stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

خطاب البابا إلى قضاة محكمة دولة حاضرة الفاتيكان

571views

نقلا عن الفاتيكان نيوز

15 فبراير 2020

التقى البابا فرنسيس صباح السبت قضاة محكمة دولة حاضرة الفاتيكان لمناسبة افتتاح السنة القضائية الحادية والتسعين.
وجه البابا لضيوفه خطابا مسهباً استهله مشيرا إلى القيمة الثمينة لنشاطهم، لأنه لا يضمن النظام وحسب إنما أيضا يؤطّر للمسؤوليات في العلاقات المعاشة بين الأشخاص ضمن دولة حاضرة الفاتيكان. وشجعهم على متابعة التزامهم تحركهم القناعة بأن درب العدالة هي الدرب التي ترتكز إليها الأخوة الأصيلة التي تحمي الجميع لاسيما الأشخاص الأكثر ضعفاً وهشاشة.

بعدها توقف البابا في خطابه عند الإنجيل الذي يعلمنا كيف نكتسب نظرة إلى الأمور أعمق من نظرة العالم، ويُظهر لنا أن العدالة التي اقترحها يسوع ليست مجرد مجموعة من القواعد المطّبقة، لكنها عبارة عن جهوزية القلب التي تقود الشخص المسؤول. كما أن الإنجيل يحثنا على تحقيق العدالة في داخلنا قبل كل شيء، مناضلين ضد النميمة الساكنة فينا. وهذا الأمر يساعدنا على الحيلولة دون تغلّب الشر على الخير. وفي هذا السياق شجّع البابا القضاة على عدم الالتزام خارجياً بشكل يعني الآخرين وحسب بل الالتزام داخلياً، أي مع الذات، الالتزام في مجال الارتداد الداخلي. لأن العدالة هي التي تولّد العدالة!

هذا ثم أشار البابا إلى أن العدالة وحدها ليست كافية، إذ لا بد أن ترافقها باقي الفضائل، خصوصا الفضائل الأساسية: ألا وهي الفطنة والقوة والقناعة. فالفطنة تسمح لنا بالتمييز بين ما هو حقيقي وما هو باطل، والقناعة هي عنصر اعتدال وتوازن في تقييم الوقائع والأوضاع وتفسح لنا المجال أمام اتخاذ القرارات استنادا إلى ما يمليه علينا ضميرنا. أما القوة فتتيح لنا تخطي الصعوبات التي نواجهها والتصدي للضغوط. وهذا الأمر ينطبق بنوع خاص على القضاة المدعوين إلى اتخاذ قرارات حساسة ومعقدة. وذكّر البابا ضيوفه بأنه غالباً ما يجدون أنفسهم أمام أشخاص متعطشين إلى العدالة، أشخاص متألمين يعانون من القلق واليأس الوجودي. من هذا المنطلق لا بد أن يغوص القاضي في المسائل الإنسانية المعقدة، كي يقدم أجوبة مناسبة ويوفّق بين تطبيق القانون وممارسة الرحمة التي علمنا إياها يسوع، لأنه في الرحمة تبلغ العدالة ملأها.

تابع البابا فرنسيس متوقفا عند القوانين التي تنظّم العلاقات بين الأشخاص، وعند القيم الخلقية التي تشكل ركيزتها. ولفت إلى أن التشريعات في دولة حاضرة الفاتيكان شهدت إصلاحات هامة خلال العقد الماضي لاسيما في مجال قانون العقوبات. وهذه الإصلاحات لم تنبع فقط من الحاجة إلى التحديث إنما أيضا من حرص الكرسي الرسولي على الالتزام في تعهداته الدولية التي اتخذها أيضا نيابة عن دولة حاضرة الفاتيكان. وهذه التعهدات تتعلق في المقام الأول بحماية الكائن البشري، المهدَّد بكرامته، وبحماية الفرق الاجتماعية التي غالباً ما تقع ضحية أشكال جديدة ومقيتة من فقدان الشرعية.

وأكد البابا أن الهدف الأساسي لهذه الإصلاحات يندرج في إطار رسالة الكنيسة، وهو جزء لا يتجزّأ من نشاطها وخدمتها. وهذا الأمر يُترجم من خلال مقاسمة الكرسي الرسولي جهود الجماعة الدولية الهادفة إلى تحقيق التعايش العادل والنزيه، مع إيلاء اهتمام خاص بأوضع الأشخاص المهمشين والمقصيين والمحرومين من الخيور الأساسية، وغالباً ما تُداس كرامتهم البشرية. ولهذا السبب أطلق الكرسي الرسولي عملية ترمي إلى جعل تشريعاته تتلاءم مع القانون الدولي، وهو يسعى أيضا إلى التصدي للاشرعية في المجال المالي على الصعيد الدولي.

وشدد فرنسيس في هذا السياق على أن الكرسي الرسولي عازم على متابعة السير في هذا الاتجاه، ليس على صعيد الإصلاحات التشريعية وحسب ولكن أيضا من خلال تطوير أشكال جديدة من التعاون القضائي على صعيد التحقيقات والتحري، ضمن الأطر القانونية وتماشياً مع القوانين الدولية. وعاد البابا ليسلط الضوء على أهمية أن يأخذ نشاط القاضي في عين الاعتبار المعايير الإنسانية قبل أن يُصدر الأحكام، لأن العدالة تنبع من نوعية واستقامة الأشخاص، لاسيما القضاة، لذا لا بد أن تُطبق العدالة من قبل أشخاص مستقيمين مذكرا بأن كل إنسان سيمثل يوماً ما أمام العدالة الإلهية، وهذا الأمر ينبغي أن يحفّزنا على القيام بواجبنا بجدية وتواضع. في ختام كلمته إلى قضاة محكمة دولة حاضرة الفاتيكان شجع البابا ضيوفه على تكثيف التزامهم كي توضع العدالة بتصرف الكرامة البشرية والحرية والسلام.