stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعوية

المرشد الروحي – الأب د. بيشوي راغب

1kviews

direttoreالمرشد الروحي – الأب د. بيشوي راغب

الاستعدادات الأساسية الاستعدادات الأساسية للمرشد الروحي: يتطلب أي نوع من أنواع المسيرة المشتركة سواء على المستوى الروحي أو النفسي استعدادات أساسية هامة يجب أن تتوفر في شخص المرشد الروحي أثناء اللقاء. وقد اقترح روجرز بعض الاستعدادات في المجال العلاجي والتي يمكن تطويعها لخدمة الإرشاد الروحي. ولا غنى للمرشد الروحي عن هذه الاستعدادات إذ أنها تساعد المؤمنين الذين يلتجئون إليه على اكتشاف الذات والتعمق في معرفتها. 

وها نحن نلقي الضوء على أهم هذه الاستعدادات: 

1- المصداقية 

يمكنا أن نعرّف بطريقة عامة المصداقية أنها عكس الزيف. وهي الصورة الفعلية التي ترفض أي قناع… إنها الصورة الحقيقية التي يكونها المرء عن نفسه. هذا ما يجب أن يعيشه دائماً المرشد الروحي قابلاً نفسه كما هو، مقيماً علاقة حرة أصيلة مع ذاته ومع الآخرين ومع الله. وعلى المرشد الروحي أن يعرف ذاته على حقيقتها وأن يقبل حتى الجوانب السلبية لشخصيته دون أن يختبئ وراء رسالته. وتساعد مصداقية المرشد الروحي المؤمنين في معرفة ذواتهم وقبولهم لأنفسهم كما هم. ولا يجب على المرشد الروحي أن يظهر غير ما يبطن. فإذا ما شعر بشيء سلبي تجاه المؤمن أثناء لقاء المساعدة فعليه ألاّ يخدع المؤمن مظهراً له عكس هذا الشعور، بل يجب عليه أن يظهر له شعوره الحقيقي معلناً أن هذا هو انطباعه الشخصي ولكن يشترط في ذلك أن يكون قد اكتسب ثقة المؤمن حتى لا يسبب له جرحاً أو نفوراً. ومن جهة أخرى فنحن نؤيد أن المرشد غير ملزم بكشف حالته الداخلية أمام العميل، ولكن لا يحوز له خداع من يلجأ إليه بثقة. إن المصداقية تسمح بإقامة حوار متسم بالثقة والصراحة مما يساعد المرشد على إظهار ردود أفعاله بدون لبس. 

ويصف روجرز مصداقية المساعد في لقاء المساعد بقوله: 

“إذا استطعت أن أقيم علاقة مساعدة مع نفسي، أي أنني إذا استطعت أن أكون واعياً بمشاعري ومستعداً لمواجهتها فإن احتمال إقامة علاقة مساعدة مع الآخرين يكون كبيراً جداً”. إذا نقصت المصداقية نقص بالتالي وضوح الاتصال وسبّب تشتتاً وأقام حاجزاً من عدم الثقة بين المرشد والمؤمن وبين المؤمن وذاته وربما بين المؤمن والله. أما توافر المصداقية فيساعد المرشد على خلق جو من الصراحة والثقة المتبادلة في الحوار، ويعي المؤمن ذلك ومن ثم يعتبر المرشد أهلاً للثقة، فيجد نفسه مستعداً لتخلي عن المواقف الدفاعية وعن الأقنعة التقليدية وأن يقر بصراحة بحدوده. 

2- تفهّم متعاطف عرفت السيدة Kingt وهي إحدى مساعدات كارل روجرز مفهوم التعاطف: 

“إنه القدرة على الغوص في عالم الآخرين ومشاركهم خبراتهم بقدر ما يسمح بذلك التواصل اللفظي وغير اللفظي. وبعبارة أسهل هو القدرة على وضع النفس مكان الآخر ورؤية العالم كما يراه هو”. كما يمكن وصف التفهم المتعاطف بأنه إحساس بمركزية الآخر. ويقوم هذا الإحساس في استقبال وإرسال المعنى الذاتي والموضوعي للتواصل أي فهم المضمون المادي للتواصل والحالة النفسية التي يعيشها الآخر…

