stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

عقائدية

هل الشيطان موجود؟-ترجمة أشرف ناجح

2.2kviews

هل الشيطان موجود؟-ترجمة أشرف ناجحsatana

هل الشيطان موجود؟

«سوف أشرح لكم مَن هو الشيطان وكيف يتصرَّف في حياة البشر»[1]

مدينة الفاتيكان:

الشيطان، هذا المجهول! للأسف، يقل الكلام دائماً عن المنحرف والمحرض على الانحراف_ على حسب تعبير قداسة البابا بولس السادس أثناء محاضرته العامة التي لا تُنسي في عام 1972_  سبب ومصدر الخطيئة والشرّ. وحتى نحدد بعض ملامح_ إذا جاز التعبير_ هذا الشرير، قد أجرى  ‘Petrus’ [اسم الموقع][2] هذه المقابلة مع الأب رينزو لافاتوري، وهو بدوره في السبعين مِن عمره، وقد سيّم كاهناً في عام 1964، وحائز على دكتوراه في الفلسفة واللاهوت، وعضو في الأكاديميّة الحبريّة للاهوت، وأستاذ للاهوت العقائديّ في الجامعة الحبريّة “الأوربانيانة” وفي جامعات كنسيّة أخرى بروما. وهو مشهور لإصدراته العديدة حول مواضيع أساسيّة متعلِّقة بالإيمان ولبرامجه الإذاعية الشهريّة على راديو ماريا [إذاعة دينية كاثوليكيّة]. والأب لافاتوري ليس فقط واحداً مِن أكبر الدارسين لقضيّة الملائكة والشياطين، وإنما هو واحد مِن أكثر المفقهين في “الميستاغوجيا” [علم التّصوِّف]، وهي العلم الذي يسمح بالدخول في السرّ الإلهي حتى يصل إلى عناصره الجوهريّة والنافعة للإنسان. ومِن خلال هذه المقابلة سيبرز لنا إطار واضح حول الوجود الحقيقيّ للشيطان وحول الأسباب التي تدفع الكثيرين مِن الكاثوليك إلى عدم الإيمان بأنَّ الشرير هو كائن حقيقيّ. 

أبونا رينزو، لماذا يكثر التَّشكيك حول شخصيّة إبليس؟

إنَّ الشّك في وجود الشّيطان ككائنٍ حقيقيّ وكذاتٍ واقعيّة وفرديّة هو قضيّة حديثة العهد؛ نشأت في محيط كاثوليكيّ، بعد عقد المجمع المسكونيّّ الفاتيكانيّ الثانيّ[3]، وبالتحديد في السنوات 1968- 1970. قبل ذاك التاريخ، حقيقة وجود الشيطان كانت تُعدّ أمراً بلا نزاع ومقبول مِن كل المؤمنين والمفكرين المسيحيين؛ وكانت حقيقة متضمنة في وديعة الإيمان وفي داخل التعليم المعترف به مِن قْبل الكنيسة. ولكن بعض اللاهوتين والفلاسفة والمفكرين بشكل عام قاموا بطرح هذا السؤال الأساسيّ: هل الشيطان موجود بالفعل أم إنه مجرد أسلوب أدبيّ في الكتاب المقدس للتعبير عن الشرّ؟ هل هو مجرد رمز أو تشخيص اصطلاحي أخترعه الإنسان ليشير إلى الشرّ الموجود في العالم؟ وقد طُرحتْ هذه القضيّة قَبل ذالك في محيط فلسفيّ وعلميّ من قْبل المذهب التجريبيّ[4] الأنجليزيّ، وخاصة من قبل الفيلسوف هوبس (1588-1679) في مؤلفه ‘Il Leviatano’ [“اللوياثان” (أيوب 40/25)]، والذي أكَّد فيه على التوجُّه الجوهريّ الرمزيّ لتعابير الكتاب المقدس فيما يتعلّق بالكائنات الروحيّة، ومن بينها الملائكة والشياطين. وفي المحيط الكاثوليكيّ، يعدّ الألماني “هاغ” أول لاهوتي أنكر بشكل جازم ومؤسف وجود الشيطان، في عام 1970، بواسطة كتابه المشهور ‘La liquidazione del diavolo’ [“تصفيّة الحساب مع الشيطان”]. ومِن بعده إتبعه لاهوتيون وفلاسفة أخرون.

