stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

الكنيسة الكاثوليكية بمصركنيسة الكلدان الكاثوليك

مقابلة مع الكاردينال ساكو ( بغداد ) : “ التحدي الحقيقي هو مستقبلنا ”

929views

نقلا عن موقع بطريركية بابل للكلدان

12 فبراير – شباط 2020

اجراها معه الاعلامي دانيلي روكو في AgenSir

الترجمة العربية: المطران روبرت جرجيس

مقابلة مع الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في بغداد، والذي سيكون في باري (إيطاليا) للمشاركة باجتماع “البحر المتوسط ، حدود السلام” المُنظم من قِبل CEI (مجلس الأساقفة الكاثوليك الإيطاليين). يقول صاحب الغبطة: “إننا سنتحدث في باري عن التحديات التي تواجه كنائسنا، بكل ما يتعلق بمستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط. أهمية ولادة “الدولة المدنية“،  والتي هي ا لحل لأزمات دول الشرق الأوسط وهي ستنهي ظاهرة  الطائفية

أن الظروف الأمنية، في الوقت الحالي، ليست جيدة. والأمل هو إمكانية مجيء البابا إلى العراق، لربما في الخريف. الشعب العراقي ينتظره بشوق.حضوره فيما بيننا هو علامة ملموسة لقربه من جميع بلدان الشرق الأوسط، ولا سيما تلك التي تميزت بالحروب والتوترات، كما في العراق و سوريا وإيران “.

نلتقي بالكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية (بغداد). بعد الاجتماع الذي عقده في الفاتيكان مع البابا فرانسيس يوم الجمعة 7 شباط، مع البطاركة الكاثوليك الآخرين في لبنان والعراق وسوريا ومصر. ويتحدث الكاردينال إلى Sir قائلاً: “لقد كان اجتماعًا ضرورياً، والأجواء كانت اخوية وصريحة جداً. لقد عرضنا أمام قداسته، تحديات كنائسنا وبلداننا، وأخبرناه عن حياة المسيحيين، وكم نحن بحاجة إلى دعم البابا لوضع حدود لكل المعاناة التي نعيشهاا. لقد أصبحنا أقلية صغيرة ومستقبلنا مهدد. لقد شعرنا بقُربه بالكامل وقد قال مرارًا وتكرارًا إنه بطريرك أيضًا، بطريرك روما، وهو معنا، مع الكنائس الشرقية التي تعيش في بلدان ذات أغلبية إسلامية. لقد كان لقاءً، ثبتنا بالإيمان وأعطانا قوة وأملًا جديداً“. سيتواجد الكاردينال ساكو في باري لحضور اجتماع الذي ينظمه مجلس اساقفة ايطاليا  CEI “البحر المتوسط ، حدود السلام” (19-23 شباط). وفي تلك المناسبة، يشرح غبطته قائلاً: “سوف اتحدث عن تحديات كنائسنا

صاحب النيافة، هل هناك تحدي، يشمل كل شيء، ويوحدّ كنائس الشرق الأوسط؟

التحدي الذي يشمل كل كنائسنا هو تحدي المُستقبل الخاص بنا. التحدي الحقيقي هو كيفية الحفاظ على مؤمنينا في بلدانهم، على الرغم من الصعوبات الخطيرة المرتبطة بعدم الاستقرار، وانعدام الأمان الاجتماعي والاقتصادي والحروب. فإننا العراق كما في سوريا، نحسب يومياً، الموتى والجرحى. فكيف يمكن العيش في سياق الخوف هذا؟ فالمسيحيون، مثلهم مثل أي شخص آخر، يبحثون عن الاستقرار واليقين لمستقبل أطفالهم وعائلاتهم. التحدي هو مساعدتهم على البقاء.

