stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراء

زوبعة سياسية ام دعوة انسانية!- الأب داني قريو السالسي

840views

festa_asia_13_400زوبعة سياسية ام دعوة انسانية!- الأب داني قريو السالسي

زوبعة سياسية ام دعوة انسانية!

تشهد بعض الدول العربية زوبعة هوجاء. لم يكن لديها مثيل من قبل! زوبعة تعصف من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب. زوبعة ليست مناخية ولا حتى موسمية! إنها زوبعة الشعوب، زوبعة الحرية، زوبعة من استيقظ من سباته، بعد أن سبر الماضي. وبدأ يحلم بغدٍ مشرق، بمستقبل وهّاج.

إنّ شبابنا يطمح نحو غدٍ أفضل، نحو مستقبل مضمون، نحو عالم يحق فيه أن يعبر عن رأيه، ويقول كفى للظلم، كفى للأنظمة الرجعية، كفى للمناهج المتخلفة، كفى وألف كفى… شبابنا لم يعد متواطئاً مع المستبد، لم يعد خانعاً ساكتاً عن الظلم. شبابنا هو شعلة الأمل، هو ضمير الشعوب، هو روح جديدة تدب في العالم العربي.

إنّ هذه الأحداث التي حدثت في تونس ومصر وليبيا ومن يدري على مَن سيقع الدور غداّ! من أين أتت؟ ولماذا هذا الثوران؟ إنّ هذه الأحداث هي نداء أستغاثة! هي صرخة ألمٍ تكبده مجتمعٌ بأسره، وعبّر عنه شباب ناضج. إنّ هذه الأحداث أظهرت الثوب البالي الذي كنّا نرتديه وكنا نسير فيه مع أنه كان يتمزق يوماً بعد يوم. إنّ هذه الأحداث بيّنت رخص الحياة الانسانية، أمام عجرفة بعض الشخصيات. 

إنّ هذه الأحداث هي بركان النهضة، وزوبعة الحرية التي ستجرف كلّ ما هو بالي ورخيص وسطحي. إن هذه الاحداث يجب أن تكون الزلزال لحياتي أنا!! لكي أزيل كل ما عشعش في من كسلٍ ولامبالاة، لأنفض ما تراكم عليّ من روتين وخيبة أمل.

إن هذه الأحداث يجب أن توقطني من سباتي، وتبث فيّ روح التجدد والإبداع، روح التطوع والعطاء. لقد بدأ العد التنازلي، لقد حانت ساعة الصفر للنطلق يداً بيدٍ وننادي ونقول: معاً سنبني عالماً أفضل، معاً سنحقق ما يطمح إليه أولادنا، معاً سنزرع الأمل والرجاء. إن هذه الأحداث نداءٌ يقول لنا نحن الكبار، أنّ اسلوبنا لم يعد يلبي تطلعات أولادنا الواسعة، أن طرقنا لن تعد تناسب أفق أحلام ابناءنا الرحب، أن أفكارنا لم تعد تصلح لطموحات شباب اليوم.

إن هذه الأحداث هي صرخة للتجديد وايجاد ما هو مناسب لعالم اليوم. إن أفكاري وطرقي ومواقفي كانت في يومٍ من الأيام جيدة ومناسبة. أجل كانت جيدة ومناسبة لذلك الوقت، وفي تلك الظروف. أما اليوم فعلي أن أعيد حساباتي، أن أستقرأ الواقع واستنتج ماذا عليّ فعله هنا والآن؟ كيف يجب أن اتحرك هنا والآن؟ يجب أن أكون مسؤولاً عن كلامي، نظراتي، تصرفاتي، حتى أحلامي يجب أن أدرسها وأفكر بها.

لنتخلى عن التذمر والنقد للنقد فقط، لنتخلى عن التشكي والنواح، لنتخلى عن الغيرة والحسد، ولنتحلّى بالأمل والتفاؤل، لنتحلى بالعزيمة وقوة الإرادة، لنتحلى بالحيوية والنشاط.

لقد فقدنا النظرة الإيمانية لهذا أصابنا الكسل وضربنا الشلل، واعتدنا الروتين، و”المعلش”، و”هلا مشي الحال” و”ماصار شي! بسيطة”….

لقد خلقنا الله “على صورته ومثاله” وزرع فينا ملكة الخلق الابداع، ملكة الفن والابتكار. ثم أعطانا عالماً غير مكتمل، لنشارك نحن في إكماله. أظن أنّ الله وجد متعة وسعادة في عمله “ورأى الله جميع ما صنعه فإذا هو حسنٌ جداً” لقد كان مسروراً بما فعل. هذا الشعور يشعر به الفنان عندما ينهي لوحته الفنية، هذا الشعور يراود النجار عندما ينهي زخرفة سرير، هذا الشعور يراود كل من ينتج، ويبتكر ويصنع ويخلق من جديد. إنّ كل عملٍ خلاق يمنحنا شعوراً بالسعادة. إن الله أراد وتقصد أن يضعنا في عالمٍ غير مكتمل، في عالم ناقص، صعب، كي يجعلنا نتذوق سعادة مشاركته في الخلق، سعادة تصحيح ما لم يكتمل، سعادة تحقيق الذات من خلال بناء عالم أفضل. حين أفكر بهذا اشتعلُ حماساً واندفاعاً لتغيير الكون بأسره ليس فقط حيث أسكن، أو حيث أعمل.

إنّ هدف حياتي سامٍ، وأنا أريد أن أكمل هذا العالم، فيا لعظمة رسالتي. إن هذه المسؤولية التي أوكلها الله لي، (ولكل البشر) تجعلني أشعر بكرامتي. فأنا لست مجرد دميةً أو متفرجاً في هذا العالم، أنا شريك الله في الخلق! ألم يسلمني الله هذا الكون؟ ألم يقل: “أملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على أسماك البحار وطير السماء وكل حيوانٍ يدب على الأرض”؟ إن العالم هو في أيدينا، لقد حانت ساعة الصفر، فلنتضامن ولنضع أيدينا في أيدي البعض، ولنتكاتف، ولنبث روح الحماس في من حولنا، ولنخلق عالما كلّه تضامن، كلّه نزاهة، كلّه نشاط، كلّه إخلاص وحب.

آه، أمامنا الكثير لنفعله، فلنهب وننظر من حولنا هنا والأن ماذا علي أن أقوم به؟ هنالك الكثيرون الذين ينتظرون مني أنا أن أزرع فيهم روح التفاؤل! هنالك الكثيرون الذين ينتظرون مني أنا – وأنا بالتحديد- أن أبث فيهم الحماس والنشاط! هنالك الكثيرون الذين ينتظرون مني أنا أن أهديهم ابتسامة بريئه! هنالك الكثيرون الذين ينتظرون مني أنا أن أحبهم ليتحول مسكنهم إلى جنة عدن، إلى فردوسٍ سماوي. معاً سنحقق هذا لنجاوب على دعوتنا الانسانية التي زرعها الله فينا حين فكّر بخلقنا.

 الأب داني قريو السالسي