stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

صلاة الإيمان فى مواجهة الوباء – ناجح سمعـان

1.1kviews

صلاة الإيمان فى مواجهة الوباء

” إلى من نذهب يا رب وكلام الحياة الابدية عندك ؟ ” ، يروى القديس يوحنا الرسول فى انجيله المبارك بالاصحاح السادس ، وقائع حوار جدلى بين الرب يسوع وتلاميذه حول حضور الله فى العالم حتى ان بعض تعاليم السيد المسيح استعصى فهمهما على التلاميذ فقالوا : ” هذا كلام صعب من يطيق ان يسمعه ؟ ” . وفيما بعض التلاميذ تركوا يسوع وانقطعوا عن مصاحبته كان جواب التلميذ بطرس على معلمه مختلف نسبياً  إذ قال للرب : ” إلى من نذهب يا سيد وكلام الحياة الأبدية عندك ؟ نحن آمنا انك انت قدوس الله ” ( يو 6 / 68 – 69 ) . لاشك ان عقل بطرس تلقى افكار يسوع فى الموقف بكثير من عدم الفهم وربما التمرد مثل بعض التلاميذ ، لكن يكشف جوابه على الرب عن موقع الإيمان الساكن فى قلبه ، والذى قاده إلى قبول تعاليم المخلص والثقة به متجاوزاً إشكالية عدم الفهم .

يتشابه الموقف التعليمى السابق بين المعلم والتلاميذ – فى تقديرى – مع ما نعيشه هذه الأيام فى التعاطى العقلى والايمانى والسلوكى أمام حدث الوباء العالمي كورونا . يبدو الحدث عصيا ً على الفهم تتباين حوله التفاسير العلمية والسياسية والدينية ايضاً ، وهو ما يجعل من الولوج فى طريق الإيمان أمراً حتمياً نحو الوصول إلى مرفأ السلام .

فى سياق الحديث عن قوة الإيمان فى مواجهة معضلة عدم الفهم ايذاء الكوارث والاؤبئة يظهر موقع الصلاة كسلاح روحى مدعوون جميعاً إلى ممارسته والتدرب عليه مصغين فى هذه المسيرة الروحية إلى الهامات الروح القدس ، لكى يتولد فى قلوبنا رجاء الخلاص . وفى محاولة للنمو فى مدرسة الصلاة أود ان أضع أمام القارى الكريم بعضاً من تعليم الكنيسة الكاثوليكية حول موقع الصلاة فى الحياة المسيحية .

فى كتاب ” موجز التعليم المسيحى ” لنيافة الانبا مكاريوس توفيق مطران الاسماعيلية الشرفى للاقباط الكاثوليك ، والصادر ضمن اعمال المجمع السكندرى الثانى ( 1996 – 2001 ) يتناول الكتاب فى فصله الرابع موضوع ” الصلاة المسيحية ” . عن معنى الصلاة يعرفها الكاتب  استناداً إلى التعليم المسيحى للكنيسة الكاثوليكية بأنها ارتفاع النفس إلى الله لتسبيحه وشكره فالله يدعو كل شخص بلا كلل إلى لقاء سري معه حيث الصلاة ترافق كل تاريخ الخلاص كنداء متبادل بين الله والإنسان . ويضيف سيادة المطران كاتباً ” يقدم لنا العهد القديم أمثلة رجال صلاة عظماء مثل ابراهيم ويعقوب وموسى وداود ويقدم لنا كتاب المزامير نماذج للصلاة ، فالمزامير هى قمة صلوات العهد القديم وهى تقدم عنصرين متكاملين هما العنصر الشخصي والعنصر الجماعى كما تضم أبعاد التاريخ بتذكير الأجيال بدعوة الله التى اتمها لشعبه وبالتعبير عن الرجاء فى مجيئ المسيا . كذلك استعمل السيد المسيح المزامير فى صلاته بل وتحققت فيه بشكل كامل لذا فهى عنصر اساسي وثابت فى صلاة الكنيسة وهى تناسب الناس فى كل الظروف والأزمنة ” .

عن الصلاة فى العهد الجديد يكتب نيافة الانبا مكاريوس قائلاً : ” يقدم لنا العهد الجديد الصلاة الكاملة ، صلاة يسوع البنوية التى كان يرفعها غالباً فى الوحدة والصمت وهى تعبير عن قبول تام مفعم بالحب لمشيئة الآب حتى الصليب وثقة مطلقة باستجابتها . وقد علم الرب يسوع تلاميذه أن يصلوا بقلب طاهر وبإيمان حى وبالحاح بنوى كما حثهم على السهر اى اليقظة الروحية ودعاهم إلى توجيه طلباتهم إلى الله باسمه . للصلاة الربية موقع متميز فى الصلوات الشخصية والطقسية عن هذا يكتب نيافة المطران : ” علمنا يسوع هذه الصلاة عندما سأله تلاميذه يا رب علمنا ان نصلى ( لو 11 / 1 ) ، إن صلاة أبانا هى الصلاة الكاملة ، فهى خلاصة الانجيل كله . لذا فهى صلاة الكنيسة الأولى وهى عنصر جوهري فى صلاة الأجبية والاسرار الكنسية ووجودها فى ليتورجيا الافخارستيا يظهر الطابع الاسكاتولوجى لطلباتها فى رجاء وانتظار عودة الرب ، يجب ان نتلوها بعاطفة بنوية وبثقة وتواضع وفرح ، فيسوع علمنا أن ندعو الله أبانا . كذلك الروح القدس ، هو معلم الصلاة ، فهو الذى يعلم الكنيسة اليوم ويذكرها بكل ما قاله يسوع ويدربها على حياة الصلاة بصيغ متجددة وان كانت من خلال اشكال ثابتة هى صلاة البركة والشكر والتسبيح والتوسل ثم الشفاعة ” .

حول أشكال الصلاة يقول الأب المطران : ” حيث ان الله يبارك قلب الإنسان ، فهذا القلب بدوره يستطيع ان يبارك الله ينبوع كل بركة ويرفع له المجد والاكرام والتسبيح . وتتركز صلاة التسبيح على الله وحده ، فتتغنى به لذاته المحبوبة وتمجده لأنه هو الكائن بغض النظر عما يفعله لنا ، فهى صلاة منزهة عن الغرض . ثم يرفع صلاة الشكر والحمد على غزيز نعم الله وعطاياه وعلى مراحمه الإلهية وعنايته الأبوية وعلى كل فرح وألم وعلى كل حدث . أما صلاة الطلبة فهى تلتمس الغفران والرحمة وتطلب ملكوت الله وبره وسائر الاحتياجات الروحية والزمنية . والصلاة الشفاعية تلتمس نعمة لصالح الغير وهى لا تقف عند حد أو اعتبار فتشمل حتى الأعداء “.

عن التجارب الرئيسية التى تهدد الصلاة كتب نيافة الانبا مكاريوس توفيق : ”  هى ضعف الإيمان والاحباط أو اليأس من المداومة وسببها التراخى فى النسك وهذا يقود إلى التخاذل لذلك لا يجب ابداً السقوط فى الاحباط بل مواجهة الموقف بالاتضاع واللجوء إلى الرب بثقة وثبات فهو الذى قال من يثبت إلى المنتهى يخلص ” . وحول تساؤل الساعة ، هل لصلاتنا تاثير على الأحداث العامة ؟ يجيب سيادة المطران : ” نعم ، فالصلاة المسيحية هى تعاون مع العناية الإلهية فى تتميم خطة حب الله للبشر ” .

ناجح سمعـان