stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عظات الأيام الطقسية

قراءة في رسالة (خُلّصنا في الرّجاء)- إعداد إكليريكي جوزيف منير

976views

jpg_15

 

·  مقدمة:  قصة « راجيًّا حتّى النّهاية»

 

كان هناك رجلاً من هواة تسلق الجبال، قرر يومًا أن يتسلق أعلى جبال العالم، فأعدَّ نفسه جيدًا لهذه المغامرة الكبيرة الّتي يحقق بها حُلمه. وبالفعل بدء الرّجل التسلق ومرّت السّاعات حتّى جاء اللّيل وكان قد بلغ منتصف الجبل وشعر بتعبٍ شديدٍ، ولكنّه قرر أن يكمّل طريقه في البرد القاسي. وكان قد اقترب من الوصول للقمة، ولكنَّ انزلق وبدأ يسقط ويرتضم بصخرات الجبل، حتّى أمسك بالطرف الثّاني من الحبل. فوجد نفسه يتأرجح في الهواء لا شيء تحته. فصرخ الرّجل قائلاً: « رجائي فيكَ يا إلهي»، فسمع صوتًا يجيبه: « أتؤمن حقًا أنَّي قادرٌ على انقاذك»، فأجابه الرّجل: « نعم اؤمن». فقال له الصوت: « اقطع الحبل الذّي أنت ممسك به…». لم يصدق الرّجل بل تمسك بلحبل جدًا، وفي الصباح عُثر على جثة هذا الرّجل على بعد مترين من سطح الأرض، وهو ممسك حبلاً وقد جمده البرد.

 

1- ما هو الرّجاء ؟     

– الرّجاء هو الإيمان بالمستحيل، نهاية قدرة الإنسان وبداية قدرة الله، ينقل الإنسان من دائرة الاعتماد على المنطق البشري إلى دائرة الاعتماد على المنطق الإلهي.

– الرّجاء هو عطية مجانيّة من الله، غير الحياة بل تمنح حياةً.

– الرّجاء يمنحنا قوةً لمواجهة صعوبات الحاضر.

– « بل قدسوا الرّبَّ الإله في قلوبكم مُستعدين دائمًا لمجاوبة كلَّ مَنْ يسألكم عن سبب الرّجاء الذّي فيكم بوداعةٍ وخوفٍ» (1بط3: 15)

– « لأنَّنا بالرّجاء خُلصنا. ولكنَّ الرّجاء المنظورليس رجاءً. لأنّ ما ينظره أحدٌ كيف يرجوه أيضًا » (رو8: 24)

 

* مثال للرّجاء:( حياة ق جوزفين بخيتا)

وُلدت هذه القديسة عام 1869م في دارفور بالسّودان، اختطفها تّجار العبيد في عمر 9 سنواتٍ، قاموا بضربها وتعذيبها وباعوها خمس مراتٍ كعبدةٍ، وكانت تُضرب كلَّ يمٍ حتّى الدّم. وُجد في جسدها 144 جُرحًا. في عام 1882م بيعت للقنصل الإيطالي « كاليستو لنياني» الذّي عاد لإيطاليا. بدأت ق بخيتا تسمع عن سيد السّادة، وإنَّ هناك سيدٌ صالحٌ لا بل هو الصلاح بذاته، سيدٌ يعرفها ويحبُّها وهو الرّبُّ يسوع. في 9 يناير 1890م قبلت سري العماد والتثبيت والمناولة الأولى على يد بطريرك البندقية، وفي 8 ديسمبر 1896م أعلنت نذورها في رهبنة الاخوات الكانوسيان في فيرونا. وكانت تخدمالسّكرستيا وبوابة الدّير. وكانت في أسفارها تدعو إلى الرّسالة والحُرّيّة مقدمةً رجاءها الكبير «الله» للآخرين. كانت تقول: « أنا محبوبةٌ إلى الأبد، مهما حدث لي فهذا الحبُّ ينتظرني. هكذا أصبحت حياتي حلوةً».

– الله هوأساس رجاءنا، أعظم مثال لنا في الرّجاء هو يوع المسيح على الصليب متحملاً آلام البشريّة الخاطئة، فرجاؤه في خلاص الإنسان كان أعظم من آلامه « فإنَّ السيح أيضًا تألم لأجلن تارًا لنا مثالاً لكي تّتبعوا خطواته» (1بط2: 21).

