stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

سَر التوبة ( المصالحة) … تساؤلات؟

728views

مفاهيم خاطئة حول ممارسة هذا السرّ:

مفهوم العلاقة مع الله: ينظر إلي الله كسيّد (علاقة السيّد بالعبد)، والذي يترتّب عليه الإحساس بالخوف من العقاب لدى المؤمن، فيمارس سَر المصالحة كوسيلة لتجنّب العقاب الإلهيّ، هذا بجانب الإحساس بالذنب والرغبة العميقة في إراحة الضمير، (لقد تعلّمنا منذ الصغر أنّه لا تناول دون اعتراف)؛ بالتالي أصبح الاعتراف المؤهِّل أو التذكرة للتناول، أدّى ذلك كلّه إلى السطحيّة وعدم الاستعداد اللائق للتوبة، حيث الإلحاح على التطهير وتسوية حساباتي مع الله. هذا يؤدّي إلى اعتراف روتينيّ بدون فاعليّة، حيث يركّز المعترف على ذاته فقط دون الانتباه والتركيز على العلاقة مع الله، وبالتالي دور المُعرّف أصبح هامشيّا. بالتالي، التركيز على خطاياي الشخصية الأخلاقية، والتي تولّد فيّ شعور بالذنب أرغب بإلحاح التخلص من هذا الشعور، هكذا تضعف العلاقة مع الله. كذلك أفقد العلاقة مع الآخرين نتيجة فقداني العلاقة مع الله حيث أصبحت الخطيئة فردية وفقدت بعدها الجماعي والاجتماعي.
(العناصر الأساسية لسَر المصالحة هي: الله – الإنسان التائب واعترافه – الكاهن المعرّف)

صعوبات تعوق ممارسة السَر:

1. التساهل: بسبب التقسيمات الكثيرة للخطايا، نشأ فقدان الإحساس بالخطيئة عموما، وخاصّة (أنا لم أقتل، لم أسرق، …إلخ)، وبالتالي أنا أغفر لنفسي ( فكرة التبرير الذاتي ).

2. الاتّكاليّة على الله الرحيم: أنا متأكّد من رحمة الله الغافرة. الله فاحص القلوب، يعلم كلّ شيء،لا داعي للاعتراف .

3. اليأس: أمام تكرار الخطايا، رغم الاعتراف المنتظم، يقودنا إلى الإحباط واليأس، ثمّ إلى الشكّ وعدم التأكّد من مغفرة الخطايا ( خاصّة بعض الخطايا الشبابيّة أو الجنسية). كذلك عدم وضوح ثمار التوبة في الحياة العمليّة، حيث لا يشعر التائب بأيّ تغيير بعد الاعتراف. هذا بجانب ضعف الاستعداد البشريّ للتغيير والالتزام .

4. حصر سّر المصالحة على إقرار الخطايا، في كونها ثقل يرهق كاهلي، دون النظر إلى الابعاد الأخرى لسّر المصالحة : العلاقة البنوية مع الله الآب الرحيم، فعل الشكر على أمانة الله تجاهي وعمله الدؤوب معي والذي لا يعرف التراجع، مما يخلق فيًّ شعور بالشكر والامتنان، مما يولّد داخلي دافع الالتزام والأمانة تجاه الله ” أبي” والأمين. ثم كل هذا يولّد القصد على التوبة .

5. التوبة فعل مستمر متنامي، طالما نحن في الجسد، ممن يولّد فينا روح التواضع والتقوى: قبول الذات بإيجابيها وضعفتاها، قبول الآخر بإيجابياته وضعفاته. مما يدعّم المصالحة مع الآخرين.

6. تصحيح رؤيتنا لله: الله يحبني بما أنا عليه ( القوة والضعف، النجاح والفشل)، لأنه أبونا، التوبة تجعلني أشعر وأعيش محبته لي بصورة أعمق، بالتالي أعيش محبتي مع الآخرين بصورة أعمق.

