stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ – الأب وليم سيدهم

1.8kviews

حينما يلاحظ يسوع أن مجالات العمل بين شعبه كثيرة و متعددة فإنه يجعل من وجوده شركاء له ‏ضرورة مُلحة لبناء الملكوت. و من هؤلاء الشركاء إن لم يكونوا بشراً و ليسوا ملائكة؟! هذه ‏الضرورة التى يؤسس لها المسيح بنفسه جعلته يدعو الأثنى عشر رسولاً كخميرة مستمرة من ‏جيل إلى جيل للمشاركة فى عملية البناء و الدعم الروحى و النفسي و اللوجيستى لبناء مملكة الله ‏التى تبدأ على الأرض لتنتهى فى السماء.‏
و لكن البشر يستكثروا على أنفسهم أن يشاركوا الله فى تعمير و بناء الكون: “أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا ‏وَامْلأُوا الأَرْضَ”(تكوين 1 : 28). و طوال مسيرة الخلاص التى بدأها الله منذ نوح الشهير ‏بصاحب الفُلك ثم من بعده إبراهيم و اسحق و يعقوب وصولاً للمسيح نفسه اعتمد الله دائماً على ‏شركاء من البشر، فمنهم الانبياء و الرسل و التلاميذ فليس غريباً علينا أن تتجدد دعوة المسيح ‏لأشخاص يكرسوا حياتهم لخدمة أخوتهم البشر و ضمان التواصل المستمر بينهم و بين الله.‏
إن انحراف سلوك البشر الذى بدأ منذ آدم أبينا الأول و إمتد إلى مجئ المسيح ليصحح هذا ‏الإنحراف و يمنح كل الذين يؤمنون به نعمة الغفران فى كل مرة يضعفوا أمام تحديات الخطيئة و ‏تخور قواهم أمام شدة المحن و التجارب و بالتالى فإن دعوة الفعلة لمتابعة هذا الحصاد ليست ‏بجديدة على الله أو على البشر.‏
و كما أن هناك أنواع من المهن تخدم الإنسان مثل الطبيب و المهندس و الكهربائى و التاجر و ‏العامل فإن ملكوت السموات التى تخترق كل هذه المهن و غيرها تحتاج ايضاً إلى فعلة من نوع ‏آخر يسهرون على بناء الإنسان و على حياته الروحية و علاقته مع الخالق.‏
و إن إنحصرت في القديم هذه المهنة على الكهنة و رؤساء الكهنة و اللاويين فإن خدمة العهد ‏الجديد مفتوحة لكل أنواع البشر و ليس حكراً على أسر الكهنة أو اللاويين كما كان في العهد القديم.‏
و الآن بعد الفى عام من تشييد الكنيسة فى مختلف بقاع العالم و تعدد ثقافاتها و حضاراتها و ‏طقوسها تحتاج الكنيسة فى شرقنا إلى إعادة تجديدها و بناءها على أسس يصبح فيها خدام الكلمة ‏و رعاة العلاقة بين الله و البشر أكثر تطوراً و أكثر تواضعاً و أكثر حرصاً على الأمانة التى ‏يكلفهم بها الله من خلال مخاطبة ضمائرهم و قلوبهم بأن يتجردوا عن مصالحهم الشخصية ‏ليكرسوا حياتهم لمصلحة الكنيسة و الملكوت.‏
نعم قالها المسيح عدة مرات لتلاميذه و للجموع إن الفعلة قليلون و الحصاد كثير، ومهما قيل اليوم ‏عن إضمحلال الحضارة الغربية و نضوب الدعوات ة انفصال الكنيسة عن الإنسان في حياته و ‏عمله اليومى فإننا نظل نصرخ في البرية : ” أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً”.‏
فمازالت القيم السامية التى يحملها الايمان المسيحى فاعلة و فعالة اليوم أكثر من أى وقت مضى. و ‏إذا كان الكذب و الأنانية و النزعة الاستهلاكية و تفتيت الأسرة و انحصار المؤسسة الكنسية و ‏اتهام الكنيسة بكل الموبقات فإن قيم العطاء و التضحية و المجانية و الحرية الداخلية و الصبر و ‏قوة الاحتمال و إقامة العدل …. الخ مازالت تحمل في طياتها قوة سلام و خلاص الانسان فى ‏عصرنا الحالى.‏
ولا شك أن الشهداء الذين يسقطون كل يوم فى أفريقيا و آسيا و الشرق الأوسط و أمريكا الجنوبية ‏و الهند من اجل إيمانهم بالمسيح لأكبر دليل على عنفوان هذه القيم المسيحية و قدرتها على إضفاء ‏المعنى إلى حياة الملايين في عصرنا الحالى.‏
فيارب بارك هذه الكرمة وتعهدها. ‏