– رجاؤنا العظيم أنَّ لنا حياةً أبديّةً، إنَّ الحياة لا تنتهي بالموت، بل أنَّ هناك حياةً أخرى بعد الموت حتّى ولو لم نعرفتفاصيل هذه الحياة الّتي تنتظرنا، هذا سيجعلنا نعيش حاضرنا بفرحٍ وسرورٍ ممتلئين بالرّجاء. مَنْ منَّا اليوم يعيش بهذا الرّجاء ؟ متطلعًا إلىالحياة الأبديّة، متحملاً صعوبات الحاضر في سبيل مجد الحياة الأبديّة « فإنَّ سيرتنا نحن هي في السّموات الّتي منها أيضًا ننتظر مخلّصًا هو الرّبُّ يسوع المسيح » ( في3: 20).

– « في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم يناولا المواعيد بل من بعيدٍ نظروها وصدّقوها وحيّوها وأقرّوا بأنَّهم غرباءٌ ونزلاءٌ على الأرض. فإنَّ الذّين يقولون مثل هذا يُظهرون أنَّهم يطلبون وطنًا… لكن الآن يبتغون وطنًا أفضل أي سماويًّا. لذلك لا يستحي بهم الله أن يُدعى إلههم لأنَّه أعدَّ لهم مدينةً» (عبر11: 13-14، 16). هذه الآية لا تجعلنا متواكلين على الله، هاجرين لحياتنا الأرضيّة غير مهتمين بها، بل المعنى المُقصود هو أن نضع كلَّ رجاءنا في المسيح يسوع حيثُ نتنعم معه في الحياة الأبديّة.

– قد يكون الرّجاء بالنّسبة للفقير هو المال والغنى والحصول على الممتلكات، وقد يكون بالنّسبة للغني هو السّلطة والنّفوذ. لكن الرّجاء الحقيقي لكلِّ إنسانٍ هو الله مانح العطايا والخيرات.

 

2- ارتباط الرّجاء بالإيمان:    

« … الإيمان فهو الثّقة بما يُرجى والإيقان بأمورٍ لا تُرى» (عبر11: 1)، وبحسب الترجمة اللاّتينيّة: « الإيمان هو جوهر الحقائق المُرجوّة والبرهان عن الحقائق الّتي لا تُرى». وبحسب الترجمة المسكونيّة للـ ع.ج بالإلمانيّة: « الإيمان يعني أن نكون ثابتين فيما نرجوه، وأن نقتنع بما لا نراه». فوعد المسيح ليس فقط حقيقةً مُنتظرةًبل حقيقةً حاضرةً مُعاشةً. فرجاؤنا يمنحنا الثّبات في أن نعي بإمانةٍ لله منتظري مجيئه الثّاني.

 

 – في طقس العماد اللاّتيني يدور هذا الحوار:

§       الكاهن: ماذا تطلبانِ من الكنيسة ؟

§       الوالدانِ: الإيمان.

§       الكاهن: ماذا يعطي الإيمان ؟

§       الوالدانِ: الحياة الأبديّة.

 فالإيمان هو جوهر الرّجاء، ومفتاح الحياة الأبديّة.

– رجاؤنا في الحياة الأبديّة جعلنا لا نهاب الموت، عالمين أنَّ لنا مجدًا عظيمًا ينتظرنا، كما يقول ق امبروسيوس: « لا ينبغي أن نبكي على الموت فهو سبب خلاص»، فالكون لم يُخلق للخلود، والإنسان أيضًا لم يُخلق ليخلّد على الأرض.

– في وسط الصعوبات الّتي نعيشها نجد وعد يسوع لنا: «… لكنّي سأاكم أيضًا فتفرح قلوبكم ولاينزع أحدٌ فرحكم منكم» (يو16: 22).

– بالإيمان المُبني على الرّجاء قدّم هابيل لله ذبيحةً أفضل من قايين، نُقل أخنوخ لكي لا يرى الموت، نوح بنى فلكًا لخلص بيته، إبراهيم تغرّب في أرض الموعد، سارة أقامت نسلاً، قدّم إبراهيم ابنه اسحق ذبيحةً لله، يعقوب بارك كلَّ أولاده، موسى أُخفي بعد مولده، موسى رفض أن يُدعى ابنة فرعون، سقطت أسوار أريحا، راحاب الزّانيّة لم تهلك (عبر11).