في هذا الصدد: هناك انتقادات موجهة إلى بطاركة الكنائس الشرقية من كونهم يتواطئون مع الأنظمة الديكتاتورية في بلدانهم، سوريا، العراق، لبنان، مصر، فقط من اجل الشهرة. كيف ترد؟

بخصوص العراق، فقد تغيرت الأمور كثيرًا. فإننا نعبر عن أفكارنا بشكل علني، من خلال  وسائل الاعلام . ولكن يجب ألقول، إنه من المناسب معرفة عقلية ووضع مختلف البلدان. فالمسيحيون يبحثون عن الأمن والاستقرار غير الموجودين حاليا . الخوف هو تغيير النظام والسقوط بين أيدي نظام أسوأ. نحن في العراق نعرف شيئًا: أن النظام قد سقط في عام 2003 ومنذ 17 عاماً لم يتطور شيء. فإننا يوميا نختبر الفوضى بشكل مباشر. لذا فوجود شخص ما، حتى لو كان ديكتاتوراً، لكنه يُحافظ على الجانب الأمني والاستقرار ،  فهو شر أقل. فقد كان المسيحيون في سوريا حوالي 20 ٪ واليوم  تناقص العدد كثيرا لربما الى 6 ٪،  انها خسارة كبيرة. فأن التغيير يُصبح مؤلما لو كان فقط من اجل التغيير. لانه يجب علينا أولاً توعية الناس  بالديمقراطية، والحرية، وليس بالشعارات. ولديَّ.

هناك بذور للصحوة الديموقراطية في العراق، وكذلك في لبنان، في الساحات المليئة بالناس، من كل عقيدة وإثنية وايمان سياسي، تطالب بالحقوق والخدمات والعدالة ونهاية الفساد. لقد كنتم في ميدان التحرير ببغداد، المركز الحساس للاحتجاج، حيث تمّ استقبالكم بحماس كبير.

أتذكر ذلك السبت الذي ذهبت مع الأساقفة المعاونين إلى الساحة. فقد تلقينا ترحيبا كبيرامن قبل المتظاهرين. جاء المئات من الناس لالقاء التحية علينا. فلم يذهب أي مرجعية دينية لتفقدهم. فقد كانوا يقولون لي: “بطريرك الجميع”. فمتطلبات المتظاهرين  شرعية عادلة ومقبولة. كيف لا يمكننا مشاركة طلبات تدعو إلى العدالة والخير العام والمواطنة و”نريد وطن”؟ اليوم كل شيء طائفي، ومفهوم الوطن غير موجود، وكل شيء منقسم، مجزأ، بما في ذلك الولاء. لقد أدركت وجود المسيح في رغبة متظاهرين فيمطالبتهم بالأخوة والعدالة  والكرامة والخير.

لقد تحدثت عن لاهوت التحرير …

من واجب الكنيسة قراءة علامات الأزمنة، كما في أمريكا اللاتينية. شبابنا وشاباتنا يضحون بدمهم من أجل قضية السلام والعدالة والكرامة الإنسانية والحرية. لغاية اليومبلغ عدد القتلى 600 والجرحى 25 ألف جريح. يجب أن تكون الكنيسة حاضرة في هذه الحقيقة لكي تهب كلمة رجاء. ليس علينا أن نبقى خارجاً في هذا. لقد طلبت مراراً من السلطات العراقية الاستماع إلى طلبات المتظاهرين في الساحات لأنهم أبناؤهم  وبناتهم،  وهم  مستقبل العراق.

