stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

أنت من تحبه 6 ” ‏أسقمني حبك “

908views

 أسقمني حبك
نشيد الأناشيد

للأب هاني باخوم

معاني كثيرة لخبرة الحب في سفر نشيد الأناشيد ولكن يوجد ما هو أكثر. الحب يظهر هنا وكأنه ‏مرض: “اْسنِدوني بِأَقْراصٍ مِنَ الزَّبيب أَنعِشوني بِالتُّفَّاحِ فقَد أَسقَمَني الحب”. (2: 5)، (5: 8) نعم بالنسبة ‏للحبيبة الحب أصبح مرض. ‏
غريب، لا تطلب الشفاء منه، ولكن تطلب ان يساعدوها كي تستمر فيه، أن تواصل في هذا ‏العذاب العذب، تطلب قوة لا شفاء، مساعدة لتعاني أكثر من هذا الشيق المؤلم. أهذه صورة للمسيح ‏الذي كان يموت حبا. يموت ويطلب ماء ليقاوم، ليستمر يحب حتى أخر نقطة قدرة له. لا اعلم! اعلم ‏ان حبيبة النشيد تقول: شِمالُه تَحتَ رَأسي ويَمينه تُعانِقُني (2: 6). ‏
ماذا؟ أنتي تتألمين بين ذراع حبيبك؟ يحيط بها و تشعر بهذا المرض، ماذا يحدث؟ ‏
بعض المفسرين يقولون انه الم الانتظار والشوق، الم اللهفة، الم الرغبة في أن تقابله وتراه، ‏تتلمسه وترتوي منه. كما يقول اغسطينوس “نفسي لن تهدأ إلا فيك، يا ربي”. لن تهدا نفسي في هذا ‏العالم، وان استشعرت حبك ولمسته في المخلوقات، لن تهدأ إلا عندما تتحد بك. لكن الحبيبة معه، ‏فكيف؟
الحبيبة تقول: “حَبيبي أَرسَلَ يَدَه مِنَ الثَّقْب فتَحَرَّكَت لَه أحْشائي” (5: 4). كم هو جميل، ‏شاعري هذا التعبير. لا نتفهمه في عصرنا. فلنتخيل هذا الوسط الساكن، وصوت يد الحبيب تفتح الباب ‏على حبيبتها النائمة، وما اثر ذلك؟ يحرك أحشائها، يقبض بقلبها، ييقظ ما تبقى لها من أمال، ويحي ‏ما بقى لها من أيام. كتلك الصبية، التي تحب وترى حبيبها على الواتس اب “‏‎”ONLINE، قلبها يغرد: ‏قد يرسل كلمة، صورة، طب حيسلم، ….. كهذا الشاب الذي يترك أصدقائه كي يرجع مبكرا ليجد ‏حبيبته مازالت ‏AVAILABLE‏ على الفيسبوك ( اتمنى بهذه التشبيهات نتفهم نشيد الأناشيد!!). نعم هذا ‏المرض هو مرض الحب الذي لا يميت، بل يحي، لأنه ينتظر ويبحث عن الحبيب. وفي الانتظار ‏معنى للحياة. يموت من لا ينتظر شي. فالحب مرض يحي لأنه يجعلنا ننتظر. ألهذا يقول الرب ‏‏”اسهروا وصلوا” اي انتظروني.. الهذا تقول الكنيسة للحبيب: تعال، مارانتا.‏
اخرين يقولوا ان الم الحب ينبع من الحرية؟ نعم، أن الأخر يجب أن يكون حرا، لا نستطيع ان ‏نتملكه، وإن تملكناه، أصبح شي غير الحب. هل الم الحب يأتي من ان نسمح للأخر ان يكون دائما ‏أخر؟ حر أن يختار عكس ما أراه، حر أن يختار غير ما أرغبه، عكس ما أتوقعه، حر حتى ان ‏يخطئ؟ هل من هذا ياتي الم الحب؟ لأني لو منعت الحبيب ان يكون حرا اذا أنا أحب نفسي في ‏الحبيب ولا أحبه. أحب فكرتي، صورتي عنه وأبدا ما رايته، أبدا ما أحببته.‏
‏ ألهذا تقول الحبيبة “أسقمني حبك”، لأنها تصارع مع ذاتها؟ بين ذراعيه ولكنها تخاف من ‏الغد؟ لا اعلم! اعلم أنها تتألم. ولا ترفض هذا، بل تقول ساعدوني ان أتحمل هذا المرض. ‏
نعم، أحبائي هذا مصدر للألم: ان نترك للأخر ان يكون دائما وأبدا حر، كما هو وليس كما ‏أريد أنا أن يكون هو. ألهذا أحب الله الإنسان وتركه حر، حر حتى أن يرفضه، يصلبه. الآن افهم الم ‏الأب: أحبنا وتركنا أحرار، وليس فقط الم الابن على الصليب.‏
تفسيرات كثيرة لمرض تلك الحبيبة، لكن هل يوجد تفسير أخر؟ ‏
للمقالة القادمة…أيام مباركة …‏