ماذا يقول تعليم الكنيسة وماجستر البابوات الحديث بخصوص هذه القضيّة؟

إنَّ تعليم رعاة الكنيسة [البابوات] الحديث قد قام مرات عديدة ليدافع ويؤيّد كتعليم أكيد وصحيح “وجود الشيطان الحقيقي”. ويعرض المجمعالمسكونيّ الفاتيكانيّ الثانيّ ثامنة عشر عبارة حول حقيقة وعمل الشيطان في أفعاله الدنيئة ضد العالم والبشر والمسيحيين المؤمنين، مؤكداً بذالك صحة الإيمان الكاثوليكيّ التقليديّ. وفي النهاية يعلن انتصار المسيح الذي بدأ بموته وقيامته والذي سيتم اكتماله عند مجيء المسيح المجيد في نهاية الأزمنة. لقد تعرّض البابا بولس السادس [1963-1978] علنياً وصراحة لقضية الشيطان مرتين في عام  1972 ومرة في عام 1977؛ وفي هذه المناسبات عبَّر عن إحساسه بأنه “مِن خلال فتحة ضيقة، تسلَّل دخان الشيطان في هيكل الله”. وبالمثل البابا يوحنا بولس الثاني [1978-2005]، في مقابلتين عامتين مع شعب الله في عام 1986، يعيد عرض مسائل وقناعات التعليم المسيحيّ الجوهريّة، والتي تمّ إعادة تأكيدها مِن قْبل “تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة” الجديد الذي صدر عام 1992. وكما هو معلوم أنَّ البابا بنيدكتوس السادس عشر [بابا منذ عام 2005] أيضاً لم يضيّع فرصة إلاَّ وتحدث مع المؤمنين حول هذه القضيّة.      

ما هو أصل الشياطين؟ مَن خالقهم ومِن أين يأتون؟

إنَّ مسألة “أصل الشياطين” هي مسألة جوهريّة. فهم قد خلقوا مِن قْبل الله ككائنات ملائكيّة، ومِن ثمَّ كانوا صالحين. وسبب شرهم لا يعود إلى الله كلي الخير، وإنما يعود فقط إلى اختيارهم الحرّ (مجمع اللاتيرن الرابع في عام 1215). إنهم خلائق بكلّ ما تحمل الكلمة مِن معنى ولا يمكن اعتبارهم آلهة أوشبه آلهة على مثال صُنع الكون ومنظميه في الفلسفة اليونانيّة. وبناء على هذا، فلهم حدودهم وقصورهم كمثل باقي الكائنات المخلوقة والتي تعتمد كلياً على الخالق الذي وهب لها الوجود.   

لماذا تحوَّلوا مِن ملائكة صالحة إلى ملائكة شريرة أو شياطين؟

يُطرح هنا التساؤل لمعرفة ما هو الذنب أو الخطيئة التي اقترفوها، والتي بدورها حطت بهم إلى مستوى الأشرار بعد كانوا صالحين. والرأي البدائيّ كان يتحدَّث عن “خطيئة جسديّة”، بالتوافق مع التقليد المتعلّق بأخنوخ والذي بموجبه الملائكة وقعت في حبّ بعض بنات البشر الجميلات، وقد اتحدوا بهم، وبذلك أنجبوا العمالقة الفظعاء في الشر وفاعلي كل شر على وجه الأرض (راجع تكوين 6/1-4). ولكن سريعاً ما يتوجّهون المفكرين المسيحيين نحو شروحات أخري، معتمدين بشكل خاص على النص الكتابيّ (حكمة 2/24)، والذي يذكر فيه أنَّ الموت دخل إلى العالم بسبب حسد إبليس، موضّحين بذالك أنَّ خطيئة الشيطان كانت حسده لآدم. ولكن حتى هذا الرأي تمَّ هجره لكي يفصح المجال لفكرة “خطيئة الكبرياء والتمرد” على الله. وهذا الرأي تمَّ تأيده مِن المفكرين المسيحيين بعد العلامة أوريجيئنوس (القرن الثالث الميلادي).     

