stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أدبية

ممارسة سر التوبة – إعداد الأب د./ رمزي نعمة

985views

prodممارسة سر التوبة – إعداد الأب د./ رمزي نعمة

المسيحي- ككل إنسان- ضعيف ومحدود ولا يستطيع أن يعمل كل ما يريد ولا يريد جديا كل ما عليه أن يعمل. فهذا التوتر القائم بين ما هو عليه وما هو مدعو ليكون، بين المثال الذي يتوق إليه والواقع الذي يعيشه، هذا التوتر قادر على أن يوقظ فيه طاقات غير متوقعة. فهذه الطاقات تعمل بقوة الروح القدس على إنضاج الضمير، وتساعد على بدء مسيرة العودة للوحدة مع الله والقريب. ولكي تكون هذه المسيرة مجدية، لابد من بعض الصفات الأساسية لهذه الممارسة.

1) ممارسة شخصية متواترة وواعية

أ- ممارسة شخصية واعية:

ممارسة سر التوبة ممارسة شخصية وواعية تعني قبوله بخشوع وإيمان وليس بصورة آلية وكأنه واجب مزعج فُرض علينا ويجب القيام به بأية طريقة كانت. إن ممارسة كهذه سوف تتحول إلى عمل روتيني ولن تعطي الثمار المرجوة.لربما يشير تناقض عدد المتقدمين من سر التوبة واقعياً إلى الناحية العددية لا إلى الناحية النوعية: أي تناقص عدد المتقدمين من السر لا عدد الذين نالوا السر فعلاً. من المحتمل أن الأكثرية لم تكن واعية لمتطلبات سر التوبة. وأحياناً ومراراً ما يلجأ المؤمن إلى السر ليخدّر ضميره ويسكته، أو لأنه يجد في هذه الممارسة حلاً سهلاً للتخلص من الخطايا… ولذا فإن اللجوء إلى السر يُعتبر بالنسبة للعديدين أكثر أهمية من التخلّي عن الخطيئة بالذات، والسبب يعود إلى البحث عن الحل الأسهل.ومن هنا فمن المحتمل أن يكون السبب الرئيسي في تناقص عدد المتقدمين إلى سر التوبة هو عدم وضوح الربط القائم بين سر التوبة وواقع الحياة والالتزام الرعوي والاجتماعي. وعلينا ألا نكتفي بتحويل السر إلى نظام مستقل يُريح الضمير فردياً، دون الذهاب إلى عمق المشكلة التي تكمن في الاهتداء الداخلي، اهتداء القلب والعقل لكي يصبح إنساناً جديداً وأداة مصالحة في بيئته وكنيسته والعالم بأسره. فبالإضافة إلى الحس بالخطيئة، تقود الممارسة الشخصية الواعية إلى اهتداء القلب واهتداء العقل:يتكلم البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي حول “وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم” عن الارتداد التدريجي، الذي لن يتحقق إلا باهتداء العقل والقلب: “علينا أن نقاوم الظلم الناشئ عن الخطيئة التي تسربت إلى أعماق بنيان العالم اليوم، وذلك بالاعتماد على ارتداد العقل والقلب… ولا يمكن لمثل هذا الارتداد إذ ذاك إلا أن يكون له أثره التجديدي المفيد حتى في بناء المجتمع” (9).

 1- معنى هذين الاصطلاحين:

من المناسب توضيح المقصود بعبارة اهتداء (ارتداد) القلب واهتداء (ارتداد) العقل، لكي لا يُساء فهمهما فنتوقف عند العبارة وننسى المضمون:

اهتداء القلب: يجب ألا تؤخذ كلمة “قلب” بالمعنى الكتابي، حيث يشير القلب إلى الإنسان بكليته. إنما المقصود بهذه العبارة التوبة الذاتية (subjective)، أي تلك التي يُعمل بها بنية طيبة وتلك التي تتوقف على التوبة عن الخطيئة ذاتها وليس عن جذورها.

