stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

الأب الرحيم – الأب بطرس أنور

1kviews

الأحد الثاني ” الأبن الضال والرحمة “‏

نري في مثل الأبن الضال دور الأب الرحيم، الذي ينتظر أبنه أن يرجع، فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ ‏يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. لو 15/ 20. وهذا هو الأب الرحيم الذي ‏يرحم جميع الناس، ” لكِنَّكَ تَرحَمُ جَميعَ النَّاس لأنّكَ على كُلِّ شَيءٍ قَدير وتَتَغاضَى عن خَطايا النَّاسِ ‏لِكَي يَتوبوا.” حك11/23. ‏
محبة الله ورحمته لشعبه طوال الوقت وهذا يظهر كثيرا في أسفار العهد القديم، نري في سفر الخروج كثيراً ‏تتكرر هذه الكلمات، الرب إله رحيم ورؤوف، طويل الأناة وكثير الرحمة، ومحبة ورحمة وغفران الله لشعبه ‏مستمر دائما ولا ينسي أبداً شعبه وهذه محبته اللامتناهية ” لو نسيت الأم فأنا لا أنساك ” وأيضاً تجلت ‏رحمة الله من خلال أحداث مصيرية خص بها الله شعبه، الخروج من مصر – من أرض العبودية – دخول ‏أرض الميعاد، بالرغم من تاريخ هذا الشعب الحافل بالخيانات والخطايا ولكن محبة الله ورحمته دائماً ترافق ‏الشعب، ترافقنا جميعاً مهما كان ضعفنا وخطايانا، رحمة الله مجبولة بالشفقة والغفران والدعم والحماية، ‏رحمة الله ومحبته تسمو الحب البشري. ولذلك دائما الله يذكرنا بالرجوع عن خطايانا حتى لا يموت ‏الإنسان بضعفه، ” 26إِذَا رَجَعَ الْبَارُّ عَنْ بِرِّهِ وَعَمِلَ إِثْماً وَمَاتَ فِيهِ, فَبِإِثْمِهِ الَّذِي عَمِلَهُ يَمُوتُ. 27وَإِذَا ‏رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ شَرِّهِ الَّذِي فَعَلَ, وَعَمِلَ حَقّاً وَعَدْلاً, فَهُوَ يُحْيِي نَفْسَهُ. 28رَأَى فَرَجَعَ عَنْ كُلِّ مَعَاصِيهِ ‏الَّتِي عَمِلَهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ.”حز 18/ 26- 28 ، من هذا الكلام نعي بأن الخطئية تجعلنا نموت ‏وهذا ما تم مع الأبن الضال ولكن عندما رجع إلي نفسه وتاب، لم يمت بل رجع سالما. ابني هذا كان ميتا ‏فعاش وكان ضال فوجد. ولذلك يدعوا السيد الرب شعبه لتوبه ” تُوبُوا وَارْجِعُوا عَنْ كُلِّ مَعَاصِيكُمْ, وَلاَ ‏يَكُونُ لَكُمُ الإِثْمُ مَهْلَكَةً “. 31اِطْرَحُوا عَنْكُمْ كُلَّ مَعَاصِيكُمُ الَّتِي عَصِيْتُمْ بِهَا, وَاعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ قَلْباً ‏جَدِيداً وَرُوحاً جَدِيدَةً. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 32لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ يَقُولُ السَّيِّدُ ‏الرَّبُّ. فَارْجِعُوا وَاحْيُوا». ‏
رحمة الله ومحبته أيضاً غير اعتباطية، يعني تتطلب دائما الأعتراف والتواضع بأنني خاطي وضعيف وأريد ‏الرجوع من جديد إلى حضن الأب، الأعتراف بالضعف بداية الحياة الجديدة وبداية تذوق رحمة الله، ” ‏مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لاَ يَنْجَحُ وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ. 14طُوبَى لِلإِنْسَانِ الْمُتَّقِي دَائِماً أَمَّا الْمُقَسِّي قَلْبَهُ ‏فَيَسْقُطُ فِي الشّر” أم 28/ 13-14. الابن الضال اعتراف أمام نفسه” فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ” وهذا يعني ‏بداية العلاج والشفاء من مرض الخطئية وبدأ يقر بها أنه خاطي وضعيف، ” 18أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي ‏وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ،19وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي ‏كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.”لو15/18-19. وأمام هذا الأعتراف نري رحمة الله وغفرانه، الذي يتذوق رحمة الله ‏وغفرانه يعرف يرحم نفسه ويرحم الآخرين، يدعونا الله دائما أن نري ونتذوق رحمته وغفرانه المستمر ‏للإنسان. ولذلك نرى في هذا المثل رحمة الله للإنسان بشكل مختلف تماماً، لأن الرحمة ليست عاطفة ‏عابرة فحسب تتضمن الرأفة والشفقة، بل أيضًا التزام عملي ملموس وخلاق يُعبر عن الأمانة تجاه ‏الطرف الآخر، حتى إذا لم يلتزم الأخير، فيبقي المُحب أمينا. كما نقرأ في مزمور 89: 2- 3: ‏‏“بِمَراحِمِ الرَّبِّ لِلأبدِ أَتَغنَى وإِلى جيلٍ فجيلٍ أُعلِنُ بفَمي أَمانَتَكَ لأَنَّكَ قُلتَ: «الرَّحمَةُ تُبْنى لِلأبد وفي ‏السَّمَواتِ ثَبَّتَّ أَمانَتَكَ ” في النهاية رحمة الله مستمرة للبشر مهما كانت خطئية الإنسان، الله يدعونا ‏أن نتذوق رحمته وعلينا أن نعيش الرحمة مع ذواتنا ومع الآخرين. ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن ‏وكل أوان والى الأبد أمين . ‏