stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

فى حضور العريس يبطُل الصيام

1kviews

فى حضور العريس يبطُل الصيام

إن التحول من العهد القديم الذى كان تحكمه الشريعة الموسوية إلى العهد الجديد الذى جاء به يسوع المسيح ‏خلق تواتورات عاتية بين حراس العهد القديم و المقبلين على العهد الجديد. ظل الفريسيون و الكتبة يدافعون ‏بإستماتة عن النظام القديم للصوم. فالصوم التى فرضته شريعة موسى كان الهدف منه التقرب إلى الله و ‏تطهير النفس و حينما ظهر الله في الجسد فى إبنه يسوع فإن طبيعة الصوم اختلفت لم يعُد صياماً مفروضاً ‏بالقوة من الخارج و أصبح وسيلة للحياة و ليس وسيلة للموت كما كان يُمارس على يد الفريسيين، لم يعد سبباً ‏للظهور و استجداء المجد الباطل. و لم يعد الصوم منفصلاً عن بقية سلوك المؤمن.‏
و أخذ يسوع مثلاً ليشرح للفريسيين هذا التحول الجذرى لمعنى الصيام. هل يصوم الناس حينما يقيمون ‏عُرساً لإبنهم أم يفرحون و يأكلون ويشربون فإذا جاء العريس وهو المسيح فإن الصيام يبطل و لكن هيهات ‏أن يعترف الفريسيون بأن العريس هو يسوع المسيح. لقد عميت عيونهم و يصرون على البقاء تحت ناموس ‏العهد القديم.‏
و تعليم المسيح عن الصوم الجديد “وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ ‏يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ‎.‎وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ ‏وَجْهَكَ،لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً”‏
عبثاً تحدث المسيح عن الصوم و عن السبت و عن الشريعة و عن الآب و عن الابن و عن الكرم و الكرامين ‏القتلة، و لكن ساعة التغيير جاءت بمجيئ الابن إلى الأرض و أقبل عليها ضحايا الفريسيين من كل نوع ‏نساء و رجالاً و أطفالاً و تحرير هؤلاء من نيرالعبودية التى فرضه رجال الدين من الفريسيين و الكتبة على ‏صغار المؤمنين قد بدأ و تحول كثير من الباحثين عن الصورة الحقيقية لله إلى إتباع الناصرى.‏
و تقاطر المرضى و البرص و العميان و العرجان و الصيادون و الرعاة للقاء من وجدوا فيه ضالتهم ‏‏”فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي ‏مِنَ النَّاصِرَةِ‎«‎‏. و بطريقة لا تخلو من الدعابة “فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ ‏صَالِحٌ؟‎« ‎
و فيما يشير يوحنا المعمدان إلى تلاميذه ليتبعوا المسيح “هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ‎!‎‏” ، ويسأل ‏الناصرى إندراوس اخو سمعان حينما رآه يسير خلفه فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا ‏تَطْلُبَانِ؟» فَقَالاَ: «رَبِّي، الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ، أَيْنَ تَمْكُثُ؟‎»‎فَقَالَ لَهُمَا: «تَعَالَيَا وَانْظُرَا‎«.‎
إن ديناميكية حضور العريس الناصرى جعلت الحياة تسرى من جديد فى أمة أنهكها صلف الفريسيين و ‏الكتبة و الصدوقيين و غيرهم من الشيع اليهودية التى عاصرت تجسد المسيح.‏
و هكذا أعلن عن ملكوت الله الذى اقترب، كما أعلن عن غروب شمس سدنة تجار الدين و مشوهى صورة ‏الخالق عند الصغار، لذلك تنهد يسوع بالروح و قال متوجهاً إلى الآب : “أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ ‏وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ”‏‎.‎
و إستخدم الإنجيليون صورة العريس ليعبروا عن يسوع مرات عديدة فى الإنجيل، كما استخدمت في العهد ‏القديم لتصور الله بصفته عريس الشعب اليهودى، فنجد مثلاً في نشيد الإنشاد كيف يتغزل العريس فى ‏عروسته و هى الشعب اليهودى على امتداد السفر . و في نص العذارى الحكيمات و العذارى الجاهلات ‏الجميع ينتظرن قدوم العريس. وفى عرس قانا الجليل يتجلى يسوع و مريم أمه مصدراً للفرح و البهجة بعد ‏أن كاد الخمر أن ينفذ.‏
إن أحزاننا اليوم بسبب الحروب و العنف و القهر الذى نعيشه لن تهزمنا روحياً أو نفسياً طالما شمس العريس ‏تشرق في قلوبنا و عقولنا و لن يفيدنا الصيام و لا الصلاة إذا لم يكونا مقرونين بمجد القيامة و انتصار ‏الصليب عربون القيامة على الظلام الدامس الذى يفرضه فرسيو القرن الواحد والعشرين مهما تجبروا . إن ‏فرسي عصرنا فى مصر مازالوا يحتكمون لشرائع العهد القديم ، يتفننون في التقتير على المؤمنين يعدونهم ‏بالثبور و عظائم الامور إن لم يصوموا على الطريقة القديمة البالية التى رفضها المسيح. و نسوا كلام أشعياء ‏النبى “أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ ‏نِيرٍ‎. ‎أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ ‏لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ ” و ينسفون من الأساس قول معلمنا و ربنا يسوع “لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، ‏بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ” كالحقد و الضغينة و الحسد و الزنى و القتل، “أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! ‏الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ‎.‎‏” هكذا قال يسوع لفريسى عصره و كل عصر.‏
يقضون الصيام على الفقراء الصائمين أصلاً من قلة الموارد و يتمتعون هم بالجاتوه الصيامى و اللحمة ‏النباتى و السمن المستخرج من فول الصويا، بئس الفريسيين في عصرنا و كل عصر. هلموا فلنفرح و نهلل ‏فقد حررنا المسيح من النفاق و الرياء و الخوف ، فلنفرح و لنبتهج لأن مخلصنا آت بمجد عظيم ‏