اهتداء العقل: المقصود بهذه العبارة، التوبة الموضوعية (Objective) أي تلك التي لا توقف على العواطف والأمنيات الطيبة، بل تذهب إلى أعمق من ذلك، إلا الالتزام المحسوس الملموس والمطابق للشريعة الوضعية

. 2- أولوية اهتداء العقلية على اهتداء القلب:

إذا كان اهتداء القلب يعمل من الشخص قديساً ، فإن اهتداء العقلية (تغيّر العقلية) هو الذي يجعل منه مسيحاً فعلياً. لاشك أنه يوجد قديسون غير مسيحيين، على سبيل المثال قديسو العهد القديم، وكما يوجد اليوم في مختلف الديانات غير المسيحية. قديسون، هؤلاء الذين يعملون “بنية طيبة” كل ما يعتقدون بأن الله يطلبه منهم إن كانوا فعلياً وموضوعياً على خطأ. يكفي أن نتذكر، على سبيل المثال، ما حدث مع “يفتاح” حينما قدّم ابنته ذبيحة محرقة (قضاة 11، 29-39). وبولس الرسول الذي، قبل اهتدائه إلى المسيحية، كان يظن أنه يعمل خيراً بزج المسيحيين في السجن. وبهذا المعنى نفهم قول السيد المسيح: “تأتي ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يؤدي لله عبادة” (يو 2:16-3).

فإن لم يكن هناك اهتداء عقلية، سوف تحدث انشقاقات داخل الكنيسة الواحدة والجماعة الواحدة والإيبارشية الواحدة كما في الماضي (روم 10و2). إذ إن القديس الذي لم يجتهد بعد في تغيير عقليته يصعب عليه قبول شخص يخالفه عقليته، ويُصبح من الأصعب عليه تمييز الخطيئة من الإنسان الذي يُخطئ. ولذا فإنه معرّض بصورة مستمرة لمخالفة الوصية الإلهية التي نادى بها المسيح يسوع “لا تحكموا على أحد” (مت 1:7).

إن القديس المسيحي هو ذلك الذي اهتدى بعقليته والذي يضع القداسة في المحبة (نور الأمم 42). إنه لا يتصرف بصدق النية فحسب، بل بضمير صادق، أي بانسجام مع شريعة الله ومحبة القريب (1بط 8:4). القديس المسيحي هو الذي لا يدّعي بأنه الحقيقة بل يتغذى من الحقيقة، من كلمة الله. فالقديس بهذا المعنى هو الإنسان المتواضع الذي لا يحكم على أحد بل يحاول أن يفهم ويحاور.فبدون اهتداء العقلية نحن أيضاً معرّضون ولو “بنية طيبة” للاكتفاء بنوع من القداسة ومن العبادات. هذا النوع من التدين لا فائدة منه، لأنه عقيم ولا يتحول إلى حياة، لا يوجد فيه ما يُسمى بالـ “Transfer” أي التحول أو الاهتداء. فبدون اهتداء عميق للقلب، وبدون اهتداء صادق للعقلية، وبدون الاهتداء الذي يقود إلى المصلحة، يبقى السر دون نمو.

 3- ليس الاهتداء الداخلي مجرد أمنيات:

أمنيات تستيقظ في قلوبنا بمناسبة عظة أو قداس أو رياضة روحية أو تأمل. طبعاً نشكر الله دائماً على الأمنيات الطيبة التي تولد في قلوبنا. ولكن الارتداد الداخلي هو التزام ملموس محسوس في حياتي. وما لم تتحول هذه الأمنيات إلى واقع محسوس في الحياة فإنها تظل عاقراً بلا ثمر. يساعدنا هذا كله على أن نفهم أن ارتداد القلب بدون ارتداد العقلية لا يكفي. فهو كالأمنيات التي لا تتحول إلى التزام ملموس.فمن يساعدنا على تحويل الأمنيات إلى التزام محسوس؟ من يساعدنا على فهم حقيقة تصرفنا والسبب العميق الذي يقودنا إلى أخذ هذا الموقف أو ذاك تجاه زميل أو تجاه أحد أفراد الأسرة.