 

3- هل الرّجاء المسيحي أناني ؟ هل المسيحيّة تسعى للخلاص الشّخصي الفردي ؟   

– إنَّ الخلاص في نظر آباء اكنيسة جماعيٌّ وليس فرديًّا، كما يوضح ك.م:

v   « لأنَّه كان ينتظر المدينة الّتي لها الأساسات الّتي صاعها وبارئها الله » (عبر11: 10)

v   « لأَّن ليس لنا هنا مدينةٌ باقيةٌ لكنَّنا نطلب العتيدة » (عبر13: 14) 

– الخطيئة هي هدم لوحدة الإنسانيّة مثلما حدث في برج بابل حيثُ الانقسام، بينما نجد الوحدة يوم العنصرة/حلول الرّوح القدس.

– الرّجاء عند ق أوغسطين: الحياة السّعيدة نحو الجماعة.

– لا نعتقد أبدًا أنَّ الرّهبان يسعون فقط لخلاص أنفسهم، فكمايقول روفان: « الجنس البشري يعيش بفضل بعض الأشخاص، الذّين لو لم يكونوا موجودين لهلك العالم».

– لا أستطيع أن أصبح سعيدًا ضد أو بدون الآخرين، خلاصي مرتبط بالآخر، لا خلاص لي بدون الآخر.

– رجاؤنا هو رجاءٌ للآخرين « لا أحدٌ يحيا وحده… لا أحدٌ يخطىء وحده… لاأحد يخلص وحده».

– نحن نعيش الآن أزمة رجاء… رجاء في المسيح، نعيش لنأكل ونشرب ولنكفي احتياجاتنا الشّخصيّة، لكنَنا لا نبحث عن أي معنى وهدف لحياتنا. لابدَّ أنَّ إيماننا يقودنا إلى رجاء الحياة الأبديّة.

– لقد منحنا الله عطيتانِ تجعلنا نميز بين الخير والشّرّ، بين الخير والخير الأفضل هما: العقل والإرادة، فهما علاماتٌ لنا على طريق الرّجاء:

ý   العقل: يجعلنا نفكر ونخطط ونبدع ليس فقط في الماديات، بل أيضًا في الرّوحيات.

ý  الإرادة: تمثل الحُرّيّة في فعل الخير واختيارات الحياة « كثيرون بحثوا عن حُرّيّتهم ولكنهم لم يجدوها إلاَّ في يسوع المسيح» على مثال حياة ق أوغسطين.

– كلُّ شيءٍ في هذا العالم للفساد والزّوال، فكلُ أمرٍ وله نهاية، أمَّا نهاية الإنسان المؤمن فهي بدايةٌ وليست نهايةً، إنَّها بداية حياة جديدة مع يسوع في الحياة الأبديّة.        

– يجب على كلِّ إنسانٍ أن يواجه ذاته بعدةٍ أسئلةٍ:

من هو أساس رجائي ؟

 

فيما يكمن رجائي الحقيقي ؟

 

ماذا أقدّم للآخرين حتّى يكون لهم رجاءً حقيقيًا ؟

 

– إذا كنّا لا نعيش ملكوت الله على الأرض، فإنَّنا نعيش ملكوت ذواتنا!!!

– الرّجاء الحقيقي للإنسان في المحبّة، فالمحبَّة تعطي الإنسان معنى جديدًا.محبتنا لبعض ناقصةٌ محدودةٌ سريعة العطب والزّوال، لذلك نحتاج إلى حبٍّ غير محدود بدون شروط، المحبَّة الّتي أتي بها يسوع إلينا: « وأمَّا أنا فقد أتيتُ لتكون لهم حياةٌ وليكون لهم أفضل» (يو10:10).

– كلّما اتّحدنا بيسوع، استطاعنا أن نخدم الجميع: « مَنْ أحبَّ الله أحبَّ أيضًا قريبه بدون تحفظ؛ يصبح غير قادرٍ على الاحتفظ بغناه فهو يوزعه مثل الله مُعطيًّا كلَّ واحدٍ ما هو بحاجةٍ إليه» (ق مكسيموس المعترف). 

