع ارشات صغيرة  تعلق القناديل باعمدتها . وتعلو الارشات السبعة نافذات سبعة مكسوة بالخشب والزجاج الملون وفى اعلى الحنية صليب قبطى داخل القبة نصف الدائرية .

بيت القربان :

وسط الحنية يوجد بيت القربان حيث الحضور الحقيقي ليسوع المسيح فى سر الافخارستيا . وبيت القربان عبارة عن علبة مذهبة أمامها صليب كبير . واعلى بيت القربان يقع تمثال السيدة العذراء شفيعة الكنيسة وهى تحمل طفلها الإلهى على ذراعها الايسر وترتدى ثوباً بني اللون وعلى راسها المبارك تاج بذات اللون .

ايقونة العذراء :

عندما ترفع بصرك إلى نهاية القبة نصف الدائرية أعلى المذبح الرئيسى تتأمل ايقونة السيدة العذراء والدة الاله تفتح ذراعيها المباركين ويحيط بالسيدة ملاكين فى خشوع . فيما تصور الايقونة الطفل يسوع فى حشى البتول رافعاً يده المقدسة بالبركة وفى يده الاخرى ورقة مطوية . وما يميز الايقونة ايضاً النجوم الثلاثة التى تزين كتفي العذراء وجبهتها المباركة وهى تشير إلى بتولية مريم العذراء الدائمة قبل واثناء وبعد الحبل الالهي . والايقونة من عمل الرسام المصري ديمترى فاسيليو .

القبة الكبرى :

أبرز ما يميز كنيسة البازيليك بمصر الجديدة تصميمها على غرار كنيسة القديسة صوفيا باسطنبول مع الفارق ان قبة كنيسة القديسة صوفيا بارتفاع 55 متر وقائمة على اربعة اعمدة . اما قبة كنيسة البازيليك بمصر الجديدة فهى بارتفاع 32 متر كما تبلغ مساحة قطرها 13 متر وقائمة على أربعة اعمدة كبيرة ايضاً . وبالقبة 20 نافذة مكسوة بالخشب والزجاج وهو ما يتيح الاضاءة الطبيعية والتهوية لأهم مكونات الكنيسة .

الأعمدة :

فى جوانب الكنيسة الثلاث يتوزع اثنى عشر عمود . اربعة فى كل جانب ويربط كل عمودين قوس خرسانى مدهون باللون الابيض الحجري ومحاط باطار من اللون الذهبي . اعمدة الكنيسة من الرخام بنية اللون ولكل عمود قاعدة مربعة الشكل وراس مزركش باوراق الاشجار ويتوج راس العمود فى جوانبه الاربعة بصلبان بيزنطية ذهبية اللون .

المذابح الجانبية :

إلى جانب المذبح الرئيسي الذى تقام عليه القداسات توجد ثلاثة مذابح اخرى بصحن الكنيسة وهى مذبح لقلب يسوع الاقدس ومذبح للقديسة تريزا الطفل يسوع ومذبح للقديس يوسف البتول

الإمبل :

يوجد الامبل فى مقدمة صحن الكنيسة وهو كرسي من الخشب يرتفع عن مستوى ارضية الكنيسة بعدد من الدرجات وكان يصعد إليه قديماً الاب المطران لالقاء العظة حتى يتسنى لجميع المصلين رؤيته وسماع تعليمه .

الزجاج المعشق :

يزين صحن الكنيسة بأربعة نوافذ مربعة الشكل ومكسوة بالزجاج المعشق بالألوان . وعلى كل نافذة ترسم لوحة فنية بديعة وتتضح معالم الرسم عند سقوط اشعة الشمس عليها . واللوحات الاربعة هى بشارة الملاك لمريم العذراء ، ميلاد الطفل يسوع فى مغارة بيت لحم ، مجئ العائلة المقدسة إلى مصر ، وقيامة الرب يسوع من بين الاموات . والنوافذ الاربعة موزعة فى الزوايا الاربع للبازيليك .

جرن المعمودية :

عند مدخل الكنيسة من الجهة اليمنى يوجد جرن المعمودية وهو جرن على شكل الكاس ويتكون من ثلاثة اجزاء . الجزء العلوى غطاء الجرن وبه تمثال معمودية يسوع على يد يوحنا المعمدان . والجزء الثانى المغطس وهو المكان الذى توضع به الماء عند نوال الطفل لسر المعمودية . واخيراً قاعدة الجرن وهى مربعة الشكل وبها زخارف وفى كل جانب من الجوانب الاربعة تمثال صغير للمبشرين الاربعة متى ومرقس ولوقا ويوحنا .

لوحة العماد :

فى خلفية جرن المعمودية توجد لوحة زيتية مربعة الشكل تصور عيد الظهور الإلهى حيث معمودية يسوع على يد يوحنا المعمدان وحلول الروح القدس عليه فى هيئة حمامة واعلى الصورة مشهد للآب السماوى فاتحاً ذراعيه مردداً هذا هو ابنى الحبيب به رضيت .

الارغن الكبير :

الارغن من اهم المعالم المميزة لكنيسة بازيليك السيدة العذراء بمصر الجديدة وهو اكبر ارغن بمصر اذ يصل ارتقاعه إلى 5 امتار وعرضه 4 امتار صنع فى بلجيكا عام 1914 .  وقد قامت إدارة البازيليك باعمال صيانة واصلاح للارغن مرتين متتاليتين فى الاعوام من 1982 حتى 1992 حتى تم اصلاحه كاملاً عام 2009 حيث عاد إلى العزف من جديد بكامل طاقته مع الاحتفال باليوبيل المئوى للبازيليك عام 2010  .

قبو المؤسس :

اسفل المذبح الرئيسى للبازيليك يوجد القبو الذى يرقد به جثماني رجليين جليلين اختارا ان يكون رقادهما الاخير فى بيت الله انهما البارون ادوار امبان وابنه جون امبان . الغطاء الرخامي للقبو  يحمل شارة البارون امبان وعندما ينحسر قليلاً قليلاً امام ناظريك ترى المرقد المهيب حيث تظهر عدد من الدرجات الرخامية الهابطة إلى الاسفل وبنهايتها ترى القبو وهو عبارة عن مستطيل من الرخام الاسود قمته مثلثة ومحفور على واجهته بحروف مذهبة اسمى الراحلين البارون ادوار امبان ( 1852 – 1929 ) وابنه جون امبان (1902 – 1946 ) وعلى الجانبين صورتين فوتوغرافيتين لكل منهما ويوضع بجوار القبر اكليل من الورود  .

الموقع والرسالة :

يحتل بازيليك السيدة العذراء للاتين موقعاً فريداً ليس فى قلب حى مصر الجديدة وحده بل فى قلب الكنيسة الكاثوليكية بمصر كلها ، فهو معلم حضارى ومزار دينى كبير يحمل رسالة اشعاع روحى لقاصديه وهو ما يجعل القائمين عليه فى مسيرة دائمة للاصلاح والتطوير لمحتوياته الثمينة لقناعتهم الراسخة برسالته الجليلة وجلال موقعه ولسان حالهم يقول ” ما هذا الا بيت الله وهذا باب السماء ” .