stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

تأمل الأب جورج جميل

190views

تامل الثلاثاء

يا ربي يسوع؛ أشكرك في هذا الزمن المقدس لأنك وهبتني خلاصك وافتديتني بدمك على الصليب، آتي إليك ملتجئاً لرأفتك لترحمني وترافقني في كل خطوة أتخذها في حياتي ﻷني بدونك لا أستطيع شيئاً، فيا معلمي وراعي الصالح؛ علمني أن لا أصوم بجسدي عن الطعام فقط بل لأصوم بنفسي أيضاً عن كل الرغبات والأفكار والأقوال والأفعال التي لا ترضيك.

علمني كيف أصوم بصلاة روحي وبشوق قلبي الذي يتوق للتلامس مع روحك القدوس؛ علمني يارب كيف أتبع إلهاماته وأترك كل تعلق أرضي، فيغدو صيامي لك ومعك، يا من حولت الماء إلى خمر بعرس قانا، حول جوعي إلى اشتياق للدخول إلى حضرتك والتأمل بمدى حبك لي فتمتلئ حياتي بنعمة روحك وأعيش مع إخوتي معنى كلمتك: “ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب”.

شكراً لك يارب لأنك تستمع صلاتي وتستجيب لي أنا الخاطئ .. لك المجد إلى الأبد. آمين.

التوبة من أهم شروط الصيام:

جاء يسوع إلى الجليل يُعلن بشارة الله، فيقول: “حان الوقت واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالبشارة” (مرقس 14:1-15). كُتُب العهد الجديد كلها تبيّن بوضوح أن أعمال يسوع وأقواله، لا بل حياته كلها، وبالأخص موته على الصليب وقيامته من القبر، تتمحور حول إعلان ملكوت الله وتحقيقه بين البشر.

ملكوت الله هو تلك الحقبة من التاريخ التي فيها قرّر الله أن يحرر الإنسان من سيطرة الخطيئة والشرّ، داعياً إياه إلى العيش في ظل رحمته ومحبّته وإلى الاشتراك في حياته وسعادته (راجع لوقا 1:15-32).

مزامير

بِكَ ٱعتَصَمتُ، يا رَبّ
فَلَن أَخزى إِلى ٱلأَبَد
بِكَرَمِكَ أَنقِذني وَنَجِّني
أَرهِف أُذُنَكَ وَخَلِّصني

كُن لي مَلجَأً عَزيزا
وَحِصنًا حَصينًا لِتُخَلِّصَني
فَإِنَّما أَنتَ صَخرَتي وَحِصني
إِلَهي، نَجِّني مِن يَدِ ٱلآثِم

فإِنَّكَ لي، أَيُّها ٱلمَولى، ٱلرَّجا
وَمُعتَمَدي، يا رَبُّ، مُنذُ ٱلصِّبا
مُذ كُنتُ في ٱلرَّحِمِ، كانَ عَلَيكَ مُعتَمَدي
وَمُذ كُنتُ في أَحشاءِ أُمّي كُنتَ لي سَنَدي
يُحَدِّثُ لِساني بِكَرَمِكَ
وَطَوالَ ٱليَومِ بِخَلاصِكَ

فَما عَرَفتُ لَهُما حَصرا
أَللَّهُمَّ، إِنَّكَ عَلَّمتَني هَذا مُنذُ شَبابي
وَها إِنّي ما زِلتُ بِمُعجِزاتِكَ مُخبِرا

