stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

موسى والمسيح – من تعاليم القدّيس يوحنا فمِ الذَّهب الأسقف

591views

من تعاليم القدّيس يوحنا فمِ الذَّهب الأسقف
موسى والمسيح

 

رأى اليهودُ الآياتِ. وسوف تَرَى أنتَ أمورًا أكبرَ وأعظمَ ممّا رأى اليهودُ لمّا خرجوا من مصر. أنتَ لم تَرَ الفِرعَونَ لمّا غمَرَتْه ‏المياهُ وجيوشَه. ولكنَّك رأيْتَ إبليسَ وجوقاتِه تَغمُرُهم الأمواجُ. هم عبروا البحرَ، وأنتَ عبَرْتَ الموت. هم نجَوْا من مصر، وأنت ‏نجَوْتَ من إبليس. هم خَرجوا من عبوديّةٍ قاسية، وأنتَ خَرجْتَ من عبوديّةٍ أشدَّ، هي عبوديّةُ الخطيئة‎.
أتريدُ دليلاً آخَرَ لتَعرِفَ أنَّ اللهَ أكرمَكَ بنِعَمٍ أعظم؟ اليهودُ لم يَقدِرُوا أن يشاهدوا وجهَ موسى المُشِعَّ بالمجد، مع أنّه من قومِهم ‏ورفيقُهم في العبوديّة. وأنت شاهَدْتَ وجهَ المسيحِ في مجدِه. وقد هتفَ بولسُ قال: “نَحنُ جَمِيعًا نَعكِسُ صُورَةَ مَجدِ الرَّبِّ بِوُجُوهٍ ‏مَكشُوفَةٍ” (2 فورنتس 3: 18‏‎).
هم كانَ المسيحُ يَتبعُهم، ونحن يَتبعُنا المسيحُ الآنَ بصورةٍ أقربَ وأحقّ. هم كانَ الرَّبُّ يرافقُهم بنعمةِ موسى، وهو الآن يرافقُكم ليسَ ‏فقط بنعمةِ موسى بل بطاعتِكم له. هم، بعدَ خروجِهم من مصر، لاقَوْا الصَّحراء. وأنتَ، بعد الخروجِ من هذه الحياةِ تَلقَى السَّماء. كانَ ‏قائدُهم وسيّدُهم موسى العظيم. وأمّا نحن فقائدُنا وسيّدُنا هو موسى آخر، هو اللهُ نفسُه‎.
وما هي صفاتُ موسى؟ يقولُ الكتاب: “كَانَ مُوسَى رَجُلا مُتَوَاضِعًا جِدًّا، أكثَرَ مِن جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجهِ الأرضِ” (عدد 12: ‏‏3). هذه الصِّفةُ يمكنُ أن نَصِفَ بها، من غيرِ أدنى شكّ، موسى الذي نتبعُه، وهو الذي يؤيِّدُه الرُّوحُ العَذْبُ والمساوي له في ‏الجوهر. رفعَ موسى يدَيْه إلى السَّماء، فاستنـزَلَ المنَّ خبزَ الملائكة. وموسى الذي نتبعُه يرفَعُ يدَيْه إلى السَّماءِ فيمنحُنا طعامًا أبديًّا. ‏ضربَ موسى الصَّخرةَ فتدفَّقَ منها ماء. ولَمَسَ الرَّبُّ المائدةَ وضربَ الصَّخرةَ السِّرِّيّةَ فتدفَّقَت ينابيعُ الرُّوح. ولهذا تُوضَعُ المائدةُ ‏في الوسطِ مثلَ الينبوع، ليُقبِلَ إليها الخرافُ من كلِّ مكانٍ ويرتووا بمياهِها الخلاصيّة‎.
فبما أن الينبوعَ هو هذا، وهو ينبوعُ الحياة، والمائدةُ عليها وَفرةٌ من الخيراتِ التي لا تُحصَى، والتي تُغنِينا بالمواهبِ الرّوحيّة، ‏فَلْنَقترِبْ بقلبٍ صادقٍ وبضميرٍ طاهر، لننالَ النِّعمةَ والرَّحمةَ في الوقتِ المقبول، نعمةَ ورحمةَ الابنِ الوحيد، ربِّنا ومخلِّصِنا يسوعَ ‏المسيح، به ومعه للآبِ وللرُّوحِ المُحيِي المجدُ والكرامةُ والقدرةُ، الآنَ ودائمًا وإلى الأبد. آمين‎.‎