– محبتنا لله تتطلب منّا حُرّيّة داخليّة تجاه كلّ ارتباط بالماديات، تظهر في مسئولياتنا نحو بعضنا لبعض، تدفعنا أن نعيش للآخرين « وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للّذي مات لأجلهم وقام» (2كو5: 15).

 

– هناك أمورٌ كثيرةٌ يترجاها الإنسان في حياته:

v   رجاء لحبِّ يملأ حياته.

v   رجاء لوظيفة تناسب تعليمه.

v   رجاء لرزق وتكوين أسرة.

ولكن يظل رجاء الإنسان الحقيقي في البحث عن الله.

4- كيف نرّبي الرّجاء في داخلنا ؟

– يمكننا تنشئة الرّجاء بعدةٍ طرقٍ منها:

 

1- الصلاة مدرسةٌ للرّجاء:

– إذا لم يجد الإنسان شخصًا يُضغي إليه، فهناك الله ينتظر أن يسمعنا في صلاتنا… إذ لم يجد أحدًا يساعده، هناك الله المساعد الأمين… ليكن رجاؤنا هو الله وليس الإنسان « ملعونٌ مَنْ يتكل على ذراع بشر» (

– نفترض إناءً مملوءًا خلاً، قررنا أن نملأه عسلاً. فيجب علينا أن نتخلص من الخل الموجود في الإناء وطعمه، ثم نملأ الإناء عسلاً… هذا ما يجب أن يحدث في الصلاة، نتطهر أوّلا من الخطيئة ونزيل آثارها من ذواتنا ثم نمتلأ بكلمة وحضور الرّبِّ بداخلنا.

– بالصلاة إلى الله (رجاؤنا الكبير) نصبح خدامًا للرّجاء الحقيقي، وذلك بلفت نظر الآخرين إلى الله (رجاؤنا).

 

2- العمل والألم:

– كلُّ عملٍ نتممه بإمانةٍ وإخلاص، نساهم في تقدم المجتمع ورقي الإنسانيّة والانفتاح على مستقبلٍ باهرٍ.

– الله وحده يمنحنا الشّجاعة للعمل والمتابعة، فالعمل الذّي نقوم به بدون الله لا قيمة له.

– الألم هو نتاج محدوديّة الإنسان، تضامن البشريّة في الخطيئة.

– نحن لا نستطيع أن نلغي الألم تمامًا من حياتنا، وليست إرادة الله في زوال الألم عن الإنسان، ولكن دورنا هام جدًُاتجاه المتألمين:

§       التخفيف من آلام الأبرياء.

§       تهدئة الأوجاع.

§       المساعدة على تخطّي الآلام النّفسيّة.

– للألم أهميةٌ وقيمةٌ عظمى في حياتنا؛ فكلُّ منَّا يحاول أن يتجنب أو يهرب من كلِّ ما يمكن أن يُسبب له ألمًا. يقول الأنبا بولا: « مَنْ يهرب من الضيقة، يهرب من الله»، فترجع أهمية الألم إلى:

o     طريق تطهير ونضج.

o     طريق للرّجاء.

– « أنا بولُس المُقيد بالسّلاسل من أجل المسيح، أريد أن أًحدثكم عن المحن حيثُ أُدفن يوميًا حتّى إذا احترقتم بالحبِّ الإلهي، تسبحوا الرّبَّ معي… هذا السّجن هو حقً صورة حيّة لجهنم الأبديّة. إنَّ السّلاسل والنّير والقيود يُضاف إليها الغضب والانتقام واللّعنات والأحاديث السّافلة، والضرب والأعمال الشّريرة وأنواع القيّم الكاذبة والنّميمة الّتي يُضاف إليها الضجر والحزن… بنعمة الله، وسط هذه العذابات الّتي عادة تُحزن الآخرين، أنا مليءٌ فرحًا وسرورًا لأنَّني لستُ وحدي، إذ المسيح هو معي… إنَّه الرّجاء يعيش دائمًا في قلبي» ( الشّهيد الفيتنامي بولُس لاباوتنه).

– المجتمع الذّي لا يساهم في تخفيف الآم النّاس ومشاركتهم كلَّ ظروفهم… مجتمعٌ بعيدٌ عن الله. الإنسان الذّي لا يمد يد العون لأخيه المُحتاج… إنسانٌ جاحدٌ لنعم الله عليه. فعندما نتشارك الفرح يزيد، وعندما نتقاسم الحزن يقلُّ.

