stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

ها أنذا أمة الرب – الأب وليم سيدهم

1.4kviews

ها أنذا أمة الرب

وقع الإختيار على فتاة يهودية إسمها مريم لكى تحمل في كيانها وشخصها ‏مفاتيح سر تجسد ابن الله ليصبح ابن الانسان، ونحن أمام إمرأة أحشاؤها ‏حملت جوهر صورة الله وهو الإبن يسوع. كيف تم ذلك؟
لما تم الزمان ورأى الله أن كل الأنبياء والرسل الذين حمّلهم أمانة تحقيق ‏الخلاص للإنسان فشلت، قرر أن يودع سر الخلاص أمانة في أحشاء مريم ‏العذراء.‏
ولقد أخذ الإنجيليون الآية التى جاءت على لسان اشعياء النبي الذي سبق ‏المسيح بستمائة عام: “«هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ ‏عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا.” (مت 1: 23) ، ونزل الملاك جبرائيل ‏صاحب المهام الصعبة لكى يبشر هذه الفتاة بإختيارها لتقوم بهذه المهمة، ‏فماذا قال لها الملام جبرائيل؟ “فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا ‏الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». فَلَمَّا رَأَتْهُ ‏اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» فَقَالَ ‏لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ ‏سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. (لو 1: 28 -31).‏
خافت مريم وارتعبت أمام مهمة معقدة وهى غير مؤهلة لذلك، ولكن سألت ‏مريم الملاك : “فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ ‏رَجُلًا؟»” (لو 1: 34) فأجابها جبرائيل : “فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ ‏الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ ‏مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” (لو 1: 35).‏
عذراء تحبل وتلد شيء مدهش وغير طبيعي هذا ما اعترفت به العذراء مريم ‏نفسها «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟»” (لو 1: 34) لا شك أن ‏البُعد اللاهوتى حاضر هنا، فالجنين الذي سيأخذ جسدًا مصدره ليس الزرع ‏البشري (يوسف النجار) إنما من فعل “الروح القدس” بنفسه ومعنى أن ‏تمتلىء أحشاء العذراء بالروح القدس هو الإعتراف الإلهي بأن مريم “ممتلئة ‏نعمة” وليس فيها أى ظل لعدم النقاء. إنَّها نقية طاهرة عفيفة وبالتالي ‏فالمولود منها هو “ابن الله” وابن الانسان في الوقت نفسه. وكما أنَّ الله سكن ‏في بطن العذراء وسيولد بطريقة معجزية لأسباب لاهوتية فإن قيامته من بين ‏الأموات بعد ثلاثة أيام في بطن الأرض ستكون أيضًا بطريقة سريَّة ومعجزية.‏
‏«هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ» (لوقا 1 :38) قالتها مريم دون أن ‏تحيط بكامل سرّ عمل الله فيه، وكما أطاع ابراهيم الخليل لدعوة الآب وترك بلده ‏وعشيرته إلي أرض غير معروفة فإن العذراء تطيع هنا وهى واثقة أن محبة الله ‏لها ومحبته لكل البشر لن تخذلها أو تجعلها تضعف أمام ثِقل المهام. “هُوَذَا أَنَا ‏أَمَةُ الرَّبِّ” تعنى أنها خادمة أمينة للرب، تعنى أنها تشارك بفاعلية في ‏تحقيق سر الخلاص الذي إنتظره الإنسان منذ أجيال.‏
ونحن إذا نظرنا إلى مريم العذراء فإنها تلهمنا ماذا نفعل حينما يدعونا الله لنعمل ‏بإسمه وسط اخوتنا البشر، نحن أيضًا مدعوون لكى نحمل من الروح القدس، ‏نحمل سر محبة الله إلى اخوتنا وأخواتنا فنكون على مثال مريم التى شاركت ‏في تحقيق سر خلاص الله للإنسان فردًا أو جماعة.‏
نحن خُدام الله كما يفتخر القديس بولس بذلك ونحن نبشر إخوتنا بالحياة ونطرد ‏عنهم شبح الموت حينما نُضحي بمالنا ووقتنا وصحتنا من أجل أن يحيا الآخرون ‏فنكون خبز الحياة على غرار ما فعلت مريم حين أصبحت ومازالت قِبلة ‏المؤمنين لينالوا شفاعتها في تحقيق أحلامهم بحياة سعيدة مملوءة بالفرح ‏والسلام.‏