تـــــَوبنــــي يـــــــا ربّ … فــأتــــــوب

سَر المصالحة ( التوبة ): هو إعلان حبّ الله الآب المتجسّد في شخص الابن يسوع المسيح المحرّر، في واقع حياة المؤمن، بقوّة الروح القدس، وذلك من خلال الكنيسة في شخص الكاهن المُعرِّف .

أســلــــوب مقتــرح لمــراجــعــة الحــيـــــــاة

“يا ربّ، اختبرتني فعرفتني ” (مز 139 )

مراجعة الحياة: هي وسيلة من خلالها نكتشف الطريقة التي يحضر ويعمل الله بها في حياتي ( الأحداث التي أعيشها )، وفي الوقت نفسه الطريقة التي أتجاوب بها، على هذا الحضور العامل في هذا اليوم/ الأسبوع/ الشهر/ السنة.

مراجعة الحياة فعل ضروري لنموّ العلاقة الشخصيّة مع الله، ومع ذاتي، ومع الآخرين . هذا الأسلوب يركّز على حركة الحبّ الشخصيّ تجاه الآخر الذي أرغب له الخير، من خلال كلمات الشكر…، ساعدني …، كن بجانبي….

مراجعة الحياة (فحص الضمير) هي صلاة الحياة (اليوم، الأسبوع، السنة، حياتي كلّها )، إنّها ليست محاكمة بين الله والتائب ، بل لقاء محبّة… إنارة… تطهير… تجديد… استدعاء الروح القدس الخَّلاق، بمعنى آخر إشراق نور الله على حياتي، وهي من أجمل الصلوات التي يختبرها الإنسان.

1 . نبدأ بالصلاة: أنا في حضور الله، أختار نصّا من الكتاب المقدّس، وليكن نصّ إنجيل اليوم ” الله يقبلني ويحبّني كما أنا “.
” إلهي وأبي، إنّي أعتمد عليك كليَة في أمور حياتي، فكلّ شيء هو نعمة منك، أشكرك، أحمدك على جميع النعم التي وهبتها لي اليوم، هذا الأسبوع، هذا الشهر، هذه السنة “.

نظرة إلى الماضي: كلّ ما هو إيجابيّ ويكون سبباً للشكرـ كل ما هو سلبيّ ويكون سبباً للندامة، من خلال التمييز الروحيّ: أين علامات تأثير الله في حياتي؟ للشكر عليها (نلاحظ أنّ الله يكلّمني من خلال هذا…)
” أؤمن يا ربّ، أنّك تعمل من خلال الزمن لتكشف ذاتك لي. هبني يا ربّ معرفة أعمق للأسلوب الذي تقودني به. وكيف أنّك تشَكّل حياتي كُلّها . أعطني مرونةً ولياقةً أعظم لاكتشاف الصعوبات والعوائق التي أضعها أمام عملك فيَ .”

أ- أسباب الشكر:

*اليوم، يا ربّ، كُنتَ حاضرا في حياتي، كنْ بجاني عندما أفكّر في:
1. حضورك في أحداث حياتي اليوم ..(أيــن اخـتـبـرتُ الله حـاضــرًا فــي حــيــــاتــي؟) .
2. حضورك في المشاعر التي اختبرتها اليوم (ما هي لحظات الســـعــادة التــي عــشتــهــــا؟ ).
3. دعوتك لي …إجابتي عليها..(ما هو الخير الذي استطعت أن أقوم به؟) مثل:خدمات للآخرين (مطلوبة أو بتطوّع)،الكلمات الطيّبة التي قلتها، خطوات مسامحة قمت بها، مواقف سيّئة أو سلبيّة امتنعت عنها).
يعقب ذلك لحظات شكر وحمد وسجود: أقترح نصّ نشيد مريم ” تعَظّم نفسي الربّ” (لو 1 /46-56 ) ، أو (مز 103 ).
ب- أسباب الندامة :
أين علامات تأثير الشرّير في حياتي؟ أين الظلمات ؟ أين الاضطراب في حياتي ؟ في سبيل الندامة، أطلب المغفرة، ألتمس رحمة وخلاصا، أطلب تحريرا وتجديدا:
صلاة مثل: ” أبي، هبني غفرانك المملوء حبّا، والشفاء الداخليّ ممّا تّم هذا اليوم (الأسبوع، الشهر)، وأرغب الشفاء منه أكثر من أيّ حدث آخر وهو…. “