هناك دعوة دائمة لولادة دولة علمانية: هل تعتقد أن الوقت قد حان؟

الحل لأزمات دول الشرق الأوسط هي الدولة المدنية، فالدولة المدنية يعني نهاية الطائفية. يجب أن أقول: إنني غالباً ما أنتقد من قبل لأنني أتحدث بالسياسة. لكن الموضوع بالنسبة لي هو مناسبة لتنشئة الضمير. فالمسلمون أنفسهم يريدون سماع شيء مختلف عما يسمعونه عادة. في الوقت الذي يهدف فيه الإسلام السياسي إلى تأسيس دولة ثيوقراطية، لكنه لا يمكنه النجاح، لأننا لسنا في القرون الوسطى، فللدين والدولة مجالان مُميزان. فللدين مبادئ ثابتة  وللسياسة مصالح متحركة، والتي غالباً ما تكون وللأسف شخصية وفئوية. في حين أني أتحدث عن دولة مدنية، قائمة على المواطنة، هدفها التكامل وخدمة جميع مكوناتها دون أي تمييز. حتى المرجعية الشيعية، اليوم، بدأت تتحدث عن دولة مدنية. المفهوم واضح وهو: الفصل بين الدولة والدين مع احترام القيم الروحية والأخلاقية. وأنا لا أتحدث عن المسيحيين فقط، ولكن عن كل العراقيين. الأسقف، الكاهن، ليس فقط للقطيع وانما هو للجميع. يجب تقديم المساعدة والدعم للجميع دون تمييز. هذه شهادة عظيمة.

ما مدى أهمية، وثيقة الأخوة الإنسانية لأبو ظبي في عملية التجديد هذه، التي تتمنوها من اجل دولة مدنية؟

أود أن أسميها وثيقة اساسية، قد تغير  العلاقات  فينفتح المسيحيون والمسلمون على بعضهم من اجل مجتمع افضل وعيش مشترك متناغم. لم نتوقع ابداً، رؤية قداسة البابا وهو يحتفل بالذبيحة الإلهية في شبه الجزيرة العربية ولأول مرة، استطاع المسلمون رؤية المسيحيين وهم يصلون باحترام والاستماع إلى نصوص القداس. فرؤية الآخر ومعرفته  تغير النظرة والتعامل.

يكثر الحديث عن المواطنة والمدنية، وحتى في الإرشاد اللاحق لمجمع “الكنيسة في الشرق” للبابا بندكتوس السادس عشر. بعد 10 سنوات من السينودس للشرق الأوسط، ماذا تبقى من هذه الوثيقة؟

أتذكر أنه خلال زيارة “اد ليمينا”، قدمت طلباً بنفسي للبابا بندكتوس من اجل سينودس. ولد هذا الطلب من الوعي بأننا كنائس صغيرة نحتاج  للعمل معًا لمواصلة مستقبلنا. وبالفعل تمّ الاحتفال بالسينودس في شهر تشرين الأول من العام 2010. لحقتها مشاكل مرتبطة بالقاعدة، ولادة داعش، وتفجير  الكنائس. يكفي أن نذكر ما حدث في 31 تشرين الأول ببغداد، أي بعد أيام قليلة فقط من نهاية السينودس، حيث فجرت كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك و توفى أكثر من 50 شخصاًعلى أيدي الإرهابيين. ولم يترجم على ارض الواقع، السينودس في الشرق الأوسط، في كنائسنا. إنني مقتنع، اليوم مثل البارحة، بأن كنائسنا الشرقية يجب أن تعمل معاً.هناك كنائس صغيرة وأخرى كبيرة، مع إمكانيات أكثر أو أقل،  ويخطر ببالي:  انشاء مدارس ومستشفيات وسكن للاشدّ حاجة لمساعدة الناس على البقاء والتواصل. يجب أن نوحد القوى والمهارات إن كنا نطمح بمستقبل لكنائسنا.

في البداية يجب حلّ التنافسات الداخلية بين الكنائس …

يوجد داخل الكنائس ارتباط قوي بالهوية القومية التي لا تتوافق مع مسار الكنيسة. فعلى سبيل المثال، نتحدث عن “المارونية” و “الكلدانية”، في حين ان  انتماءنا  هو إلى الكنيسة الجامعة ورسالتها الشاملة. ففي الكنائس الشرقية، فقدنا البعد التبشيري مع ظهور الإسلام..فالقوميةيجب ألا  تجعلنا ككنيسة منغلقة على ذاتها بتطرف.