ما هو الذنب الذي إرتكبه الشيطان بالتَّحديد؟

مفتون بجماله وبارتفاعه الروحيّ، نجمة الصُّبح الزَّاهرة [إش 14/12] (اسم الشيطان في الأصل)، فكَّر في إمكانيّة وضع ذاته في مكان ربّ السموات والأرض وألاَّ يكون بعدُ خاضعاً له، ورافضاً حاله كمخلوق، متمرداً على السيادة والقدرة الإلهيّة. وقد جذب خلفه جمهور مِن أمثاله الذين بدورهم التحقوا به في عدم الخضوع لله، وبذلك أضحوا رفقاءه في الشرّ. ومِن ثمَّ يجانبنا الحق عندما نتحدّث عن خطيئة الملائكة على أنها حالة انسلاب لكائن لم يعد بعدُ ما كان عليه ولا يقبل بعدُ إقامة علاقات مع الآخرين والتواصل معهم، إنما يتصارع مع الله والبشر وكلّ المخلوقات، مستمراً في التحجر في ذاته في حالة كبرياء منتفخ وأنانية عميقة.

ما هو العقاب الذي لحق بالشيطان بعد خطيئته؟

فيما يتعلَّق بعقاب الشياطين، يُعتقد أنه قد تمَّ إدانتهم مباشرة بعد خطيئتهم، ولكن ليس بعدُ بشكل نهائي كما سيحدث في نهاية الأزمنة. في أثناء هذا الوقت الحاضر يعملون في العالم والبشريّة، ولكن في الدينونة العامة ستلحق بهم الهزيمة الكاملة وسيعقبون بالنار الأبديّة. وبخصوص تحديد طبيعة نار جهنم، البعض يصفها كواقع ماديّ، والبعض الأخر يميل إلى وصفها كحقيقة باطنيّة روحيّة. والكنيسة اليوم تعتقد بأنَّ الأمر يتعلَّق سواء بالمستوى الحسيّ الخارجيّ وسواء بقيمة باطنيّة كاليأس واضطراب الروح.    

ما هي ميول الشيطان العميقة؟

إنَّ المقصد الرئيسيّ لإبليس وشركاه هو إبعاد الإنسان عن علاقته المنسَّقة مع الله، وكانعكاس لذلك، مع الآخرين ومع نفسه ومع العالم. فهو يريد أنْ يثير الفوضى وضياع القيم وانقلاب الحقيقة إلى تزيف والخير إلى شرّ والحبّ إلى كراهيّة. ومن أجل الوصول لهذا المبتغى، يتسبَّبون الشياطين في التوترات والمنافسات والحروب والنزاعات. وبحسب فكر أباء الكنيسة، الشياطين هم دائماً الذين يتسبَّبون في الأمراض والكوارث الطبيعيّة، ويخترعون السحر والتنجيم، ويقلَّدون الطقوس المسيحيّة مشجَّعين علي عبادة الأوثان والميثالوجية [علم الخرافات والأساطير القديمة]، ويفسدون التعليم المسيحيّ الصحيح محرَّضين على البدع، ويدفعون البشر إلى الخطيئة والرذيلة.    

ما هي الحدود التي لا يقدر أنْ يتخطَّها الشيطان في عمله؟

إنه واضح أيضاً أنَّ عمل الشياطين المشئوم ليس بلا حدود، لأنهم خاضعين، كباقي المخلوقات، إلى الإرادة الإلهية؛ فهم يتصرَّفون حسب العناية الإلهيّة. والكلمة الجازمة الأخيرة ليست كلمة الشياطين، وإنما كلمة الله. وبالمثل ينبغي علينا أنَّ نتصوَّر أنه ضد الأفعال الشريرة للشياطين توجد تداخلات الملائكة الصالحة الذين يأتون بدورهم للدفاع عن الإنسان وحمايته. وبالأخص ينبغي القول، وهذا خط حاضر دائماً وبشكل قويّ في التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، بأنَّ الشياطين لا يمكنها أنْ تجبر حرية الإنسان التي بمعونة الله واستعدادها الخاص يمكنها دائماً أن تطرح بعيداً عنها إغراءات الشرير وتواجهها.    

