stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

تأملات في الميلاد- الإكليريكي/ مايكل وليم

851views

g_bambinoتأملات في الميلاد- الإكليريكي/ مايكل وليم

طفل المغارة تحت لواء الفقر. فيسوع المسيح الإله المتجسّد وُلد تحت لواء وشعار الفقر،
متخذاً من الفقر منهجاً وأسلوباً وطريقاً يسلك به وسط جميع البشر. فيالعظم حبك يارب،
أنت الغني فى كل شيء، أنت الذى لا يحده مكان، أنت الذى خلقت الكل بكلمة من فيك، وُلدت
فى مغارة حقيرة، لتقول لكل العالم أن العظمة الحقيقية ليست فيما يملكه الإنسان ولكن
فيما يتخلى ويتجرَّد عنه ويعطيه للآخرين.
طفل المغارة تحت لواء الفقر، فمن أراد أن يتبعنى فلينكر ذاته، فليزهد فى آرائه
وإمكانياته، وليتبع فقط فكر المسيح الذى يقودنا إلى الموت، ومن الموت حتماً يقودنا إلى
القيامة. فهذا هو الدرس الذى أعطاه المسيح بفقره أن نقتل كل بخلٍ وكل حسدٍ وكل كبرياءٍ
وتباهى داخلنا، وهذا هو العنف الذى يجب أن نقوم به حتى نبنى مدينة المحبة والسلام التى
أنشدتها الملائكة بكل فرح “المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وللناس المسرة”
طفل المغارة تحت لواء الفقر، لا يمكن لأحد أن يحتفل بعيد الميلاد إن لم يكن فقيراً
بالروح، فالذين يحبون أنفسهم، والمتكبرون، والذين يحتقرون الآخرين، من علو ذواتهم،
والذين فى غنى تام عن الله، لا يمكنهم أن يعرفوا ما هو عيد الميلاد. فبدون الفقر الروحى
لا يستطيع الله أن يملأ القلوب. ولكن مع كل أسف عالم اليوم أصبح يقول طوبى للأغنياء،
لأن قيمتك هى فيما تملك. أما طفل المزود يقول هذا كذب، بل طوبى للفقراء لأنهم  لا يضعون
ثقتهم فى ما هو زائل.
طفل المغارة تحت لواء الفقر، يعلن لنا يسوع من مغارته رفضه لعنف السيف والحقد، وتشجيعه
لعنف المحبة والأخوة، عنفاً يحول القلوب الحجرية إلى قلوب لحمية، عنفاً يحول الصحراء
الجرداء إلى أرض خصبة. فالمحبة إذاً  تطالب أولاً بما هو حقٌّ وعدلٌ فى سبيل بناء حضارة
شعارها المحبة وأساسها العدالة الاجتماعية وعمودها احترام كرامة الإنسان البشرية
والإنسانية، فكرامة الإنسان اليوم تُهدر وتُداس يوماً بعد يومٍ، وصوت الظلم والقتل
والعنف والتطرف يعلو إلى فوق، ولقد تحولت القلوب من أماكن حياة إلى سيوف للدمار
وللهلاك.  
طفل المغارة يدعونا اليوم بقلب مملوء بمحبة إلى أن نحب بعضنا بعض، ونجعل المحبة قوة
لإيماننا، ولا يجب أن نخاف من أى قوة خارجية تعمل على زعزعة الإيمان، فالإله المتجسد فى
بيت لحم يدعونا للنظر إلى ذواتنا ولقمع ثورات كبريائنا، وأن نزيل جذور البخل والحسد
والكبرياء.
أيها الأخوة:
ستمر ساعة المحنة والضيقة، وسيبقى الإشراق هو الطريق الوحيد أمامنا. فإن كنا نعيش فى
ليل مظلم ، فهناك الإيمان الذى يُشدِّد رجائنا بأن الفجر سيظهر بعد الليل، وها هو
الرجاء الذى لا يموت قد وُلد فى مزود، وسكن بيننا، حتى يملأ قلوبنا. ياليت مُلك الظلم
والشر والخطيئة والظلام يزول من مجتمعنا وبيوتنا وقلوبنا، وأن ننقد الخطيئة وكل صورها،
كى لا نُسبِّب ألماً لطفل المغارة إله الكون كله.
                                كل عام وأنتم بخير وبرفقة طفل المغارة
                                                             الإكليريكي/ مايكل وليم