إنه لفهم شخص آخر لا غنى عن الدخول في عالمه الباطني والشعور بمشكلته وتشخيصها والتعبير عنها واحترام طريقته في التعبير عن خبرته الخاصة. ولكي يصل المرشد الروحي إلى التفهم المتعاطف مع المؤمن أثناء اللقاء يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الجانب العاطفي أثناء الحوار، ولكن عليه أن يحذر من الوقوع في مطابقة أحاسيسه الخاصة مع أحاسيس المؤمن. أضف إلى ذلك أنه يجب أن يجد الطريقة التي يفهم بها نفسه والواقع مع التركيز على المضمون والمحتويات الموضوعية للمشكلة والبعد عن الانفعالات الشخصية. كل ذلك وهو بعيد عن آرائه الشخصية ليتمكن من ملاحظة الواقع ودراسته كما لو كان هو المؤمن نفسه. بعد أن يعرض المؤمن مضمون الموضوع يعيد المرشد الروحي صياغته دون أن يبتعد عن معناه الحقيقي سواء بالإضافة أو بالحذف مكتفياً بتحديد حالة المؤمن بوضوح ومحاولاً التعمق في حالة المؤمن الباطنية التي لا يستطيع هو أن يعبّر عنها. وهكذا يستطيع المرشد الروحي أن يكون رفيق مسيرة للمؤمن وأن يدخل في عالمه ليكتشفه ويفهمه ويقبله ويعيشه ويثمر فيه. كل ذلك بشرط أن يكون متعاطفاً معه وأن يعبّر له عن هذا التعاطف. 

3- تقدير إيجابي ودود يقوم هذا الاستعداد في موقف باطني مليء بالثقة- من جهة المرشد- في ملكات وكنوز الشخص الذي يطلب المساعدة، وفي مفهوم إيجابي ومتفائل للطبيعة البشرية، وفي حساسية خاصة، تجاه القيم وقبول واحترام كل شكل من أشكال خبرة المؤمن والاقتناع بأن هذا الشخص يستحق الاستقبال والاستماع والحب. ويعرّف Anger التقدير الإيجابي الودود بالعبارة التالية: “إنه موقف داخلي للمستشار يعتبر بموجبه العميل شخصاً مقبولاً وموضع عطف وحب”. ويخلق هذا الموقف مناخاً ملائماً لعلاقة دافئة يشعر فيها المؤمن بأنه مقبول تماماً ومحبوب حقيقة مما يولّد فيه وعياً ورغبة في استمرارية الحياة. ويجب على المرشد الروحي أثناء لقاء المساعدة أن يترك جانباً مقاييس رؤيته الخاصة الموضوعية لكي يستطيع أن يغوص في عالم المؤمن الشخصي ولكي يقبله كما هو، وأن يتحاشى الدخول في نقاش حول الموضوع والمعنى والقيمة الأدبية بطريقة موضوعية. هذا القبول غير المشروط يجعل المؤمن قادراً أن ينظر إلى حالته بثقة وأن يتخلص من الصراع الداخلي وأن يشعر أنه مدفوع إلى تحقيق ذاته خلال نموه الإنساني والروحي.

أما عدم وجود هذا القبول المتفهم والودود فقد يثير في المؤمن الإحساس بأنه مرفوض. ويولد فيه هذا رد فعل سلبي تجاه المرشد وتجاه الكنيسة وتجاه الله. ومن ثم يشعر بالخذل وأنه غير قادر على التغلب على مشكلته بل ويصاب باليأس. وتقوم فاعلية التقدير الإيجابي في القدرة على تحييد حالة القلق التي قد تنتاب المؤمن. وهكذا يستطيع أن يجد توازنه وأن يشعر بالتشجيع لمعرفة ذاته وقبولها. كما يثير القبول الإيجابي في المؤمن صورة جيدة عن نفسه والتقدير الحقيقي لذاته والثقة التي تساعده على الوصول إلى استقلالية الشخصية السوية. ولذلك يجب على المرشد أن يظهر اهتماماً وحباً صادقاً وتقديراً عميقاً حقيقياً لشخص المؤمن. ويثير هذا الموقف في المؤمن فرح الإحساس بتقدير الآخرين له وسعادة بقدراته الشخصية والرغبة الأصيلة في النجاح في حياته. وهكذا عزيزي القاريء نختتم رحلتنا إلى عالم هذه الشخصية الفريدة شخصية المرشد الروحي حيث تعرفنا على شخصه وعلى دوره الروحي والنفسي وكذلك على مزاياه وصفاته. وأخيراً تناولنا في هذا المقال الاستعدادات الأساسية التي يجب أن تتوافر فيه أثناء قيامه بلقاء المساعدة حتى يكون اللقاء ناجحاً ومثمراً. أما شخصية العميل المؤمن الذي يطلب المساعدة فلنا معه هو أيضاً رحلة أخرى….!