ب- ممارسة متواترة لتوبة:

منذ القرون الأولى وخاصة، لدى الرهبان في الصحاري، وفي الفترة نفسها التي بدأت فيها ممارسة سر التوبة بصورة فردية، وُجدت عادة اللجوء إلى إنسان حكيم لهدف الاسترشاد الروحي. وكن لها غاية علاجية أي إصلاح النقائص ودفع الإنسان إلى الكمال. واتسعت هذه العادة وعمّت ليس الرهبانية فحسب بل المؤمنين الراغبين في تنمية حياتهم الروحية.وفي القرن السابع عندما بدا الاعتراف الفردي، أصبح يشمل الخطايا العرضية بالإضافة إلى الخطايا المميتة . أما المجمع التريدنتيني فأكّد على عدم ضرورة الاعتراف بالخطايا العرضية إلا إنه شجّع المؤمنين على الاعتراف بها واعتبرها هامة. فمنذ ذلك الحين أصبح للجوء إلى الاعتراف المتواتر محوراً أساسياً للحياة الروحية.تحرض المسيحي على ذلك دعوته المسيحية والوثائق الكنسية ومثال القديسين.

يعلمنا التاريخ بأن الكثير من القديسين كانوا يلجأون إلى السر بصورة متواترة. القديس أغناطيوس دي لويولا والقديس فرنسيس كسفاريوس والقديس شارل بورومة كانوا يعترفون كل أسبوع. أما القديس فرنسيس دي سال فيومياً.لربما يتساءل البعض عن المقصود بـ “القبول المتواتر للسر” في أيامنا هذه. أي كم مرة علينا أن نلجأ إليه لكي يُصبح متواتراً؟ ليست القضية موضوع عدد معين في الشهر أو في الأسبوع فالأمر مربوط بمسؤولية كل شخص وما يراه مناسباً لنموه الروحي: “إن لم أغسلك فليس لك نصيب معي” (يو 8:13). إذا كنا، رغم اعترافاتنا المتواترة، نجد أننا غير حاصلين على تلك النقاوة التي نرجوها، فكيف لو تركنا العنان لطبيعتنا لتسير مع تيار العالم المعاصر وموقفه من الاعتراف والخطيئة. يُصبح السر المتواتر هاماً في حياتنا إذا أشار إلى مرحلة جديدة في مسيرتنا الداخلية نحو الاندماج مع القيم الإنجيلية.

2) ممارسة تقود إلى الحس بالخطيئة وبالتالي إلى الخيار الجذري

 أ- الحس بالخطيئة:

المسيحي كأي إنسان هو خاطئ، إلا ن السيد المسيح فداه ومنحه نعمة المغفرة. لقد سبق وتكلمنا عن فقدان الإحساس بالخطيئة في العالم مما أدى إلى تناقص عدد المتقدمين من سر التوبة… فهل لديّ حس الخطيئة وهل أنا مقتنع بالخلل الذي تسببه الخطيئة في حاتي وفي العالم…ليس المقصود التركيز على الخطيئة بقدر ما يلزم التركيز على مغفرة الخطيئة. في قانون الإيمان نقول ونؤمن بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا. فيتجلى السيد المسيح في من خلال مغفرة الخطايا. وما الحلة التي أنالها إلا إحياء لعمادي، إنه “معمودية جديدة”. يعطي العهد الجديد الأهمية للخاطئ وليس لخطيئة. ويقدم لنا أمثلة لأناس خطأة. كصورة لخطيئتنا نحن. وإن صورة بطرس الرسول التائب هي صورة كل مسيحي يتوب: الخطيئة هي عدم الأمانة لرسالة معينة أُوكلت إلينا.