ما هي أفعال الشيطان الرئيسية ضد البشر؟

الفعل الأساسي والمعتاد للشيطان هو ما يُدعى “التجربة”، وهي تتمثَّل في إغراء عقل وإرادة الإنسان حتى يقوم بأفعال متعارضة مع الحقيقة والعدل والخير. وهكذا كان منذ البدء، حينما جرَّبت الحية أو الشيطان آدم وحواء لكي يعصيا الوصيّة الإلهيّة. فإنَّ “التجربة” تعاد بشكل مستمر في حياة المسيحيّ ويمكنها أنْ تأخذ أشكالاً مختلفة ومعقدة؛ لدرجة أنه يحدث أحياناً أنَّ الشيطان يمكنه أنْ يختبأ وراء ثياب ملاك صلاح ويقترح توجيهات تبدو ظاهرياً أنها إيجابية ولكنها في الحقيقة تحمل إلى الشرّ. والفعل الثاني للشيطان هو “المضايقة”، وهي بدورها تتسبَّب في هجمات قويّة ضد الإنسان، حتى على المستوي الجسديّ، كالحوادث والأمراض والقروح والفضائح. فقد عانوا القديسون بسبب مثل هذه المضايقات بتبعياتها الخطيرة على المستوي الجسديّ. والفعل الثالث للشيطان هو “الاجتياح المضر”، فبواسطتها يباشر الشيطان تأثيره الشرير في المحيطات التي يعيش فيها الإنسان، كما في المساكن والأماكن العامة والطرق والحقول والمكاتب. والفعل الرابع للشيطان هو ما يسمَّى “الوسواس”، والذي بواسطته يصيب النفس البشريّة، متسبباً في مواقف الألم والتيه والتعتيم والتشتت. والتأثيرات الناجمة عن ذلك هي أمور غير محبذة، لأنها تحمل نحو حالات مِن الانهيار العصبي أو الكآبة أو الجزع أو التوتر والتي بدورها غالباً ما تكون فظيعة وغير قابلة للتحكَّم فيها؛ فحتى الأدويّة والعقاقير لا يمكنها حل هذه الأمور. أمَّا الفعل الخامس والأخير للشيطان، وهو أكثر الأفعال فظاعة، هو “الامتلاك”، فمِن خلاله يسيطر الشيطان على جسد ونفس الإنسان بحيث أنَّ الشخص لا يصبح قادراً على السيطرة على نفسه ولا قادراً على أنْ يكون مستقلاً في اختياراته الخاصة. لذلك في مثل هذه الحالة، وعندما يكون الأمر أكيد، مِن الضروري أنْ يتدخَّل أحد مخرجي الشياطين الذي نال التَّصريح الرسميّ مِن قْبل الكنيسة.                   

كيف يمكن التَّغلب على إغراءت الشيطان؟

نحن لدينا وسائل كافية حتى ننتصر ونهزم أعمال الشيطان الشريرة. الوسيلة المعتادة مِن بين هذه الوسائل هي “الصلاة” التي نطلب فيها المعونة مِن لدن الله حتى يدعم إرادتنا لكي لا نستسلم لإغراءت الشرير. ولدينا وسيلة أخرى هي “ممارسة الأسرار”، مثل سرّ الاعتراف وسرّ التناول. وتعتبر وسائل ذات أهمية أيضاً بعض البركات أو الأدوات التي تضعها الكنيسة تحت تصرفنا، كعلامة الصليب واستعمال الماء المبارك وأمور أخرى جيدة. والشيء المهم حقاً هو التكوين الباطنيّ على حياة النعمة والاتحاد بالله، مع شفاعة القديسين ومعونة الملائكة.

