stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أدبية

الوصايا العشر – الأب د./ أنطون فرنسيس

4kviews

10_commandamenti_400مقدمة عامة

الوصايا عطية حب الله لنا:

الله محبة. وفي محبته، خلق الإنسان، ليشركه في الحياة والسعادة. وعلى الإنسان أن يكون شاهداً لحب الله خالقه. ولكي نصبح شهوداً لله، لابد أن نعرفه ونعاشره، بأن نعيش في علاقة وثيقة وعميقة معه. والله ذاته يدعونا إلى هذه المعايشة. والحياة مع الله هي العودة إلى مصدر وجودنا.ومن الطبيعي أن يسأل الإنسان عما يجب أن يفعله ليصون هذه المعايشة، ويعمقها ويقويها. والله في حبه، لم يترك الإنسان يعيش في الحيرة. وإنما كشف لنا عن ذاته، وعن مشروعه وتدبيره لنا. وهذا الكشف هو الوحي الإلهي، الذي يتجلى كاملاً في شخص يسوع المسيح.  

وتحتفظ الكتب المقدسة بجوهر هذا الوحي الإلهي. وتقدم لنا صوراً مختلفة عن علاقة الله معنا. وأجملها وأسماها صورة شركة الحب الزواجي، المبني على اختيار الله الحر لشعبه ورعايته لهم بحب فائق.وكم يختلف حب الله عن حب الإنسان. فالبشر يميلون دائماً إلى تجربة واختبار من يحبونه، للتأكد من حبه والاطمئنان إلى استمراره. أما الله فيحب دون حدود ولا شروط.ورغبةً في حفظ الإنسان في شركة الحياة والسعادة، أراد الله أن يبين له الطريق المضمون إلى ذلك. فأعطى الله للإنسان الوصايا، لكي تضئ له الطريق الصحيح، وترشده إليه. فالوصايا علامة حب من الله لنا. ومن يعمل بالوصايا يصير علامة وشاهداً لحب الله، الحاضر والعامل وسطنا: “وأية امة كبيرة لها سنن وأحكام صادقة، مثل هذه الشريعة التي أنا أتلوها عليكم اليوم” (تث8:4).

العهد والوصايا  

عقد الله عهداً مع شعبه، ليرعاهم ويقودهم دائماً إلى طريق الحياة والسعادة. وأعطاهم الوصايا، التي تحفظهم في هذا الطريق. فهي علامة العهد وسبيل تحقيقه: “والله أخبركم بعهده، الذي أمركم أن تعملوا به، وهو الوصايا العشر” (تث13:4).العمل بالوصايا هو إذن جواب المحبة على حب الله لنا. وهو يحقق تكريساً، أي تخصيصاً متبادلاً بين الله وشعبه: “لتدخلوا في عهد الرب إلهكم… الذي يقطعه معكم اليوم. ليقيمكم له هنا أمة. ويكون لكم إلهاً” (تث11:29).الوصايا هي كلمات الله. هي إعلان عن الله ذاته. فمن يقبلها ويعمل بها، يقبل الله ويعايشه. ومن يرفضها يرفضه. وعندما اكتملت “كلمة الله” في المسيح، صارت وصايا المسيح هي كمال الشريعة، من يقبلها يقبل المسيح، ومن يرفضها يرفضه.

الوصايا في حياة شعب العهد

الوصايا هي إذن طريق مضمون لحياة شعب العهد، في عشرة المحبة مع الله: “والآن يا بني إسرائيل، اسمعوا السنن والأحكام التي أعلمكم إياها، لتعلموا بها فتحيوا، وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب الإله آبائكم. لا تزيدوا كلمة على ما آمركم به، ولا تنقصوا منه. واحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أوصيتكم بها” (تث1:4-2).ووصايا الله مصدر حكمة فريدة لشعب العهد. فالحكمة الحقيقية اشتراك في حكمة الله: “فاحفظوها واعملوا بها، لأنها تُظهر حكمتكم وفهمكم في عيون الأمم، الذين إذا سمعوا بها يقولون: “هذا الشعب العظيم شعب حكيم فهيم حقاً” (تث6:4).

