stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

الإيمان فى زمن الوباء ( 5 ) ‏فضيلة الرجاء والعبور إلى القيامة ‏

794views

كتب : ناجح سمعـان

فى زمن التجارب والمحن تحتاج النفس البشرية إلى معين القوة الروحية كطاقة نور ‏وهاج تهتدى بأشعته للسير فى السبيل القويم نحو التحرر من عتمة الطريق ووعورتها وصولاً ‏الى باب الخلاص . تمثل قيامة السيد المسيح من بين الأموات ، العنوان الساطع فى كتاب ‏الإيمان المسيحى وذلك لما للقيامة من معانى روحية وانسانية نبيلة ، تملأ النفس بمشاعر الفخر ‏بالمخلص الذى كسر شوكة الموت ، وهو ما يولد فى الوجدان المسيحى معنى الرجاء كقوة ‏روحية تتجاوز حدود المستحيل . أمام شوكة الموت التى تتمدد على سطح الكرة الارضية شرقاً ‏وغرباً جراء وباء كورونا اللعين ، يضحى التحلى بالرجاء والنمو فيه بمثابة طاقة النور التى ‏تلهب القلب وتنير الفكر فى التماس مراحم الرب وانتظار يوم خلاصه . ‏

‏( 1 ) – الفضيلة وتهذيب النفس : ‏

عن معنى الفضيلة يورد كتاب التعليم المسيحى الكاثوليكى للشبيبة بأنها موقف باطنى ‏وعادة ايجابية ورغبة توظف فى خدمة الخير العام حيث اننا بقدرتنا البشرية لا نستطيع عمل ذلك ‏الا جزئياً لكن الله يساندنا بنعمته ويمنحنا الفضائل الإلهية التى بعونها نبلغ إلى نور الله وقربه . ‏وعليه يجب ان نهذب انفسنا لكى نستطيع ان نفعل الخير بحرية وفرح يساعدنا هنا بالدرجة ‏الأولى الايمان الثابت بالله ، والعيش وفقاً للفضائل الروحية فنوجه قدرات العقل والارادة توجيهاً ‏يزداد وضوحاً نحو الخير . وحول ما هو الرجاء يذكر التعليم بأنه القدرة التى نتوق بشدة وعلى ‏الدوام إلى الهدف الذى نحن موجودون على الأرض لأجله ، أى أن نمجد الله ونخدمه وإلى ما ‏تقوم به سعادتنا الحقة أى أن نجد فى الله امتلاءنا ، وإلى حيث نلقى وطننا النهائى فى الله . ‏

‏( 2 ) – عدوى الرجاء : ‏

خلال عظة قداس عيد القيامة المجيد هذا العام قال قداسة البابا فرنسيس للعالم : ” يتردد ‏اليوم فى العالم بأسره صدى اعلان الكنيسة المسيح قام .. حقا قام ، كشعلة جديدة اتقدت هذه ‏البشرى السارة فى الليل . ومع هذه البشرى السارة يتردد صدى صوت الكنيسة ان المسيح ‏رجائى قد قام من الموت انها عدوى تنتقل من قلب الى قلب لان كل قلب بشرى ينتظر هذه ‏البشرى السارة انها عدوى الرجاء . واضاف الاب الاقدس : ليُعطِ يسوع، فصحنا، القوّة ‏والرجاء للأطباء والممرضين الذين وفي كلِّ مكان يقدّمون شهادة عناية ومحبة للقريب باذلين ‏أقصى جهودهم وفي بعض الأحيان مُضحّين بصحتهم . إليهم وإلى الذين يعملون بمثابرة من أجل ‏ضمان الخدمات الأساسية الضرورية للتعايش المدني وإلى قوى الأمن والعسكريين الذين وفي ‏بلدان عديدة قد ساهموا في تخفيف صعوبات السكان وألمهم، يتوجّه فكرنا المحب وامتناننا” . ‏