 ما هي العلاقة بين عمل الشيطان وعمل المسيح الخلاصيّ؟ 

ثمة اعتبار أخير نابع مِن أوليّة المسيح وعمله ألخلاصي وهو ما يُمثِّل الحدث الرئيسيّ في النصرة على الشيطان. بموت المسيح على الصليب تمَّ تحقيق الخلاص الفدائي الكامل، وأمام ذالك كلّ القوات المضادة كالخطيئة والموت والشيطان الذي هو رئيسها تمَّ سحقها. ففي الحقيقة الشرّ الذي يتسبَّب فيه إبليس يجد حالاً له، لا وبل يجد هزيمته النهائيّة، وذلك بالتحديد مِن خلال العطيّة المحرِّرة التي تحققت بواسطة ذبيحة المسيح وقيامته المجيدة. ففداء المسيح لا يمثَّل فقط النصرة على الشيطان، ولكنه يعدّ أيضاً انقلابا في المواقف: الشرّ ذاته يمكن أنْ يصبح مناسبة للنمو والنضوج في الإيمان، فيتحوَّل الشرّ إلى لحظة خلاص إذا عاشه الشخص بإتحاد مع عمل المسيح الخلاصيّ؛ وبالتالي فإنَّ القوة الشيطانيّة ليست فقط لا تملك بعدُ قوة ضد المسيحيّ، وإنما تضحى وسيلة للمجد وللقداسة، كما حدث مع العديد مِن شهود النسك والروحانيّة في المسيحيّة.        

—————————————-

[1]  هذا المقال عبارة عن ترجمة للمقابلة الخاصة التي أُجريت مع الأب رينزو لافاتوري، كاهن كاثوليكيّ وواحد مِن أكثر المفقهين في قضية الملائكة والشياطين. وهو يُعدّ أحد اللاهوتين المعاصرين المتخصّصين في الإسكاتولجيا (علم الأخرويات)؛ ويقوم بالتدريس حالياً في العديد مِن الجامعات الحبريّة بروما. وقد أُخذ هذا المقال مِن الإنترنت، مِن الموقع التالي: www.papanews.it

[2]  جميعُ الكلمات أو الجمل التَّوضيحيَّة المُوضوعة بين القوسين […] وجميع الحواشي الموضوعة في أسفل الصفحة هي مِن وْضعِ المتَّرجم.

[3]  المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثانيّ (1962- 1965): «دعا إليه البابا بوحنا الثالث والعشرون. اهتم هذا المجمع بـ”تحديث” الكنيسة الكاثوليكيّة فأصدر عدداً من الدساتير والمراسيم والقرارات والبيانات والتصريحات. وهذا المجمع يكمّل ما لم يستطع المجمع الفاتيكانيّ الأوّل أن يُنجزه، ولا سيّما ما يختص بجماعيّة الأساقفة». صبحي حموي اليسوعيّ، معجم الإيمان المسيحيّ، دار المشرق، بيروت، لبنان، 1998، 349- 350.

[4]  المذهب التجريبيّ: في الفلسفة، هو توجه فكري يُرجع المعرفة إلى خبرة الحواس، ناكراً وجود أفكار فطريّة أو فكر مسبق. أمَّا عن نشأة المذهب التجريبيّ، فيقصد عامة بالتعبير “التجريبية” تياراً فلسفياً حديثاً ازدهر بشكل خاص في إنجلترا مع هوبس وغيره؛ وهذا التيار بدوره عارض وقاوم “العقلانيّة” في مجال مشكلة “المعرفة”. هذا وإن كانت البوادر الأولى لهذه النزعة حاضرة في الفلسفات القديمة مع أرسطو وإبيكورو وغيرهما. وفي العصر الحديث، قد نقد الإنجليزي جون لوك تصوّر الأفكار الفطريّة التي دافع عنها ديكارت، وقد أكَّد على أن جميع معارفنا تنشأ عن الخبرة الخارجيّة (الإحساس) أو عن الخبرة الداخليّة (التفكير).