هي علامة حضور الله الدائم وسط شعبه: “فأية أمة كبيرة لها آلهة قريبة منها كالرب إلهنا حينما ندعوه؟ وأية أمة كبيرة لها سنن وأحكام صادقة مثل هذه الشريعة، التي أنا أتلوها عليكم اليوم؟” (تث7:4-8).ترتبط الوصايا بالاختيار. إنها هبة يمنحها الله لمن اختارهم. وأساس هذا الاختيار هو حب الله لا غير: “لأنه أحب أباءكم واختار نسلهم من بعدهم” (تث37:4). والله أمين لعهده: “فانتم شعب مقدس للرب إلهكم، الذي اختاركم من بين جميع الشعوب التي على وجه الأرض. لا لأنكم أكثر من جميع الشعوب، فأنتم أقلها. بل لمحبته ومحافظته على اليمين التي حلفها لآبائكم” (تث6:7-8). 

الوصايا في تدبير العهد الجديد

وفي تدبير العهد الجديد، أعلن المسيح نفسه مكان ودور الوصايا. تبقى الوصايا سبيل الحياة الحقيقية. سأل الشاب الغني يسوع: “ماذا أعمل.. لأنال الحياة الأبدية؟” :فأجابه يسوع: “إذا أردت أن تدخل الحياة، فاعمل بالوصايا” (مت16:19-19). أما جوهر وروح وكمال الوصايا، فهو أن يكون الله وحده الأول والآخر في حياتي: “إذا أردت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع ما تملكه، ووزع ثمنه على الفقراء، فيكون له كنزاً في السموات وتعال اتبعني” (مت21:19).”جاء يسوع لا ليبطل الشريعة، بل ليكملها” (مت17:5). وكمال الشريعة هو الدخول في روحها، الذي هو روح الله، المحبة: “ما هي أعظم وصية في الشريعة؟… أحبب الرب إلهك… أحبب قريبك” (مت34:22-40)، (تث5:6، أحبار18:19).

لماذا نتهرب من الوصايا؟ 

إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نتهرب من العمل بالوصايا؟ ولماذا يرفضها الكثيرون، ولا يريدون أن يسمعوا الكلام عنها؟ السبب الحقيقي هو المفهوم الخاطئ عن الوصايا.يرفض كثيرون المفهوم الفريسي الخاطئ عن الوصايا. بالغ الفريسيون في تقديس الشريعة، إلى درجة أنهم وضعوا الخلاص في تتميم فروضها. وانتهى الأمر إلى التزمت والاكتفاء بالحرف والشكل الخارجي. فصارت الشريعة والوصايا عبئاً ثقيلاً، يهرب منه الإنسان.وينفر البعض من الوصايا، لأنهم يرونها قيوداً ضد حرية الإنسان. ويرجع هذا الموقف إلى الفهم الخاطئ للحرية. فالحرية الحقيقية لا تعني أنني أستطيع أن أختار الصح إذا شئت، أو أن أختار الغلط إذا شئت، دون فرق، وحسب متطلباتي ورغباتي الشخصية. وإنما هي اختيار مبني على القيم الأدبية الصحيحة، وترجمة لها في الواقع العملي. وفي آخر الأمر، الحرية هي أن أعيش مسئولية الحب، بالاختيار الصحيح ونجد نصوص الوصايا في (خر2:20-17)و (تث6:5-21).

تقسيم الوصايا

يمكن أن نقسّم الوصايا العشر كالآتي:

1- وصايا خاصة بالعلاقة بالله:

1-  الوصية الأولى: “أنا هو الرب إلهك، الذي أخرجك من أرض مصر، من دار العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى سواي”.لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة… لا تسجد لها ولا تعبدها” (تث6:5-9).

2-  الوصية الثانية: “لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً” (تث11:5).

3-  الوصية الثالثة: “احفظ يوم السبت وقدسه” (تث12:5).

2- وصايا خاصة بالعلاقة بالقريب كشخص:وعددها خمس وصايا

1-  الوصية الرابعة: “أكرم أباك وأمك” (تث16:5).

2-  والخامسة والثامنة: “لا تقتل… لا تشهد على أحد شهادة زور” (تث17:5و20).

3-  والسادسة والتاسعة: “لا تزنِ… لا تشته زوجة أحد” (تث18:5و21).

3- وصايا خاصة بالعلاقة بالقريب فيما يخص ممتلكاته:

1-    الوصية السابعة: “لا تسرق…

2-    الوصية العاشرة: “لا تشته… شيئاً مما لسواك”(تث 19:5و21).

عن مجلة صديق الكاهن/4/1995