stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

كتابات القراءموضوعات

عيد البشهرة معاني وتأمل

735views

annunعيد البشارة

شرح العيد

تعيّد الكنيسة عيد بشارة الفائقة القداسة سيّدتنا والدة الإله مريم الدائمة البتولية. وهو المعروف بعيد بشارة العذراء أو عيد البشارة.

عنوان هذا العيد يشرح معناه: فهو عيد موضوع بشارتها بالكلمة المتجسد سيّدنا يسوع المسيح. وهو عيد مريم الممتلئة نعمة. التي قبلت بشارة السماء، وقالت “نعم فليكن لي حسب قولك”.

ولذا فإن الكنيسة تعتبر هذا العيد عيد السيّد والسيّدة. وهذا ما يقوله رومانوس المرنم الملهم في مطلع أبيات المدائح المشهورة: “إن الملاك المتقدم أُرسل من السماء ليقرأ السلام على والدة الإله. فلما شاهدك يا رب متجسداً مع صورته المجرد عن الجسد هتف إليها صارخاً…”.

ومع صورته يبدأ الخلاص: “اليوم بدء خلاصنا وظهور السر الذي منذ الأزل. لأن ابن الله يصير ابن البتول وجبرائيل بالنعمة يبشر”.

ولهذا السبب تنشد الكنيسة في أسابيع الصوم المبارك، قانون المدائح، استعداداً لعيد التجسد في يوم البشارة. إن هذا القانون هو نشيد كوني مسيحاني (أو مسيحي) وهو نشيد مريمي في آن. إنه خير تعبير عن سرّ يسوع وسرّ مريم.

من الكلمة المتجسد أتت نعمةُ مريم. فأصبحت “الممتلئة نعمة”. مجمع أفَسس (431) كان مجمع الكلمة المتجسد. ولأن يسوع تجسد وتأنس وصار إنساناً على كونه إلهاً، أصبحت مريم أمُّ يسوع، أمَّ المسيح الإله ووالدةَ الإله.

مجمع أفَسس هو مجمع إعلان الأمومة الإلهية، التي هي مجد مريم، وينبوع أمجادها بأسرها. لا بل منطلق الأعياد التي تحتفل بها الكنيسة على مدار السنة بسرّ مريم. لأنها دخلت في سرّ يسوع. في سرّ التدبير الخلاصي

ولهذا فلا يمكن للمسيحي الشرقي أن يصلي إلاّ “ويذكر سيّدتنا الكاملة القداسة. الطاهرة. الفائقة البركات. المجيدة. والدة الإله. الدائمة البتولية مريم. وجميع القديسين”. هذه الألقاب هي مختصر العقيدة “المسيحية المريمية”. ولذا يكمل الكاهن صلاته على الفور: “ولنودع المسيح الإله ذواتنا وبعضنا بعضاً وحياتنا كلها”. نرى في هذه الصلاة حلقةَ أو دورةَ الخلاص المتكاملة: يسوع المخلص، مريم الممتلئة من نعمة ابنها وإلهها، ونحن البشر القديسين والمدعوين إلى القداسة، وإلى الدخول في سر المسيح على مثال مريم.

لا بل نكتشف من خلال هذه الصلاة التي نرددها يومياً عشرات المرات، معنى ما يسمى “بالعبادة أو التقوى المريمية”: مريم هي في قلب صلاة المؤمن. وهي في قلب بُنية الصلاة الطقسية. إلى مريم وصل الخلاص. ومن ابنها يسوع وبواسطتها يصل إلينا. فنشترك نحن بدورنا في نعمة المتجسد منها. وندخل نحن أيضاً مثلها في سرّ التدبير الخلاصي. ولذا تنتهي الصلوات كلها بذكر مريم، بنشيد “والدة الإله” (أو الثيوطوكيون). ولهذا فإن عقيدة الأمومة الإلهية هي العقيدة المريمية الوحيدة المحددة مجمعياً في الكنيسة جمعاء شرقاً وغرباً. وما حُدد لاحقاً في الغرب في الكنيسة الرومانية، هو تفرّعات من العقيدة المريمية الوحيدة والأساسية. وكل عقيدة وعبادة مريمية لا تنطلق من هذه الأمومة وتتأسَّس عليها، تكون معرَّضة لعدم التوازن العقائدي، وتعرِّض المؤمنين لأخطار جمة. منها ما نشاهده اليوم من تهافت على الظهورات، والغلوُّ في التعبير عن التقوى تجاه مريم، وتصوير مريم بدون يسوع، وبدون الإشارة إلى عنوان كرامتها، وهو “والدة الإله” (بالعربية واليونانية) والنجوم الثلاثة على رأسها وعلى كتفيها، كما نرى في الإيقونات الشرقية، التي هي التعبير الصحيح ونكاد نقول الوحيد عن التقوى المريمية المسيحية الأصيلة.

عيد البشارة هو عيد الله مع الإنسان. هو عيد التجسد. هو عيد مريم أم الكلمة المتجسد. إنه عيد الحقيقة التي هي في قلب بشارة السيّد المسيح المتجسد في إنجيله: عيد التألُّه! وهذا ما نقرأه مراراً وتكراراً في خدمة عيد البشارة وعيد الميلاد، لا بل في كل صلاة من صلواتنا بدون استثناء: “لقد أصبح الله إنساناً لكي تصبح أنت الإنسان إلهاً”. “آدم اشتهى أن يصيرَ إلهاً فخاب قصده ولم يصر. فصار الإله إنساناً لكي يصير آدم إلهاً” (خدمة عيد البشارة)

الألقاب الكثيرة التي تطلقها الكنيسة على سيّدتنا مريم العذراء في هذا العيد وفي كل الأعياد المريمية، تستقيها من رموز وإشارات العهد القديم في تاريخ الخلاص، في الكتاب المقدس. وكلها إنما هي تعبير عن سرّ التجسد أو التألُّه، الذي يمتاز به الشرق المسيحي.

وهكذا فإن بشارة الملاك لمريم: الرب معك، عمانوئيل معك، أعني يسوع معك، تصبح بشارة عمانوئيل معنا جميعاً! إنه نعمة مريم ويصبح نعمتنا. وخلاص مريم يصبح خلاصنا

ينقلنا هذا العيد إلى الناصرة مدينة مريم ومدينة يسوع وبيت يوسف. كما تذكر صلواتنا. وهذا ما نراه في المعابد المقدسة القائمة في الناصرة منذ القرون الأولى للمسيحية منها خاصة “عين العذراء” وبيت يوسف. والكنيسة الكبرى التي تكرم سرّ البشارة المقدسة (بنيت عام 1961)

الآبُ يَرضى أَن يُخلِّصَ شعبَهُ فإذا بجبريلَ البشارةَ يحمِلُ

ويَؤُمُّ أرضاً نحوَ عذراءَ اسمُها مريمْ وفي خََفَرٍ وهَمْسٍ يسألُ

روحٌ يَغمرُها ليُولَدَ مِن حشاهَا ابنُ العليِّ مخلِّصاً. هلْ تَقْبَلُ؟

فقَبُولُها أَضحَى ابتداءَ خلاصِنا وإذْ بمريمَ بابنِ ربٍّ تَحبَلُ

له المجد والقدرة إلى الدهور. آمين

(منقول)