سوف تكونون في باري لحضور الاجتماع الذي ينظمه CEI “البحر المتوسط، حدود السلام”. هي لحظة لقاء بين الكنائس، لربما تعرف بعضها بعضًا قليلاً وتتحدث مع بعضها البعض أقل. ماذا تنتظرون من هذا الحدث الذي سيشارك فيه 58 من الأساقفة والبطاركة الكاثوليك القادمين من البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط؟

أتمنى ان يكون  الكلام بوضوح عن التحديات، لا فقط بالنسبة للمسيحيين بل أيضًا لشعوب هذه البلدان. يجب إزالة جميع الحواجز فيما بيننا. الهجرة تُعدّ تحدٍّ كبير يُفقر حتى ثقافياً هذه البلدان التي تعاني من خسارة لشخصيات لامعة. كما ان الهجرة تضعنا على المحك مع تحديات أخرى، وهي أولاّ استقبال اللاجئين ومن ثم الاندماج في المجتمع، فأولئك اللاجئين الذين يصلون، لا يمكن تركهم بمفردهم حائرين في مواجهة مصيرهم. فنحن ككنائس شرقية، نحاول مساعدة مؤمنينا في الشتات، ضامنين لهم أيضًا رعاية روحية. لكن دراسة راعوية مناسبة تبقي تقاليدهم وهويتهم الكنسية على قيد الحياة، وبنفس الوقت، تراعي البلد الذي يعيشون فيه، كونها بلدان ذات عقلية وثقافة وتقليد ولغة مختلفة.  فأرث إيماننا الشرقي ممكن ان يكون نموذجاً للغرب العلماني، لمراجعة ذاته . نحن بالامنا  وامانتنا وشهدائنا للكنيسة الجامعة.  فمسيحيو الغرب قد يحفزهم مسيحيوالشرق، الذين دفعوا ثمناً غالياً للحفاظ على إيمانهم بالمسيح. هناك حاجة للتحدث بهذا الخصوص.

لربما بلغة جديدة ومختلفة؟

يجب البحث عن مفردات مشتركة جديدة للحديث عن الإيمان. كانطلاقة جديدة من الكتاب المقدس، من اللاهوت الكتابي، ولكن باستخدام لغة مُتجسدة في الحياة اليومية ومفهومة أكثر. كما ان رسالتنا تتشخص ايضاً في الحديث بلغة مناسبة عن الأيمان المسيحي للمسلمين، كواجب، والذي لا يمكن البلوغ إليه باستخدام اللغة الكلاسيكية، الفلسفية، الميتافيزيقية التي  تُعدّ ألغازاً بالنسبة للكثيرين. كما يجب اللجوء إلى الشباب ووسائل الإعلام الاجتماعية، كونها وسائل رائعة للقيام بذلك، حيث يجب الحديث معهم عن الحياة والإخوة والاحترام والنضوج الإنساني والروحي والعناية بالخليقة. في الوقت الذي يُعلمنا ربنا يسوع المسيح: “انه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، بل  بكل بكل كلمة منه“، لذا فلنُسمع هذه الكلمة. ويقدم لنا البابا مثالا رائعاً، فهو يفهم الانسان ويعرف كيف يتحدث إلى قلبه.

لا يمكن إنكار الخلاف الذي يدور حول شخصية البابا، والذي يخلق انقسامات واستقطابات بين المؤمنين أنفسهم. ما هو السبب حسب رأيكم؟

يُعدّ البابا فرانسيس شخصية غير عادية  حتى بالنسبة للمسلمين، فهو محترم للغاية، والجميع يتحدثون عنه. أما بالنسبة لنا نحن المسيحيين فهو “نعمة”. ولكننا نعلم، أن لا يوجد  أحد كامل والناس لا تقتنع بأحد أبدًا، وتنتقد الجميع، فقد انتقدوا يسوع. أنا واثق أن الخير هو الذي سيبقى وسينكشف وبالتالي وستنتهي الثرثرة.