stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعوية

على قارعة الطريق- الأب متى عابدين

2.4kviews

strada_400على قارعة الطريق- الأب متى عابدين

هناك على قارعة الطريق وُجدَّ بشر كثيرون مطروحون، منهم الأعمى الذي اشتاق لرؤية النور، ومنهم المخلع الذي كان يحتاج إلى يد تمسك به وتقيمه، وكان منهم أيضا المقيد من قبل سلطان الشر، وكان يتمنى سماع صرخة قوية تأمر له بالإطلاق والحرية، ومنهم من مات وينتظر قوة غير محدودة وفائقة الطبيعة تأمر الروح بالعودة إلى جسده المائت. مر المسيح على طريق هؤلاء، ولبى كل احتياج بقدر ما كانوا مستعدين لقبوله، لأنه على الطريق ذاته هناك من رفض قبوله ومضى حزيناً وهناك من ألح في طلبه بصراخ رغم محاولة إسكاته “يا ابن داود أرحمني”.

تساءلت وتفكيري في هؤلاء البشر، هل ما زال يوجد على قارعة طريق الحياة مثل هؤلاء، قررت السير على طريق الحياة، وأشاهد ماذا تحمل قارعتها اليوم، وهناك سمحت لنفسي بالتفرس في هؤلاء البشر. وكان هناك عجبي ودهشتي وجدت ذات الأشخاص وأن اختلفت الأسماء والوجوه ومعنى الاحتياج. وجدت الأعمى الذي لم يفقد بصره بل فقد بصيرته التي أفقدته ليس الرؤية بل كل المشاعر الإنسانية التي جعلته لايشعر بالآخرين والآمهم. وجدت المريض الذي لا يحتاج لأدوية بقدر ما يحتاج لأعمال رحمة ورحماء يُساندوه لتحمل آلامه. وجدت المقيد من الشيطان مما جعله أفرط بل وكرس كل ما يملك من فكر ووقت وطاقة للتمتع بالعالم، دون أي شعور بوجود الله ومع كثرة العطايا نسيَّ العاطي.

حدثت نفسي وكياني يحمل كل هؤلاء، هل يأتي المسيح ثانية ويمر بطريق هؤلاء ليرى احتياجهم ويمنحهم قوة للقيامة والخروج من وراء الحجارة التي جعلت حياتهم ما إلا قبور مظلمة. فجأة صرخ واحد منهم في وجهي وكأنه قارئ لأفكاري وعالم بحيرتي قائلاً ” إلى متى نظل هكذا؟؟؟ ولماذا نحن هنا مطروحون على قارعة الطريق؟؟؟” وأمام صرخته لم أجد عندي أي أجابه وكل ما فعلته كما يفعل البشر، نظرت إليه بشفقة وأنا أستبعد نفسي تماماً عن أي مسئولية تجاه هؤلاء.

رجعت إلى المدينة أبحث عن من يستطيع أن يساعد هؤلاء، ويخلق فيهم  رجاء في الحياة، وأمام ندائي لم أجد أي إجابة. وفجأة سمعت أجراس كنيسة تدق وتدعو للصلاة، قلت هذا هو المكان الوحيد الذي أجد فيه البشر الذين يستجيبون لندائي إجابة سريعة. دخلت من باب الكنيسة وجاء وقت العظة وأنا في انتظار نهاية القداس، لأخبر عن هؤلاء البشر المطروحون على قارعة الطريق ومن في استعداد لمساعدتهم، وبدأ كاهن تلك الكنيسة عظته وقال” كل معمد هو رسول المسيح، مدعو للرسالة الرحمة والمحبة نحو كل البشر، كل معمد مدعوا للبحث عن المحتاج والضال على مثال الرب، المسيح قال إن أمنتم تعملون مثل هذه الأعمال بل وأعظم منها” كلمات قد لا تبدوا غريبة عني ولكن أخذتها كما أخذ القديس أنطونيوس كلمات الإنجيل كرسالة وجعلت منهم كوكباًُ للبرية المخيفة، وقلت في نفسي أمام احتياج العالم والناس الملقاة على قارعة طريق الحياة المؤلم، بحثت بين البشر عن رسول يذهب إليهم ويتشبه بالمسيح الذي جال وصنع خيراً وشفى كل مرض وكل سقم في الناس، والمكان الوحيد الذي لم أبحث فيه عن هذا المرسل هو ذاتي، لماذا لا أكون أنا المسيا المنتظر لهؤلاء المطروحين على قارعة طريقي، حتى وإن كنت بشر لأن هؤلاء لا يحتاجون سوى إنسان يعيش إنسانيته بوعي وإيمان بما تحمل الإنسانية الحقيقية من مشاعر وسمات مصدرها هو الخالق لها الله.

ما أكثر المتألمين والمحتاجين الذين نتقابل معهم على طريق الحياة، وكل ما نفعله نذهب ونلوم المكرسين والمكرسات،الكهنة والرهبان والراهبات، دون أي سؤال عن رسالتي أنا نحو هؤلاء. أحبائي الرب الذي طلب من البشر عند قبر لعازر رفع الحجر وصنع القيامة، وطلب من التلاميذ أن يقدموا له الخمسة أرغفة والسمكتين وأشبع الجموع، وطلب من الأعمى أن يذهب ويغسل عينيه وعاد مبصراً, يطلبك اليوم للخروج إلى قارعة طريق الحياة تجد هناك المرضى والمتألمين، العميان والمأسورين، تجد الأموات وغير القادرين، لا تبحث عن من يحرر هؤلاء، ثق فقط أن الله بك أنت يعطي الفرح والشفاء، البصر والقيامة، الحب والرجاء لهؤلاء.

أحبائي مازالت طرقنا وستظل تحمل البشر، الذين يحتاجون لكلمة رجاء، ولمسة حب، ونظرة تفاؤل، هل أنت على استعداد أن تقوم الآن وتكون مسيحاً لهم والحمل الذي يحمل كل آلامهم؟؟؟