– ليكن شعارنا: « نتألم مع الغير… نتألم لأجل الغير… نتألم لأجل الحبِّ… نتألم حبًّا للحقيقة والعدل… لا ننسى أنَّ الله يتألم لأجلنا ومعنا».

– عندما أقول «نعم» للحبِّ، أكون قد دخلتُ دائرة الألم، لأنَّ الحبَّ يتطلب منّي الخروج من الذّات، التجرد الذّي يسبب لي ألمًا. فالحبُّ والألم وجهان لعملةٍ واحدةٍ.

– هناك الكثير من التساؤلات الّتي تتولد بداخلنا منها:

مما أتألم ؟

 

هل الآخر يستحق أن أتألم من أجله ؟

 

هل كلمة الحقِّ تستحق أن أتألم من أجلها ؟

 

– يكمن مقياس الإنسان في تألمه من أجل الحقيقة.

– في حياة القديسين؛ نجد ق فرنسيس الأسيزي يطلب من الله أن يشاركه في تحمل الآم جروحاته الخمسة. وهكذا ق ريتا شفيعة الحالات المستعصيّة نالت شوكةً من إكليل شوك يسوع محبَّة في مشاركة يسوع الآمه. أين نحن من ذلك ؟

 

3- الاستعداد للدينونة/المجيء الثّاني:

– منظر الدّينونة لا نعتبره تهديدًا لنا، إنَّما هو رجاءٌ يجعلنا نتطلّع إلى الحياة الأبديّة، منظرٌ يدعونا للمسئولية.

– كلُّ إنسانٍ متألمٌ مظلومٌ يضع رجائه الحقيقي في الله (ضابط الكلِّ).

– ليكن رجاؤنا وتعزيتنا: إنَّ الإنسان مخلوقٌ للحياة الأبديّة.

– في مثل الغني ولعازر (لو16: 19-31) نجد أنَّ هناك مصيرًا يتحدد مباشرةً بعد الموت لكلِّ إنسانٍ، أمَّا في السّماء للأبرار، وأمَّا في جهنم للأشرار، وأمَّا في المطهر للذّين ماتوا تائبين ولكن لم يتطهروا تمامًا من الهفوات. هؤلاء لهم رجاءً في صلاتنا من أجلهم في القداسات والجنازات حتّى ينحهم الله في نعيم الأبرار. فصلاة الأحياء من أجل الموتى هي حبٌّ يصل إلى ما وراء الطبيعة، حبٌّ يتخطى حدود الموت، رجاءً مسيحيًّا.

 

4- مريم نجمة الرّجاء/أمِّ الرّجاء: 

– « السّلام عليكِ يا نجمة البحر» مريم العذراء هي النّجمة الّتي تشجعنا وتعزينا وسط عواصف وأمواج العالم، هي فنارٌ للسّفن التائهة.

– إنْ كان يسوع هو الرّجاء الحقيقي (شمس البرِّ)، فإنَّه يعكس نوره على العذراء مريم (نجمة الرّجاء) هدايتنا.

– مريم العذراء على مثال سمعان الشّيخ ترجو عزاء إسرائيل (لو2: 25).

                           حنّة النّبية ترجو خلاص أورشليم.

– لقد جسّدت مريم العذراء كلمة الله (يسوع) رجاء كلَّ العالم.

 

س  هل اضطرب رجاء مريم في خلاص العالم عند موت ابنها على الصليب ؟

ج  لا. مريم كانت تعلم تمامًا أنَّ لا خلاص للعالم بدون صليب ابنها، فهي لم تفقد الرّجاء أبدًا، فقد ذهبت فجر أحد القيامة لتلتقي بابنها، وكانت تشجع التلاميذ وتنتظر معهم حلول الرّوح القدس بالصلاة والشّركة في كلِّ شيءٍ بقلبٍ واحدٍ.

 

يا قديسة مريم،

 

يا والدة الله، يا أمِّنا،

 

علّمينا أن نؤمن ونرجو ونحبَّ معكِ.

 

دلّينا على الطريق نحو الملكوت.

 

يا نجمة البحر، شعّي علينا وقودينا على طريقنا!

 

                                                                                البابا بندكتوس السّادس عشر