يتمّ فحص أسباب الندامة على ثلاثة مستويات هي:

1 – البعد الرأسيّ ( علاقتي مع الله ):
0 هل أعطيت الله المكان الأوّل والأساسيّ في حياتي؟ هل حاولت أن أكتشف ما يريده الله منّي، أم حاولت أن أهرب من المواجهة معه؟
0 كيف عشت صلاتي؟ كلقاء مع الله الذي يحبّني والذي بغيره حياتي فارغة، أم كتأدية واجب وشيء شكليّ وقلبي بعيد عنه؟ .
0 هل حاولت أن أربط بين صلاتي وحياتي؟ وأعيش علاقتي بالله من خلال حياتي العادية؟

2 – البعد الأفقي ( علاقتي مع الآخرين ) :
0 هل احترمت كلّ إنسان تعاملت معه؟ أم أسأت إليه بتصرّفاتي، مواقفي، كلماتي أو نظراتي؟
0 هل قلت له كلمات جارحة؟ هل أسأت لسمعته بالنميمة (بالكلام عن عيوب موجودة أو حتّى بالادّعاء)؟
0 هل قمت بخدمة الآخرين عندما طُلبَ مني، أو عندما شعرت باحتياجهم؟
0 هل حاولت أن أنتبه إلى احتياجات الآخرين؟ أم كنت منغلقًا علي ذاتي؟ هل كنت أحسّ بهم وأفراحهم وأحزانهم؟
0هل اعتبرت نفسي مسئولاً عن الآخرين؟ كأفراد وجماعة؟
0 هل كنت ملتزمًا نحو الآخرين (أفرادا أو جماعة) في خدماتي ومواعيدي وتصرفاتي؟
0 هل نظرت لكلّ شخص كهيكل الروح القدس، كشخص يسكنه الله؟ هل ميّزت بين الفرح والمرح والبساطة من ناحية، وبين ما هو هزار لا يحترم الآخر؟
0 هل قبلت الآخرين كما هم؟ أم رفضتهم؟ ولا أقبل أنّهم أناس ضعاف وخطأة مثلي؟ هل سامحت مسامحة حقيقيّة عندما أساء إليَّ الأخر؟
0 هل نظرت إلى الآخر نظرة ثقة؟ أم شككت فيه وفي نيّته، وافترضت سوء النيّة؟
0 هل بنيت الجماعة/الأسرة/ الكنيسة.. التي أنتمي إليها أم هدمتها؟ هل كان نقدي بنّاءً وفي الوقت المناسب، أم مارست النقد الهدّام نحو أشخاص أو نحو جماعة؟
3 – البعد الباطنيّ ( علاقتي مع ذاتي ):
* هل قبلت ذاتي كما أنا؟ كما يقبلني الله؟ أم رفضت ذاتي وحقيقتي؟
* هل قبلت أن أواجه ذاتي أم هربت منها؟ “أصبتِ في قولك: لا زوج لك، لأنّه كان لك خمسة أزواج، والذي لك الآن ما هو زوجك. وفي هذا صدقتِ ” (يو 4/ 17 راجع نصّ السامريّة ) .
* هل رفضت جميع الأفكار المؤدّية إلى اليأس والإحباط في حياتي؟ أم استسلمت لها، فيما يخصّ نفسي أو الآخرين .
* هل قبلت أنّي لا أملك ذاتي، بل أنا ملك الله وهيكل الروح القدس؟ هل احترمت دائما صورة الله فيَ ؟
* هل نظرتُ إلى ذاتي نظرة تواضع ( دون عقدة النقص !) معتبرا الآخرين أهمّ من ذاتي ( تفضيل الآخر )، أم نظرت إلى ذاتي نظرة كبرياء معتبرا ذاتي محورا للعالم أجمع؟
* هل أعيش الشكر في حياتي، الشكر لله، الشكر للآخر؟ أم ناقمًا على الجميع وعلى حياتي، معتبرًا كلّ شيء في حياتي من حقّي ولا يجب الشكر عليه؟
بعد تناولنا أسباب الشكر والندامة انطلاقاً من الماضي على الثلاثة أبعاد، نطبق ذلك على المستقبل.

