stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعوية

أرني مجدك- الأب أرسانيوس السمعاني

1.1kviews

moses02أرني مجدك- الأب أرسانيوس السمعاني

أرني مجدك

  تاق موسى أن ينظر مجد الرب. وهو الذي ولدته  أمه يوكابد فى دارالعبودية  بمصر فى ظروف صعبة. وكأن قبل كل شئ طفلا ضعيفاً واهناًََ يحف به الخطر من كل ناحية وذلك لأن ملك مصر كأن قد أمر شعبه قائلا:”كل ابن يولد للعبرانيين اطرحوه في النيل”. ولكن لما كأن الطفل جميلا  أخفته أمه ثلاثة اشهر  وعندما لم تستطع أن تخفيه أكثر، وضعته في سلة بين القصب على حافة النهر وجعلت أخته من بعيد تراقب ما يحدث له . فنزلت ابنة فرعون الى النيل لتغتسل فرأت السلة فاخذتها وفتحتها فإذا هو صبىّ يبكى فاشفقت عليه! فانتهزت أخته تلك الفرصة فقالت للأميرة : “هل أذهب وأدعو لكِ مرضعة لترضع لك الولد ؟”فقالت:” اذهبى” فذهبت الفتاة ودعت أمها.فقالت لها ابنة فرعون :”اذهبى بهذا الولد فارضعيه لى ،وأنا أعطيكِ أجرتك ” فأخذته أمه وأرضعته.ولما كبر جاءت به ابنة فرعون فاصبح لها ابناً، وسمته موسى لأنها قالت:” أنني قد انتشلته من الماء. !”.أنظروا وتأملوا! كم صنع الرب لموسى من تدابير عظيمة لكي يعده قائداً لشعبه ويعلن فيه مجده. فقد .جعل ثلة من النساء عبرانيات ومصريات أميرات وجواري  يتكاتفن في سبيل إنقاذه من براثن موت محقق !!.

تربى موسى في قصر فرعون وتهذب بكل حكمة المصريين. وأنفتح أمامه طريق رحب  واسع تعبق على جانبيه الزهور والورود ويرويه النيل العظيم. ولكنه رفض أن يتمتع بهذا المجد الزائل. واختار الطريق الضيق طريق النفي، والتشرد. وقد ورد عنه فى الرسالة إلى العبرانيين أنه:” أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر!. هذا هو موسى العظيم !الذى تاق أن يري مجد الرب، فتوسل إليه مبتهلا “أرني مجدك ! “.

  فماذا كان يعنى موسى بصلاته هذه ؟ هل كان موسى يلتمس من الله أن يعلن له عن ذاته بطريقة مباشرة؟: أي يتجلى أمامه بعظمة وسلطان . فيرى موسى بعينيه بهاء قداسته ويشعر بعظمة قدرته.

* كيف أظهر الرب مجده لموسي؟

ساق موسى الغنم إلى ما وراء البرية. لكي تتاح له فرصة الخلوة والتأمل. وبينما هو هناك، رأى منظراً رائعاً! فقد رأى عليقة تتوقد بالنار، ولم تكن تحترق!فقال فى نفسه:” لماذا لاتحترق هذه العليقة؟”. وأنتظر موسى ريثما يتبين أمرها فكانت العليقة تزداد تألقًا وبهاءً. فقال في نفسه أميل وأنظر هذا المنظر العظيم! فلما رآه الرب أنه مال ليرى ناداه من وسط العليقة محذراً وقال:”موسى موسى”فقال :”هاءنذا”. فقال الرب لا تدن إلى ههنا .اخلع نعليك من رجليك ،فالمكان الذي أنت قائم فيه أرض مقدسة ” وقال:” أنا إله آبائك  إبراهيم واسحق ويعقوب “.كان هذا المنظر اسمى إعلان عن مجد الله وقوة حضوره. وهناك لم يكتف موسى أن يخلع حذائه فقط من رجليه، بل غطى وجهه أيضاً . لأنه خاف أن ينظر الى الله! الذي طفق يخاطبه من وسط العليقة قائلا: (إني قد رأيت مذلة شعبي بمصر، وسمعت صراخه بسبب مسخريه ،وعلمت بآلامه، فنزلت لأنقذه.أن الله التقى بموسى فى العزلة والصمت وتجلى له فى العليقة وبعد أن عرفه بنفسه.قدم له دعوة عجيبة: الآن هلم فأرسلك إلى فرعون لتخرج شعبى بني اسرائيل من مصر.ولكن موسى حاول أن يعتذر عن القيام بهذه المهمة بدافع من التواضع فقال للرب:”من أنا حتى أذهب إلى فرعون وحتى اخرج بني اسرائيل من مصر؟ فرد الرب عليه قائلا:إني أكون معك. نعم! فالرب دائما يكون مع المتواضعين. أنت يا عزيزي القاري، هل تشعر أن الرب معك؟ وهل اختبرت العيش فى صمت وسكينة معه؟ هل تذوقت حضوره ورأيت مجده؟! هل تؤمن أن الله مازال يتجلّى لك عبر الأشياء والأشخاص؟ وهل تشعر أنه يكلفك برسالة خاصة تجاه إخوتك اليوم