‏( 3 ) – بالرجاء مخلصون : ‏

تأتى الرسالة العامة للبابا بنديكتوس السادس عشر الصادرة عام 2007 تحت عنوان ” ‏بالرجاء مخلصون ” فى مقدمة الادبيات الكنسية المعاصرة التى تناولت موضوع الرجاء ‏المسيحى بكثير من التفاصيل الغنية بالتعاليم الروحية واللاهوتية . عن معنى الرجاء يقول ‏بنديكتوس السادس عشر : ” بالرجاء نحن مخلَّصون ، ففى الرسالة الى اهل رومية يقول ‏القديس بولس للرومانيين ولنا أيضاً (روم 8 / 24) وحسب الإيمان المسيحي الخلاص‎ ‎ليس ‏مجرّد فكرة. إن الفِداء قد وُهبَ لنا كرجاءٍ، رجاءٍ وثيق، به نستطيع أن نواجه‎ ‎الحياة الحاضرة ‏التي بالرغم من كونها مُتعِبة يُمكنها أن تُقبَل وتُعاش إذا كانت‎ ‎تُفضي إلى غايةٍ ما، وإذا ما كنّا ‏أكيدين من تلك الغاية، وإذا ما كانت تلك الغاية‎ ‎عظيمة لدرجة أنها تُبرِّرُ تعبَ المسيرة “. ‏
وحول حقيقة الرجاء المسيحى يقول البابا بنديكتوس فى رسالته سالفة الذكر : ” فى ‏الحقيقية من لا يعرف الله هو دون الرجاء الاعظم الذى تقوم عليه الحياة باكملها . ان الرجاء ‏الحقيقى للانسان هو ذاك الرجاء الذى يثبت بالرغم من كل خيبات الأمل ، الله وحده الذى احبنا ‏ومازال يحبنا إلى المنتهى حتى يتم كل شئ . ان من لمسته المحبة يبدأ يفهم معنى الحياة ‏الحقيقى يبدأ يفهم ما تعنيه كلمة رجاء لقد قال يسوع عن نفسه بأنه جاء لتكون لنا الحياة فى ‏ملئها ” . ‏

‏( 4 ) – العمل وتعلُم الرجاء : ‏

عن موقع العمل البشرى فى معايشة الرجاء كتب البابا بنديكتوس : ” كل عمل انسانى ‏جدى وقويم هو رجاء فى طريقه إلى التحقيق هو كذلك قبل كل شئ لاننا بواسطته نحاول تحقيق ‏امالنا الصغيرة منها والكبيرة . ان اداء هذا الواجب الهام فى مسيرة حياتنا ومن خلال مجهوداتنا ‏يساهم فى جعل العالم اكثرا نورا وانسانية وهكذا تفتح لنا ابواب المستقبل . ان جهودنا اليومية ‏فى سبيل حياتنا ولاجل مستقبل الجماعة اما ان تسبب لنا التعب او تتحول إلى تطرف ان لم ينرنا ‏نور ذاك الرجاء الاعظم الذى لا يمكن ان يحطمه الفشل فى الامور الصغيرة او الاخفاق فى ‏الاحداث التاريخية . ويضيف رجل العقيدة والإيمان قائلا : ” انه لأمر هام ان نرجو حتى لو كانت ‏امور حياتنا او شئون اللحظة التاريخية التى نعيشها تبدو وكانها لا تحمل اى رجاء . لا يزال ‏بامكانى ان ارجو دائما ، وحده الرجاء الضمان الاعظم من ان حياتى الشخصية والتاريخ باكمله ‏يظلان محروسين فى قدرة المحبة الخالدة التى بفضلها يكتسبان معنى واهمية ” . ‏

‏( 5 ) الرجاء والعبور إلى الشفاء : ‏

إذا كان الرجاء هو الفضيلة الروحية الأولى التى توجه الكنيسة انظارنا إليها كدرس ‏مستفاد أول عند التأمل فى معنى قيامة الرب من بين الأموات ، فى مقابل الواقع المريض الذى ‏نعيشه فى زمن الوباء ، لذا يتوجب على الكاتب ان يسجل هذه القراءات : ‏
أ‌-‏ ان فضيلة الرجاء إلهية المصدر إنسانية التطبيق لذا دعونا ان نتحلى بها هذه الأيام حتى ‏تمتلئ قلوبنا بالأمل فى شفاء العالم وخلاصه كعطية حب مجانية من لدن الله تعالى . ‏
ب‌-‏ ان رجاءنا الجماعى بمثابة اعلان ايمان مشترك نرفعه إلى الرب القدير كى نستعطف قلبه ‏الرحيم كأب للبشرية وسيد للتاريخ . ‏
ت‌-‏ ان الرجاء يدعونا إلى التحرر من حسابات الزمن الارضية واللهث وراء التساؤل الأصعب ‏، متى يكون زمن خلاصنا ؟ وما علامات ذلك اليوم ؟ ‏
ث‌-‏ يدفعنا الرجاء إلى التسليم البنوى بقبول مواعيد الرب ليوم خلاصنا والإصغاء الحر إلى ‏كلمته واثقين فى محبته الفريدة لكل إنسان . ‏
ج‌-‏ يقودنا الرجاء إلى الإيمان ببعضنا البعض كأخوة ، ساعين إلى التضامن معاً متيقنين ان ‏خلاص الرب حقيقة لا شك فيها . ‏