نظرة إلى المستقبل:
صلاة ” إنّي واثق في غفرانك المملوء حبّا، وكما وهبت المرأة الخاطئة وآخرين شفاءك، هبني شفاءك الداخليّ، هبني الحريّة من عبودية الخطيئة، املأني مجدّدا بالرجاء والثقة في حبّك المخلص، إنّي أضع ذاتي بثقة في صلاحك وبقوّة أسألك الخلاص ” ( مز 131 ).

بروح الرجاء أواجه ذاتي ” ورجاؤنا لا يخيب، لأنّ الله سكب محبّته في قلوبنا بالروح القدس الذي وهبه لنا ” (رو 5/5 ) . وذلك كما واجه يسوع سّر الصليب (راجع نص التجارب :مت 4/1-11 ، وصلاة يسوع في بستان الزيتون: مت 26 36/46).

ثمّ أطلب التوبة وتغيير نظرتي للحياة مع طلب النعمة المناسبة.
من الواضح، أنّ الثقة في الله لا تلغي أو تقلّل من التزام الإنسان ومسئوليّته، إنّه عهد متبادل، وحيث إنّي أثق في الله، عليّ أن أحاول دائما من مجدّدا. ثمّ أختم بصلاة الأبانا.
أتلو صلاة مُفعمة (ممتلئة) بروح تــســلــيــم الــــذات، ولتكن على سبيل المثال…….
صلاة الأخ شارل دي فوكو:
أبــــتِ
إنّـي أسـلـّم لـك ذاتـي، فـافـعـل بـي مـا تـشـاء،
ومـهـمـا فـعـلـت بـي، فـأنـا شـاكـر لـك.
إنّـي مـستـعـدّ لـكـلّ شـيء، وأرتـضـي بـكـلّ شـيء.
لـيـس لـي رغـبـة أخـرى، يـا إلـهـي،
سـوى أن تَـكْـمـُل إرادتُـك فـيّ وفـي جـمـيـع خـلائـقـك.
إنّـي أسـتـودعُ روحـي بـيـن يـديـك،
وأهـبـُهـا لـك يـا إلـهـي، بـكـلّ مـا فـي قـلـبـي مـن الـحـبّ،
لأنّـي أُحـبـُـك، ولأنّ الـحـبّ يـتـطـلـّب مـنّي أن أهـبَ نـفـسـي،
أن أودعَـهـا بـيـن يــديــك، مـن دون مـا قـيـاس، وبـثـقـة لا حـدّ لـهـا،
لأنــــــــــــــــّك أبـــــــــــــي .

نصوص مساعدة لمراجعة الحياة :
1) عهد قديم:
• هوشع 11/1-11 ، 14/2-10 .
• باروك 1/15- 3/8 ( اعتراف جماعيّ).
• أش 30/19-26، 41/ كله، 44/ كلّه، 54-55 كلّه، 58 كلّه، 63/15-19، 65/17-25.
• 2صمو11، 12/ 15؛ 18/1- 19/ 9.
2) عهد جديد:
• لو 7/36-50 ونصوص أخرى عديدة.

مع اقتراب زمن صوم الميلاد المجيد، زمن الاستعداد الإحياء دخول الله في الزمن من خلال سّر التجسد ” عمانوئيل”، الله معنا، فينا. زمن مراجعة وقراءة حياتنا على ضوء الكلمة المتجسد، إعادة ترتيب حياتنا وأولوياتنا على ضوء محبته المتجسدة. أتمنى لكم صومًا مباركًا مؤسس على سّر المصالحة، الذي صالحنا الله الآب في ابنه يسوع المسيح.

مع محبتي وصلاتي،

الأب / أنطونيوس فايز