لقد أظهر الله مجده لموسى من خلال مآثره الكبرى، وتدخلاته الساطعة في التاريخ خاصة عبور البحر الأحمر. فقال الرب لموسى:ارفع عصاك ومدّ يدك على البحر فشقه.ومد موسى يده على البحر فانشقت المياه. ودخل بنو اسرائيل في وسط البحر وتعقبهم المصريون، ودخل وراءهم جميع خيل فرعون ومراكبه وفرسانه .فقال الرب لموسى: مد يدك على البحر،فترتد المياه على المصريين. فمد يده فارتد البحر.وهلك كل المصريين. وهنا تجلى مجد الرب بأعلى درجة أمام بنى إسرائيل في معجزة عبور البحر الأحمر بقيادة موسى !!فاّمن الشعب بالرب بموسي عبده. وهكذا أيضًا كانت معجزة المنْ والسلوى فقال موسى :”وبالغداة تنظرون مجد الرب”خر7 :16

وقال موسى لهارون :”قل لجماعة بنى اسرائيل،كلها :تقدموا أمام الرب، لأنه سمع تذمركم”فبينما كان هارون يكلم جماعة بنى اسرائيل التفتوا نحو البرية ،فاذا مجد الرب قد ظهر فى الغمام .وفى المساء صعدت السلوى فغطت المخيّم، وفى الصباح إذ على وجه البرية شئ دقيق كالصقيع على الأرض.فلما رآه بنو إسرائيل، قال بعضهم لبعض :”من هو”فقال لهم موسى :”هو الخبز الذى أعطاكم إياه الرب مأكلاً. في كل هذه الأحداث تجلّى مجد الرب لموسى بطريقة غير مباشرة. ولكن موسي يطمع فى المزيد فبالرغم من أن بشرة وجهه صارت مشعة من مخاطبة الرب له . وخاف بنو اسرائيل أن يقتربوا منه. ولم يستطيعوا أن ينظروا إلى وجهه. وهو لم يكن يعلم بذلك!. رغم كل هذا!! فموسي لا يزال يرغب في المزيد من الاقتراب من جلال الله الرهيب. ويتطلع إليه متوسلاً صارخاً “أرني مجدك !”.فخاطبه الرب قائلا:”أمرّ بكل حسنى أمامك .أما وجهي فلا تستطيع أن تراه لأنه لا يراني الإنسان ويحيا “.وقال الرب :”هوذا مكان بجانبي، قف على الصخرة، فيكون، إذا مرّ مجدي، أنى أجعلك في حفرة الصخرة وأظللك بيدي حتى أمرّ ثم أرفع يدي فترى ظهري، أما وجهي فلا يرى. وهنا فقط فهم موسى أنه ليس في استطاعة الإنسان أن يرى الله  مباشرة ويعيش لأن الهوة القائمة بين قداسة الله المطلقة وضعف الإنسان الخاطئ سحيقة وعميقة جداً.فإن كان الملائكة أنفسهم يحجبون وجوههم أمام الرب. فكم بالأحرى الإنسان الساقط!. فإن رأى الرب، وهو على هذه الحالة حتماً سيموت! إذا فليكتفي الإنسان أن يتعرف على الله من خلال آثار أقدامه التي تظهر في الطبيعة!. فيقول الرب:السماء كرسي لي والأرض موطئ قدامىّ.ويقول أيضاً:”السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه. وقد أنعم الله على موسى خاصة بمشاهدة تجلياته بصفته صديق. وسيكون أيضاً موسى أحد الشاهدين على تجلّى مجد ابن الله، يسوع المسيح  الذي ظهر في الجسد وتجلى على جبل طابور.

الأب أرسانيوس السمعاني

راعي كنيسة مار جرجس بدرنكة – أسيوط