ب- اهتداء “إلى” أم اهتداء “عن”:

تقابل كلمة “توبة” العربية الكلمة اللاتينية “Paenitentia” والكلمة اليونانية ” Metanoia” أي الندم والاهتداء وتغيير العقلية والمسار المتبع.نفهم أن “سر التوبة”، يعني “سر” أي أداة، علامة، إشارة اهتداء. لذا لا معنى لسر التوبة إن لم يكن مرفقاً بالاهتداء كما أنه لا معنى للرمز دون الواقع الذي يرمز إليه. ومن هنا تأتي أهمية تعمق فكرة الاهتداء وتغيير العقلية كشرط أولي للمصالحة مع القريب ولعيش الحياة المسيحية بطريقة إنجيلية.نلاحظ من الصفحات الأولى للكتاب المقدس ابتعاد الإنسان عن الله، وما تبع هذه الخطوة من انفصال بين الأشخاص والشعوب. وتاريخ الخلاص هو سلسلة من الأعمال التي صنعها الله حبّاً بالإنسان ليرده إلى الحالة الأولى من الصداقة معه.كانت المحاولة الأولى للعودة من خلال الشريعة المعطاة على جبل سيناء، “وصايا الله العشر”، إلا أن النتائج لم تكن مرضية.

لذا حاول الأنبياء بث فكرة الارتداد بعبارات تشير إلى أن روح الله يحوّل الإنسان من الداخل بتغيير قلبه(إر31:31-34، حز 26:36).وجاء السيد المسيح منادياً “توبوا وآمنوا بالإنجيل”. إن بشارة المسيح للتوبة هي صدىً لدعوة الأنبياء للعودة، إنها دعوة مُلّحة لتغيير القلب والعقل وإعادة توجيه الحياة نحو إله “المحبة”. إنه تحوّل جذري لتغيير العقلية نتيجة تقبّل البُشرى الجديدة التي تفتح القلب للمسيح والقريب.من كل ما سبق نفهم أن التوبة لا تعني مجرد التعرّف على الخطيئة أو الاعتراف بكوننا خطأة أو الندم على خطأ سبق أن اقترفناه. عندما نقول اهتداءً نشير إلى المستقبل أكثر منه إلى الماضي. إنه ليس اهتداءً “عن” إنما اهتداء “إلى”.

جـ- الاهتداء خيار جذري:

ليس قبول سر الاعتراف حدثاً من أجل المشاركة في احتفال ديني معين أو تذكرة تخوّلنا إقامة الأسرار المقدسة ولا مجرد أمانة لوصية كنسيّة معينة. كما أنه لا يعني بالضبط راحة نفسية، إنه أكثر من ذلك. إنه خيار جذري ومستمر يعطي معنىً جديداً لحياتنا فيحررنا من الماضي ويفتح آفاقنا للمستقبل، إنه تحد.

3) حسن الاستعداد

أ- الاستعداد المباشر:

لكي نقبل سر التوبة بصورة تساعدنا على النمو الروحي في حياتنا المسيحية، لابد وأن نستعد لهذا السر استعداداً كافياً وجيداً. ليس المقصود هنا تحضير لائحة بالنقائص وإلا لتحول السر إلى مجرد إقرار بها. علينا ألا نحوّل فحص الضمير إلى تمرين للذاكرة وجمع أكبر عدد ممكن من الخطايا والنقائص ونكتفي بذلك وننسى أن فحص الضمير هو مرحلة من السر نفسه ويجب أن تُظهر منذ تلك اللحظة كُره الخطيئة والعزم على ألا نعود إليها.كما أن حُسن الاستعداد يعني ألا نكتفي بالحد الأدنى والضروري لكي يتم السر. لذا ليست الأفعال بحد ذاتها هي الأهم بل الاستعداد الروحي. “تكون الندامة الحقة بالتخلّص الحقيقي والكياني من هذا الروح وهذا الموقف الذي وصلنا عملياً إلى العيش فيه، وبالتغلّب على الجمود الذي يُبقينا أسرى الفتور”.

إنه من غير الممكن الوصول إلى هذه الحالة بمجرد تحضير سريع لبضع دقائق حرصاً على وقتنا من الضياع. حُسن الاستعداد إذا يعني أن نبدأ مسيرتنا بالصلاة والتأمل لكي نصل إلى تحريك ضميرنا الذي لا يمكن تحريكه بقوانا الشخصية والتخلّص من فتورنا الروحي. إن هذا الفتور الذي هو سبب نعاسنا وعدم شعورنا بالجوع والعطش إلى أي شيء ناجم مراراً عن نقص محبة أكثر منه عن ضعف بشري. ليس سر التوبة لحظة منفصلة عن الحياة. يجب أن تكون لحظة اللجوء إلى سر التوبة نقطة وصول ونقطة انطلاق.