إنجيل القدّيس يوحنّا 38-36.33-21:13

في ذلك الزَّمان: إِذ كانَ يَسوعُ مُتَّكِئاً مع تلاميذِه: اضطَرَبَت نَفْسُه فأَعلَنَ قال: «الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِنَ واحِدًا مِنكُم سَيُسلِمُني
فنَظَرَ التَلاميذُ بَعضُهُم إِلى بَعضٍ حائِرينَ لا يَدرونَ على مَن يَتكلَّم.
وكانَ أحدُ تَلاميذِه، وهو الَّذي أَحبَّه يسوع، مُتَّكِئًا إِلى جانبِ يسوع،
فأَومَأَ لَه سِمْعانُ بُطرس وقالَ له: «سَلْهُ على مَن يَتَكَلَّم».
فمالَ دونَ تكلُّف عَلى صَدرِ يَسوع، وقالَ لهُ: «يا ربّ، مَن هو؟»
فَأجاب يَسوعُ: «هو الَّذي أُنَاولُه اللقمَةَ الّتي أغمِسُها». فَغَمَسَ اللقمَةَ ورَفَعَها وناوَلَها يَهوَذا بن سِمعان الإسخريوطيّ. فما إن أَخَذَ اللُقمَةَ حتَّى دَخَلَ فيه الشَيطان.
فَقَالَ لَه يَسوع: «إفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل».
فلَم يَعلَمْ أَحَدٌ مِنَ الَّذينَ عَلى الطَّعام لِماذا قالَ له ذلك،
ولمَّا كانَ صُندوقُ الدَّراهِمِ عِندَ يَهوذا، ظَنَّ بَعضُهم أَنَّ يسوعَ قالَ له: اِشتَرِ ما نَحتاجُ إِلَيهِ لِلعيد، أَو أَمَرَهُ بِأَن يُعطيَ الفُقَراءَ شَيئًا
فتَناوَلَ اللُّقمَةَ إِذًا وخرَجَ مِن وَقتِه، وكانَ قد أَظلَمَ اللَّيل.
فلَمَّا خَرَجَ قالَ يسوع: «الآنَ مُجِّدَ ابنُ الإِنسان، وإِذا كانَ اللهُ قد مُجِّدَ فيه فسَيُمَجِّدُه اللهُ في ذاتِه وبَعدَ قليلٍ يُمَجِّدُه
فسَيُمَجِّدُه اللهُ في ذاتِه وبَعدَ قليلٍ يُمَجِّدُه.
يا بَنِيَّ، لَستُ باقِيًا مَعَكُم إِلاَّ وَقْتًا قليلاً فستَطلُبوني وما قُلتُه لِليَهود أَقولُه الآنَ لَكُم أَيضًا: حَيثُ أَنا ذاهِب لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا.
فقالَ لَه سِمعانُ بُطرُس: «يا ربّ، إِلى أَينَ تَذهَب؟» أَجابَ يسوع: «إِلى حَيثُ أَنا ذاهبٌ لا تَستَطيعُ الآنَ أن تَتبَعَني، ولكِن ستَتبَعُني بَعدَ حين».
قالَ له بُطرُس: «لِماذا لا أَستَطيعُ أَن أَتَبَعَكَ الآن؟ لأَبذِلَنَّ نَفْسي في سَبيلِكَ».
أَجابَ يسوع: «أَتبذِلُ نَفْسَكَ في سبيلي؟ الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: لا يَصيحُ الدِّيكُ إِلاَّ وقَد أَنكَرتَني ثَلاثَ مَرَّات.

القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا
«فَغَمَسَ اللقمَةَ ورَفَعَها وناوَلَها يَهوَذا بن سِمعان الإسخريوطيّ»
حين ناول الربُّ، الّذي هو “خُبزُ الحَياة” (يو 6: 35)، اللقمةَ لذاك الرجل المَيْت، ودلّ من خلال ذلك على ذاك الذي سيخون الخبز الحيّ، قال له: “اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”. هو لم يأمر بارتكاب الجريمة؛ بل كشف عن أذيّتها ليهوذا وأعلن عن خيرنا. ألم يكن تسليم الرّب يسوع المسيح الأمر الأسوأ بالنسبة إلى يهوذا، والأمر الأفضل بالنسبة إلينا؟ إذًا، يهوذا الذي ألحق الأذى بنفسه كان يعمل لمصلحتنا بدون علمه بذلك.

“اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”. هذا كلام رجل مستعدّ، وليس كلام رجل غاضب. كلام لا يعلن عن عقاب ذاك الذي خان، بل عن مكافأة الفادي لنا، وافتدائه لنا. حين قال الرّب يسوع المسيح “اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”، لم يكن يريد انتقاد جريمة الكافر، بل كان يبحث عن الإسراع في خلاص المؤمنين. “أُسلِمَ إِلى المَوتِ مِن أَجْلِ زَلاَّتِنا؛ أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها” (رو 4: 25؛ أف 5: 25). هذا ما جعل القدّيس بولس يقول: “أَحبَّني وجادَ بِنَفْسِه مِن أًجْلي” (غل 2: 20). في الواقع، ما كان أحد ليستطيع أن يسلم الرّب يسوع المسيح لو لم يُسلم نفسه… حين خانه يهوذا، فإنّ الرّب يسوع المسيح هو من أسلم نفسه؛ فاوض الأوّل على عمليّة البيع، فيما فاوض الثاني على افتدائنا. “اِفعَل ما أنتَ فاعِلٌ وعَجِّل”: هذا لا يعني أنّك تمتلك القدرة على القيام بذلك، لكنّها كانت إرادة ذاك الذي يستطيع كلّ شيء…

“فتَناوَلَ يهوذا اللُّقمَةَ إِذًا وخرَجَ مِن وَقتِه، وكانَ قد أَظلَمَ اللَّيل”. وذاك الذي خرج كان هو بنفسه الليل. إذًا، حين أتى الليل، قال الرّب يسوع: “الآنَ مُجِّدَ ابنُ الإِنسان!” إذًا، فقد نقل النهار للنهار كلمته (مز 19[18]: 3)، أي أنّ المسيح أوكل تلاميذه سماع كلمته واتّباعها بالمحبّة… سيحصل أمر مشابه حين سيزول هذا العالم الذي هزمه الرّب يسوع المسيح. حينها، بعد أن يتوقّف نمو الزؤان بين القمح، “سيشعّ والصِّدِّيقونَ كالشَّمْسِ في مَلَكوتِ أَبيهِم” (مت 13: 43).