stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

بطرس كان ملوماً _ أغسطينوس

197views

نقلا عن موقع المدونة الآبائية

“ولكن لما أتى بطرس الى انطاكية قاومته مواجهة لانه كان ملوما. لأنه قبلما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الامم ولكن لما اتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من الختان. وراءى معه باقي اليهود ايضا حتى ان برنابا ايضا انقاد الى ريائهم. لكن لما رايت انهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الانجيل قلت لبطرس قدام الجميع ان كنت وانت يهودي تعيش امميا لا يهوديا فلماذا تلزم الامم ان يتهودوا. نحن بالطبيعة يهود ولسنا من الامم خطاة. إذ نعلم ان الانسان لا يتبرر باعمال الناموس بل بايمان يسوع المسيح امنا نحن ايضا بيسوع المسيح لنتبرر بايمان يسوع لا باعمال الناموس … لأنه ان كان بالناموس بر فالمسيح اذا مات بلا سبب” (غلا 2)

عندما جاء بطرس إلى أنطاكية، وبخَّ من قِبَل بولس، لا لمراعاة العوائد اليهودية التي فيها ولد ونشأ – بالرغم من عدم مراعاته لها بين الأمم – بل لكونه يريد أن يفرضها على الأمم. لقد فعل بطرس ذلك بعد رؤيته بعض الناس الذين قدموا من عند يعقوب (أي من اليهودية، إذ أن يعقوب كان يترأس كنيسة أورشليم). بطرس خشيَّ من هؤلاء الناس الذين كانوا لا يزالوا يعتقدون أن الخلاص يعتمد على الممارسات والتقاليد اليهودية. ونتيجة لذلك، أفرز نفسه من الأمم، وتظاهر بموافقته على أنهم يجب عليهم تحمُّل تلك الأعباء الاستعبادية – وهذا الأمر واضح بما فيه الكفاية من توبيخ بولس.

إذ أنه لم يقل “إذا كنت وأنت يهودي تعيش أممياً لا يهودياً كيف يمكنك العودة إلى عادات اليهود؟ بل بالأحرى قال: “فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا”؟ كان من الضروري له أن يقول هذا لبطرس أمام الجميع، حتى يتسنى له من خلال توبيخ بطرس تصحيح الوضع بالنسبة للجميع. لأنه ما كان يمكن أن يكون التصحيح بشكل خاص مفيداً نظراً لأن الخطأ تسبَّب في الضرر بشكل علني . وأود أن أضيف أن بطرس – الذي قال له الرب ثلاث مرات: أتحبني؟ أرع خرافي ـ بدافع من المحبة والصمود، كان على أتمة الاستعداد بأن يتحمل هذا التوبيخ من راع أصغر لخلاص الرعية.

علاوة على ذلك، أثبتَّ بطرس بتحمله للتوبيخ أنه جدير بالاعجاب جداً بل ويصعب التشبه به. لأنه من السهل أن ترى ما تود تصحيحه في شخص آخر وتشرع في القيام بذلك بتوجيه اللوم والنقد، غير أنه من الصعب جداً أن ترى ما يجب تصحيحه في نفسك، وأن تكون مستعداً لهذا التقويم، حتى بواسطة ذاتك، ناهيك عن أن يكون التصحيح بواسطة آخر، بل وآخر أصغر منك، وكل ذلك أمام الجميع!

هذه الحادثة هي بمثابة مثال عظيم على التواضع – الفضيلة الأثمن التي يتدرب عليها المسيحي – إذ أن المحبة تكون محفوظة بواسطة التواضع. ولا شيء ينتهك المحبة هكذا بسرعة مثل الكبرياء. ولذلك، لم يقل الرب “احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني أقيم جثث لها أربعة أيام من القبر، وأخرج الشياطين والأمراض من أجساد الناس، وأشياء أخرى من هذا القبيل”، بل قال بالأحرى: “أحملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب” (مت 11). فالأعمال الأولى هي آيات الحقائق الروحية، أما أن تكون وديعاً ومتواضعاً ومحافظاً على المحبة فهذه هي الحقائق الروحية ذاتها. فالناس الذين أصبحوا مستغرقين في الأمور الجسدية وعاجزين عن التأثر بما هو عادي ومألوف يتم هدايتهم بمثل هذه الآيات نحو الحقائق، وذلك عندما توقظهم الحوادث الجديدة غير المتوقعة (المعجزات) نحو التماس الإيمان بالأشياء غير المرئية.

هكذا وبالتالي، إذا تعلّم أيضاً أولئك الذين كانوا يحاولون إجبار الأمم على العيش كاليهود ما تعلمه بطرس من الرب – كيف يكون وديعاً ومتواضعاً – يمكنهم أن ينجذبوا بمثال تصحيح هذا الرجل العظيم فيقتادوا به ولا يفترضوا أن إنجيل المسيح هو نوع من الدين الذي يُدفع نظير برهم. بدلاً من ذلك، يتعلمون “أن الانسان لا يتبرر باعمال الناموس بل بايمان يسوع المسيح” – أي أن الشخص يحقق أعمال الناموس لا بأستحقاقه الشخصي بل بنعمة الله – ومن ثم لا يطالبون الأمم بالالتزام بشعائر الناموس الجسدية، عالمين أن الأمم يمكنهم تحقيق أعمال الناموس الروحية من خلال نعمة الإيمان.

———————————-

Reference: Augustine’s Commentary on Galatians, Early Christian Studies, Oxford University Press
ترجمة المدونة الآبائية
تم النشر قبل 12th January 2013 بواسطة Peter