نقطة وصول: أي تشير إلى وجود فترة سابقة بدأنا فيها مسيرة التوبة لنصل إلى نقطة معينة.

ونقطة انطلاق: تشير إلى أن المسيرة م زالت مستمرة ويجب ألا تتوقف أبداً.

يذكرنا هذا بحادثة الفتى الذي اقتحم السماء: الفتى غريكوئتس الذي أراد يوماً أن يصل إلى السماء. وإذ كان يظن أنه ليس بالبعيد أخذ يتسلق الجبل وكلما وصل إلى قمة لاحظ أن السماء فرّت إلى قمة أعلى. ومع ذلك لا يتردد بالرغم من التعب، ها هو يحمل عصاه ويتابع المسيرة لأن الرغبة أقوى من التعب.

ب- فحص الضمير اليومي:

إن محاسبة النفس من القواعد الأساسية في الحياة الروحية. وأول أسباب عمى القلب هو إهمال محاسبة النفس. وهذه المحاسبة لابد منها كل يوم ، وهي تهدي إلى التوبة الحقيقية . إن إدراك الكاهن لنواقصه هو دليل الحرارة . وليس أسرع من اعتراض الفاتر إلى تبرير نفسه ، ويا ليتنا نحكم على أنفسنا بالقساوة عينها التي نحكم بها على غيرنا. ومن عرف كيف يحاسب نفسه لا يصعب عليه أن يتبين ما يطلبه منه الله، على نور تأمل الإنجيل والنظر في تصرفه الرسولي. المهم أن تبقى فينا الطواعية الكافية لإلهامات الروح. وألا نجعل من عاداتنا وأساليبنا وميولنا قواعد منـزلة: “استيقظ أيها النائم فيضيء لك المسيح ” (أفسس14:5).

جـ- روح التوبة:

لقد ذكّر سينودس الأساقفة ب “مركزية التوبة” في رسالة الإنجيل وحياة الرسل، إذ بدأ السيد المسيح رسالته منادياً: “توبوا وآمنوا بالإنجيل”، توبوا فقد اقترب ملكوت السموات”. وأكّد على ضرورة الاحتفال بهذا السر ضمن هذه الحقيقة وضمن هذا الواقع. حتى نستطيع أن نعيش سر التوبة ونستفيد من نعمته، علينا أن نسأل أنفسنا هل لدينا روح التوبة. وما سر التوبة إلا لحظة من لحظات حياة التائب المستمرة. وإذا تجاهلنا روح التوبة أو انعدمت التوبة من حياتنا، فمن المستحيل إعطاء سر التوبة قيمته الأساسية.

بما أن سر التوبة ما هو إلا تحقيق لروح التوبة، لابد لحياتنا المسيحية أن تعكس طابع التوبة في تقشف مستمر…لقد ركّز البابا بولس السادس في رسالته “توبوا” عدد 49، على أهمية التقشف في حياة المسيحي. ويدعو إلى الارتداد الداخلي من خلال ممارسة أفعال توبة خارجية وطوعية: الأمانة المستمرة للواجب اليومي تقبّل الصعوبات والمحن بصبر، احتمال الآلام بالمشاركة مع آلام المسيح. ويؤكد قداسته على ضرورة الإماتة الجسدية بكون طبيعتنا ضعيفة. لأنه بعد خطيئة آدم أصبح للجسد ميول معاكسة لميول الروح، فالجسد يشتهي ما هو ضد الروح والروح يشتهي ما هو ضد الجسد(غل5/17).يقول المعلم ترتليانوس “حيث لا إصلاح فلا توبة صادقة”. كل إنسان، يستثقل من أعمال التوبة، إلا أن المعلم الإلهي قد قال لكل البشر: “إن لم تتوبوا تهلكوا بأجمعكم” (لو 5:13). فلنجدد روح التوبة الحقيقية، ليبقى روحاً حياً قوياً بممارسة أفعال التوبة ممارسة قلبية صادقة.