البابا فرنسيس: حياتنا المسيحية ليست استحقاقًا بل نعمة
“لا يمكن للمسيحي أن يفهم المسيح المخلّص بدون الصليب وبدون أن يكون مستعدًا لحمله مع يسوع” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وأكّد أن المسيحي هو كسمعان القيرواني، والإيمان يكمن في هذا التماهي: إذ إنه لا يمكن للإنسان أن ينتمي ليسوع ما لم يحمل معه ثقل الصليب.
استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا والذي يسأل فيه الرب يسوع تلاميذه قائلاً: “مَن أَنا في قَولِ الجُموع؟” فيجيبوه: “يوحَنَّا المَعمَدان” وبَعضُهم يَقول: “إِيلِيَّا”. وبَعضُهم: “نَبِيٌّ منَ الأَوَّلينَ قام”، ويخبرنا لوقا الإنجيلي: ” فقالَ لَهم يسوع: “ومَن أَنا في قَولِكُم أَنتم؟” فأَجابَ بُطرس: “مسيحُ الله”. فَنهاهم بِشِدَّةٍ أَن يُخبِروا أَحدًا بِذلك”. تابع البابا يقول يبدو لنا من خلال هذا النص وكأن يسوع لا يرغب بأن تُعرف هويته إذ أنه يمنع تلاميذه من إخبار أحد، تمامًا كما نراه في مناسبات أخرى يمنع الشياطين من أن تظهر طبيعته، أي أنه “ابن الله” الآتي ليخلّص العالم، وذلك لأن الشعب كان يعتقد أن المسيح الآتي هو القائد الذي سيخلصهم من حكم الرومان، وبالتالي كان يسوع لا يتحدث عن هويته الحقيقية إلا مع تلاميذه الإثني عشر.
أضاف الحبر الأعظم: قال يسوع لتلاميذه: “يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يُعانِيَ آلامًا شَديدة، وأَن يَرذُلَه الشُّيوخُ والأحبارُ والكَتَبَة، وأَن يُقتَلَ ويقومَ في اليَومِ الثَّالِث”. هذه هي درب خلاصكم، هذه هي درب المسيح البار: الآلام والصليب. وشرح لهم هويته، لكنهم لم يقبلوها ويخبرنا القديس متى في إنجيله أن بطرس قد رفض وبدأ ينتهر يسوع قائلاً: “حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!” حينئذٍ بدأ يسوع يشرح سرّ هويّته مظهرًا أنه ابن الله وبأن هذه هي دربه وينبغي عليه أن يسير في درب الألم هذه.
تابع البابا فرنسيس يقول: هذه هي طريقة يسوع في تحضير قلوب تلاميذه وقلوب الشعب لفهم سرّ الله هذا. عظيمة هي محبة الله، ولكن خطيئتنا هي كبيرة أيضًا وبالتالي كان على يسوع أن يعانق الصليب ليخلصنا. ولذلك لا يمكننا فهم يسوع المسيح المخلّص بدون الصليب! سنتمكن فقط من النظر إليه كنبيٍّ كبير، أو كشخص يصنع الخير ولكن بدون الصليب لن نتمكن من فهم هويته الحقيقية وبأنه المسيح المخلًّص. وقلوب التلاميذ والشعب لم تكن بعد جاهزة لفهمه لأنهم لم يكونوا بعد قد فهموا النبؤات وبأنه حمل الذبيحة.
أضاف الأب الأقدس يقول: فقط وفي أحد الشعانين، سمح يسوع للشعب بأن يعلن هويته من خلال هتافاتهم: “مبارك الآتي باسم الرب” وذلك عندما قال: “لو سكت الأطفال لنطقت الحجارة!” أما هوية يسوع الحقيقية فقد ظهرت بملئها فقط عند ساعة موته، مع “أول اعتراف”، اعتراف قائد المائة الذي قال: “حقا كان هذا ابن الله”.
تابع البابا فرنسيس يقول: يسوع يحضّرنا خطوة بعد خطوة لنفهمه جيّدًا، يحضّرنا لنرافقه حاملين كلّ صليبه في مسيرتنا خلفه نحو الخلاص. هو يحضّرنا ليكون كلّ منا “قيروانيًّا” آخر يساعده في حمل الصليب. ولذلك فحياتنا المسيحية بدون الصليب ليست مسيحية، وبالتالي علينا أن نحافظ على هويتنا المسيحية وألا نفكّر أبدًا أنها من أجل استحقاق ما! لا !! لأن الحياة المسيحية هي مسيرة كمال روحيّة، وليست استحقاقًا بل نعمة!