stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ايليا النبي‎ ‎‏2‏‎- ‎ الصحراء

1.5kviews

ايليا النبي‎ ‎‏2‏‎ ‎
الصحراء

للأب هاني باخوم ‏

يُعلن ايليا الجفاف اذاً للشّعب كي يرجع ويتوب الى الإله الحقيقي، كي يترك “بعل” وأوهام ‏الخلاص الآتية منه ويرجع الى المصدر الوحيد للسّعادة. لكن الجفاف لا يكفي. الصّعاب لا ‏تكفي كي يرجع الشّعب الى الرّبّ: الإنسان يستبدل “بعل” بآخر. فإذا فشلت آماله في الحصول ‏على السّعادة من الزّواج، يبحث عنها في ضمان مستقبله. وإذا فشلت في الحصول على الماء، ‏اي الحياة من المال يبحث عنها في الجنس او في شيء آخر. الإنسان كما الشّعب مصنع ‏للأوثان. وامام هذا لا تكفي احداث الموت كي تُعرّف الإنسان حدوده وتُظهر خيبة “بعل”. فما ‏الذي سيفعله الرّبّ لكي يخلص شعبه الذي لم يعد يستمع اليه؟ الذي لم يعد يتعرّف عليه في ‏الأحداث اليومية؟
الرّبّ يُحضِر ايليا، ويجعل من حياته صورةً ونموذجاً لكي ينظر الشّعب اليه، فيرى تدخل ‏الرّبّ في حياته لعله يفهم عندئذ تدخله في حياته كشعب. نعم دور ايليا ليس فقط ببساطة قول ‏شيء ما من عند الرّبّ، وما اسهل ذلك!! دوره الأساسي هو ان يترك حياته بين يدي الرّبّ كي ‏يجعل منها علامة تُظهر للشّعب حبّ هذا الإله. نعم حياة ايليا ستصبح علامة لما يفعله الرّبّ ‏مع الشّعب؛ مطلوبٌ منه ان يترك حياته لله، كي يستطيع ان يَظهر فيها للشّعب. فمن يرى ‏النّبي سيمجد الله ولن يمتدح ببساطة حسن اخلاق ايليا.‏
نعم الرّبّ يُحضر ايليا ويرسله ليتنبأ، وبعد هذه النّبوءة ، يعم الجفاف الأرض، وتتحوّل ‏اسرائيل شيئاً فشيئاً الى صحراء. عندئذ يظهر الرّبّ لإيليا ويأمره بالهروب الى الصّحراء حيث ‏لا حياة، وهناك سيدبر حياته. لذلك يرسله ليختبر تدبيره وسط الموت والجفاف وكعلامة للشّعب ‏بأن الصّحراء ليست المشكلة، ولكن المشكلة هي على اي “إله” يعتمدون؟ وفي اي “إله” ‏يضعون ثقتهم؟
‏ ايليا يدخل في الطّاعة، يذهب حيث لا امكانية للحياة، يثق بالرّبّ، “بإله اسرائيل”. وفي ‏الصّحراء، مكان الموت، يختبر ايليا الحياة، يختبر تدبير الله. يرسل له اللّحم والخبز صباحاً ‏ومساءً. كما كان الشّعب يأكل في البرية عند خروجه من ارض مصر (خر 16: 8، 12). ‏وكأن الله يعيد خروج شعبه ثانية من ارض مصر، من ارض العبودية، من الموت الذي دخل ‏فيه، من عبودية فرعون الجديد “بعل”، من عبودية الآلهة المزيفة. الله يفعل هذا في شخص ‏ايليا، وكما ذكرنا من قبل، كعلامة ودليل بل وعربون عما يمكنه فعله مع كلّ الشّعب. ‏
هذا ما يفعله الله مع ايليا، يرسل له الغربان حاملة الخبز واللّحم. الغربان هي طيور نجسة ‏بالنسبة لإسرائيل، لا تلمس، ممنوع اكلها ( لا 11: 15) لأنها قبيحة وتحيا على الجثث (ام ‏‏30: 17) ومعروف عنها انها تسكن الأماكن المدمرة والخربة (اش34:11). هذا الطّير ‏النّجس الذي يعلن وجوده حالة الخراب، حالة الدمار والفوضى التّامة لأرض اسرائيل، يصبح ‏وسيلة في يد العناية الإلهية لإطعام ايليا، وكأنّ الله يقول له ان هذا الخراب ليس من اجل ‏الهلاك الأبدي بل من اجل حياة جديدة. ومعه يقول لي ولك، لا تتشكك من صعاب الحياة التي ‏تحيطك، لا تتعثر من الصّليب، من الآلام، من الموت، او من الوحدة… لا تتعثر. ففي قلب هذا ‏الجفاف الرّبّ قادر على ارسال من يَرويك.‏
ايليا يختبر توابع خطيئة شعبه. الشّعب لم يتب حتى الآن فيستمر الجفاف ويجفّ حتّى النّهر ‏الّذي كان يشرب منه ايليا. النّبي هو شخص يقاسم الشّعب حياته وحالته لكن بدون الخطيئة. ‏يقاسم الشّعب توابع الخطيئة الّتي لم يقترفها، فيرى الجفاف، يرى النّهر جافاً ولكنّه مازال يثق ‏بالرّبّ لأن الخطيئة لم تفسده، ومازال يرى عمل الله الخلاصي. ‏
فيظهر له الرّبّ ويأمره بشيء جديد، شيء اصعب، سيدخله في علاقة مع آخرين، فلا يبقى ‏وحيداً في الصّحراء…‏
فإلى المرّة القادمة……‏
ايام مباركة‏