إبراهيم .. اترك أرضك وعشيرتك – الأب وليم سيدهم
إبراهيم .. اترك أرضك وعشيرتك
لقد آمن إبراهيم فحُسب له ذلك برًا، هكذا يتحدث القديس بولس الرسول عن أبينا إبراهيم، لقد تحدث بولس مرات كثيرة عن إبراهيم بصفته المؤمن بإمتياز، أبو المؤمنين. ولم يكن إيمان إبراهيم منذ حوالى أكثر من أربعة آلاف سنة وهو أبو الأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام إلا البذرة الأولي التى شيد الله عليها إيمان الأمم المسيحية واليهودية والإسلامية.
يتلخص هذا الإيمان في أن إبراهيم صدّق دعوة الخالق وترك أرضه وعشيرته وبلاد أجداده التى كانت تعج بالآلهة المختلفة (بلاد مابين النهرين – العراق حاليًا) وإرتحل إلى أرض كنعان، أرض الغربة أرض التربية الأولى التي تلقاها من الله مباشرة بين شعوب مختلفة وغريبة.
نعم، لقد أخذ إبراهيم معه مواشيه وجواريه وأخيه لوط ولم يترك بلاده خالي الوفاض. ولكن يحسب لإبراهيم أنه أطاع كلام الله الذي سمعه في أعمق أعماقه وفي كيانه وذهب إلى أرض جديدة وربط الله أمره لإبراهيم بوعد ”فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً.وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ».” (تك 12: 2-3).
وكان ابراهيم محرومًا من الخلفة. وزوجته سارة تتقدم في السن دون أى علاقة على قدوم الوريث. لنتأمل هذا الرجل البسيط وهو يستمع إلى أصوات متناقضة عن حياته ومستقبله، فهو مدعو لترك أرضه ويعانى من عدم وجود ابن يرثه وكم كان الأبناء مهمين في ذلك الوقت لأنهم ممن يخلدوا آبائهم. ولم تكن عقيدة قيامة الأموات موجودة في ذلك الحين. بل العمر الطويل والذرية الكثيرة هي التى تؤمن استمرار وخلود الأشخاص، ولكن إيمان إبراهيم لم يضعف في هذا الاله.
لم يكن ناموس موسى قد نزل فالفرق بين ابراهيم وموسى مئات السنين لكن ناموس القلب هو الذي قاد ابراهيم إلى طاعة الله وتأمله المستمر في عظمته وفي سخائه وفي رعايته كان الله، كان الله قريبًا من إبراهيم لدرجة أن أطلق عليه خليل الله.
لقد كان الحوار مستمرًا بين الله وإبراهيم، وأينما إرتحل إبراهيم كان يبني هيكلًا ويقدم الذبائح شكرًا لله، وفي مسيرة تكوينه الإلهية قدم إليه ثلاثة أشخاص ليخبروه بخبر ولادة اسحق، وكان ابراهيم قد استضافهم على عادة الرعاة والذين كانوا يقطنون في الخيام حول الينابيع الموجودة في الصحراء، وضحكت سارة ورغم ذلك تم الوعد وأصبح لإبراهيم إبن يرثه من المرأة التى كانت عاقرًا وليس من الجارية هاجر المصرية.
واسحق ولد يعقوب الذي لُقب اسرائيل ويعقوب ولد الأسباط الأثنى عشر. وكان الله يتسامر مع ابراهيم فمثلًا حينما عرض الله على ابراهيم قراره بحرق سدوم وعمورة ظل ابراهيم يتشفع إلى الله من أجل الصالحين من سدوم وعمورة أن يرجع في قراره ولكن سلوك سكان سدوم وعمورة كان صادمًا لدرجة أن بعضًا منهم حاول أن يعتدي جنسيًا على لوط أخي ابراهيم نفسه بطريقة شاذة كما يذكرها الكتاب المقدس.
لقد نأى ابراهيم عن الممارسات الشاذة والدنيئة لحضارة سدوم وعمورة وحاول رغم ذلك أن يتشفع لهم ولكن باءت محاولاته بالفشل.