البابا فرنسيس: لنطلب من الله نعمة أن يكون قلبنا بسيطًا يضيء بنور الحقيقة
“إن يسوع يجعلنا رحماء مع الناس لكنَّ أصحاب القلوب الضعيفة غير المؤسسة على المسيح يصبحون قساة في تطبيق الشريعة في الظاهر بينما هم في داخلهم مراؤون يبحثون عن مصالحهم الشخصيّة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
تمحورت عظة الأب الأقدس حول الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى والذي نقرأ فيه: “دخَلَ يسوع الهَيكل، فَدنا إِلَيه الأَحبار وشُيوخُ الشَّعبِ وهَو يُعَلِّمُ وقالوا لَه: “بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ ومَن أَولاكَ هذا السُّلطان؟”. قال البابا إنه سؤال يظهر بأن قلوبهم متعجرفة ولا تهمّهم الحقيقة بل كانوا يبحثون فقط عن مصالحهم الشخصيّة ويسيرون بحسب الريح أي يذهبون في الاتجاه الذي يناسبهم! إنهم أصحاب قلوب فارغة يعيشون بحسب المظاهر ويساومون على كلّ شيء: على الحرية الداخلية والإيمان حتى على الوطن، لا تهمهم إلا مصالحهم ويستفيدون من كل الظروف التي تواجههم.
قد يقول لي أحدكم: “ولكن يا أبت هؤلاء الأشخاص كانوا يحافظون على الشريعة ويطبقونها بحذافيرها” نعم! ولكن في الظاهر فقط. لقد كانوا يظهرون بمظهر الأقوياء والمتصلبين لكن قلوبهم كانت ضعيفة جدًّا ولا يعرفون بماذا يؤمنون، ولذلك كانت حياتهم الخارجية منظّمة وقلوبهم الضعيفة كانت تنبض في مكان آخر… لكن يسوع يعلمنا العكس تمامًا أي أنه ينبغي على المسيحي أن يكون صاحب قلب قوي وراسخ، قلب ينمو على الصخرة أي على المسيح ولا يساوم أبدًا.
تابع الأب الأقدس يقول هذه هي مأساة هؤلاء المرائين، ويسوع لم يكن يساوم أبدًا بل كان منفتحًا على الأشخاص ويبحث دائمًا عن السبل لمساعدتهم، وذكّر البابا فرنسيس في هذا السياق عن التغيير الذي أحدثه البابا بيّوس الثاني عشر في قانون الصوم وقال لقد تصرّف مثل يسوع مجيبًا على حاجة الناس ولكن كان هناك بعض القساة والمتشدّدين الذين لم يقبلوا هذا التغيير تمامًا كهؤلاء الأحبار وشيوخ الشعب الذين يتمسكون بتحجّرهم وقساوتهم بحجة تطبيق الشريعة.
أضاف الحبر الأعظم يقول يمكن لحياتنا أيضًا أن تصبح هكذا وأشار أنه ينبغي علينا أن نتنبّه دائمًا من ضعف القلب والتحجّر ونتذكّر أننا خطاة وضعفاء لنتمكن من لقاء الرب تمامًا كجميع المرضى الذين كانوا يأتون إليه ليشفوا، والجمع الذي كان يتبع يسوع فهم لم يتأثروا أبدًا بمواقف الأحبار وشيوخ الشعب لأنهم كانوا يؤمنون به.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنطلب من الله نعمة أن يكون قلبنا بسيطًا يضيء بنور الحقيقة التي يمنحنا إياها الله فنكون محبّين وغفورين ومتفهّمين للآخرين، ورحماء قلوبنا مشرّعة لاستقبال الأشخاص الذين يأتون إلينا دون أن ندينهم. فإن كنا نريد أن ندين أحدًا فليبدأ كلٌّ منّا بنفسه وبالتأكيد لن تنقصنا الدوافع. لنسأل الرب إذًا نعمة هذا النور الداخلي الذي يفهمنا أن الرب هو الصخرة الوحيدة، وليرشدنا في الطريق ويرافقنا لكي نُشرّع قلوبنا فنقبل فيها العديد من الأشخاص وليمنحنا أيضًا نعمة أن نشعر بخطايانا وضعفنا.
الفاتيكان