« إِنَّهُم عُميانٌ يَقودونَ عُمياناً » القدّيس أوغسطينُس
القدّيس أوغسطينُس (354 – 430)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
عظات عن إنجيل القدّيس يوحنا، العظة 34
« إِنَّهُم عُميانٌ يَقودونَ عُمياناً » (مت 15: 14)
“أَنا نُورُ العالَم مَن يَتبَعْني لا يَمْشِ في الظَّلام بل يكونُ له نورُ الحَياة” (يو 8: 12). في الواقع، الربّ هو نور للعميان. ونحن يا إخوتي نستنير في هذه الحياة بفضل سراج الإيمان. فالرّب قد “تَفَلَ في الأَرض، فجَبَلَ مِن تُفالِه طيناً، وطَلى بِه عَينَي الأَعْمى” (يو 9: 6). ونحن أبناء آدم ولدنا عميانًا أيضًا ونحتاج إلى نور المخلِّص. تفل في الأرض: “والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا” (يو 1: 14).
سنراه وجهًا لوجه. قال القدّيس بولس في هذا السياق: “فنَحنُ اليومَ نَرى في مِرآةٍ رُؤَيةً مُلتَبِسة، وأَمَّا في ذلك اليَوم فتَكونُ رُؤيتُنا وَجْهًا لِوَجْه” (1كور 13: 12). وقال القدّيس يوحنّا أيضًا في رسالته الأولى: “أَيُّها الأَحِبَّاء نَحنُ مُنذُ الآنَ أَبناءُ الله ولَم يُظهَرْ حتَّى الآن ما سَنَصيرُ إِليه. نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا نُصبِحُ عِندَ ظُهورِه أَشباهَه لأَنَّنا سَنَراه كما هو” (1يو 3: 2). هذا هو الوعد الكبير الذي قطعه عليك، إن كنت تحبّه، اتبعه.
قد تقول لي: أنا أحبّه ولكن عبر أي طريق اتبعه؟… هل تسأل عن الطريق الذي يجب أن تسلكه؟ أنصت إلى المخلِّص حين يقول لك: “أنا الطريق”. وإلى أين يؤدّي هذا الطريق؟ “أنا الحقّ والحياة” (يو 14: 6). لا نقول لك: ابحث جاهدًا عن الطريق الذي يقود إلى الحقّ والحياة، لا، نحن لا نقول لك هذا. انهض أيّها الكسول، فالطريق بنفسه جاء بحثًا عنك، هو ينهضك من سباتك إن سمعت صوته يقول لك: “قم وامشِ” (مت 9: 5).