stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

إذا عملت وليمة أدعوا الفقراء‏ – الأب وليم سيدهم

1.4kviews

من هم الفقراء الذين يقصدهم يسوع المسيح؟ و لماذا هذا التمييز الطبقي من قِبل الله؟ لقد احتج يهوذا ‏الذى أسلم معلمه و باعه بثلاثين من الفضة حينما رأى المرأة تغسل رجلي يسوع بالناردين العطر ‏الغالى الثمين و قال : فقد كان يمكن أن يباع غاليا، فيعطى الفقراء ثمنه )). فشعر يسوع بأمرهم ‏فقال لهم: ((لماذا تزعجون هذه المرأة ؟ فقد عملت لي عملا صالحا. أما الفقراء فهم عندكم ‏دائما أبدا، وأما أنا فلست عندكم دائما أبدا. وإذا كانت قد أفاضت هذا الطيب على جسدي، ‏فلأجل دفني صنعت ذلك. (متى 26 : 9 – 12).‏
الغريب في الأمر أن من يطالب بتوفير النقود للفقراء كان أمين خزنة يسوع و رسله الأثنى عشر، ‏وإدعاءه بأنه يدافع عن مصالح الفقراء يكذبه بيعه لمعلمه بثلاثين من الفضة و بالتالى إعلان ‏إنحيازه للفقراء هو صادق في مظهره و فاسد في جوهره.. انه استغلال اسم الفقراء ليغتنى على ‏حسابهم كما يفعل اليوم كما أمس عُباد الدولار و أصنام الاستهلاك السفيه.‏
لقد كان رد يسوع على يهوذا : “أما الفقراء فهم عندكم دائما أبدا” (متى 26 : 11) رداً لا ‏شبهة طبقية فيه فهو يميز بين حق الفقراء و حق الإنسان الذى كرمه الله بشكل صريح و خاصةً ‏يسوع الانسان الكامل و الاله الكامل الذى يأتى فوق كل إعتبار طبقي أو ايديولوجى.‏
و نسأل أنفسنا عن السر الذى وراء الإنحياز إلى الفقراء في هذا النص في سياقه الكتابى، إنها ‏‏”المجانية” إنها الوليمة السماوية التى لا تستبعد أحداً من نعم و عطايا الله المجانية.‏
لقد كان سلوك البشر في كل العصور هو الميل إلي أصحاب السلطة و الثروة و النفوذ. فالولائم تقام ‏للملوك و الرؤساء و الوزراء و الوجهاء. وهؤلاء لا مجانية عندهم بل كل شئ له مقابل و له ‏مكاسب مادية و معنوية، إن الأغنياء غالبا لا يفكرون إلا في أنفسهم و قال عنهم يسوع في سياق ‏آخر تراجع الشاب الغنى عن الرغبة في الحصول على الحياة الأبدية بعد أن طلب منه يسوع أن يبيع ‏كل ماله و يعطيه للفقراء اذهب فبع ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال ‏فاتبعني (مر 10 : 21) ،، لأن يمر الجمل من ثقب الإبرة أيسر من أن يدخل الغني ملكوت ‏الله‎)‎مر 10: 25) و لما فرغ التلاميذ من هذا التصريح الذى قاله معلمهم فسأله من يدخل إذن فقال ‏لهم : “هذا شيء يعجز الناس ولا يعجز الله، فإن الله على كل شيء قدير” (مر 10 : 27) .‏
نعم الأغنياء الذين يتبادلون الاحتفالات و السهرات معتمدين على ثرواتهم في غياب الله. يمكنهم ان ‏يدخلوا الملكوت اذا استطاعوا أن يتركوا لله منفذاً إلى قلوبهم و عقولهم، لقد حدث ذلك مع ذكا ‏العشار و مع قائد الجيش نعمان السورى و مع قائد المئة ….. الخ.‏
إن التركيز في هذا النص على دعوة الفقراء لأنهم في كل العصور يدفعون ضريبة طمع و جشع ‏الأغنياء الذين يحتكرون عطايا الله لأنفسهم بذراعهم أو بثرواتهم أو بسلامهم … الخ أما الفقراء ‏فثروتهم و سلاحهم هو الله الواهب الأصلي لكل العطايا لذلك فإن من اتقي الله و عمل بوصاياه ‏‏”أحب قريبك كنفسك” فإنهم لا يضيرهم دعوة الفقراء من كسحان و عرجان و عميان … الخ لأنهم ‏استوعبوا بإيمانهم العميق جوهر الايمان بالمسيح الا وهو : ” لا يكونن عليكم لأحد دين إلا حب ‏بعضكم لبعض ” (رو 13 : 8) ،، ” طوبى لفقراء الروح فإن لهم ملكوت السموات. طوبى ‏للودعاء فإنهم يرثون الأرض.(متى 5 : 3).‏
إن الولائم التى يقيمها الأغنياء للفقراء للإفتخار و تبييض السرقات و تحاشي الضرائب و التهليل ‏في الصحف و الاذاعة و إن استفاد منها الفقراء فلأن حقوقهم ردت اليهم لكن الاغنياء الذين ‏يصنعون للمتاجرة و المفاخرة بالايتام و الكسحان فإنهم سيخضعون للدينونة و العقاب على ‏استغلالهم هؤلاء الفقراء لتنفيذ نزواتهم و توسيع حجم تجارتهم.‏
‏ أليس هو أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل البائسين المطرودين بيتك وإذا رأيت العريان أن ‏تكسوه وأن لا تتوارى عن لحمك؟ حينئذ يبزغ كالفجر نورك ويندب جرحك سريعا ويسير برك ‏أمامك ومجد الرب يجمع شملك. (اشعياء 58 : 7 – 8)‏