stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس يحتفل برتبة تبريك الرماد ويفتتح زمن الصوم المبارك

787views

07 مارس 2019

“الصوم هو زمن نعمة من أجل تحرير القلب” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي ورتبة تبريك الرماد في بدء زمن الصوم المبارك
ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر الأربعاء في بازيليك القديسة سابينا في روما القداس الإلهي ورتبة تبريك الرماد في بدء زمن الصوم المبارك وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها “أُنفُخوا في البوقِ، وقَدِّسوا الصَّومَ، ونادوا بِاحتِفال” يقول النبي في القراءة الأولى. يُفتتح الصوم بصوت ثاقب صوت بوق لا يداعب الآذان بل ينادي بصوم. إنّه صوت قوي يريد أن يبطّئ حياتنا التي تسير بسرعة وغالبًا بدون أن تعرف إلى أين. إنها دعوة للتوقّف والذهاب إلى الجوهري والصوم عن الفائض الذي يشتت. إنها منبّه للنفس.

تابع البابا فرنسيس يقول ترافق صوت هذا المنبّه الرسالة التي ينقلها الرب من خلال فم النبي، رسالة قصيرة ومن القلب: “عودوا إِلَيَّ”. عودوا. إن كان علينا أن نعود فهذا يعني أننا ذهبنا إلى مكان آخر. الصوم هو زمن لإعادة إيجاد مسار الحياة. لأنّه وفي مسيرة الحياة، كما في أي مسيرة أخرى، ما يهمُّ فعلاً هو ألا نحيد نظرنا عن الهدف. أما عندما يكون المهم في السفر رؤية المناظر والتوقف للأكل فلن نذهب بعيدًا. يمكن لكلِّ فرد منا أن يسأل نفسه: هل أبحث عن مسار في مسيرة الحياة؟ أم انني أكتفي بعيش نهاري مفكّرًا فقط بأن أكون بخير وبحل بعض المشاكل والتلهّي قليلاً؟ ما هو المسار؟ ربما البحث عن الصحة التي يقول العديد اليوم أنها تأتي في المرتبة الأولى ولكنها عاجلاً أم آجلاً ما ستزول؟ ربما الخيور والرفاهية؟ ولكننا لسنا في العالم لأجل ذلك. عودوا إليَّ يقول الرب لي. الرب هو هدف رحلتنا في العالم. وعلينا أن نرسم عليه مسارنا.

أضاف الحبر الأعظم يقول لكي نجد المسار مجدّدًا، تُقدّم لنا اليوم علامة: الرماد على رأسنا. إنها علامة تجعلنا نفكّر في ما يوجد في رأسنا. إن أفكارنا غالبًا ما تسعى لبلوغ أمور عابرة تأتي وتذهب. إن طبقة الرماد الخفيفة التي ننالها تخبرنا، بلباقة وحق أنه لن يبقَ شيء من الأمور العديدة التي تجول في رأسنا والتي نركض خلفها يوميًّا وتقلقنا. وبقدر ما تتعب فلن تأخذ معك أي غنى من هذه الحياة. إن الوقائع الأرضية تزول كالغبار في الهواء. الخيور هي مؤقّتة، والسلطة تمر والنجاح يغيب. إن ثقافة المظاهر التي تسيطر اليوم وتقودنا لنعيش من أجل الأمور العابرة هي خدعة كبيرة. لأنّها كنار ما إن تنطفئ يبقى الرماد فقط. الصوم هو الزمن لكي نتحرر من وهم العيش في اتباع الرماد. الصوم هو أن نكتشف مجدّدًا أننا قد صُنعنا من أجل النار التي تضطرم على الدوام وليس من أجل الرماد الذي ينطفئ فورًا؛ من أجل الله وليس من أجل العالم، من أجل أبديّة السماء وليس من أجل خداع الأرض؛ من أجل حريّة أبناء الله وليس من أجل عبودية الأشياء. يمكننا اليوم أن نسأل أنفسنا: في أي صفٍّ أقف؟ هل أعيش من أجل النار أم من أجل الرماد؟

تابع البابا فرنسيس يقول في رحلة العودة إلى الجوهري هذه والتي هي الصوم، يقترح علينا الإنجيل ثلاثة مراحل يطلب منا الرب أن نسيرها بدون رياء وادعاءات: الصدقة والصلاة والصوم. ولما تفيد؟ إن الصدقة والصلاة والصوم يعيدوننا إلى الوقائع الثلاثة الوحيدة التي لن تزول. إنَّ الصلاة تعيد ربطنا بالله؛ والمحبّة بالقريب والصوم بأنفسنا. الله والإخوة والحياة: هذه هي الوقائع التي لا تزول والتي ينبغي علينا أن نستثمرها. هذا ما يدعونا الصوم لننظر إليه: إلى علو بالصلاة التي تحرّر من الحياة الأفقيّة والمستوية حيث نجد الوقت للـ “أنا” ولكننا ننسى الله. من ثم إلى الآخر بالمحبة التي تحرر من غرور الامتلاك والتفكير بأن الأمور تكون جيّدة فقط عن كانت تلائمني. وفي الختام يدعونا للنظر إلى داخلنا بالصوم الذي يحرّر من التعلّق بالأمور وروح العالم الذي يخدِّر القلب. صلاة، محبّة وصوم: ثلاثة استثمارات من أجل كنز يدوم.

أضاف الحبر الأعظم يقول قال يسوع: “حَيثُ يكونُ كَنزُكَ يكونُ قلبُكَ”. إن قلبنا يتوجّه على الدوام باتجاه ما: إنه كالبوصلة التي تبحث عن الاتجاه. يمكننا أيضًا أن نشبّهه بمغناطيس يحتاج دائمًا أن يتعلّق بشيء ما. ولكن إن تعلّق فقط بالأمور الأرضيّة، فعاجلاً أم آجلاً سيصبح عبدًا لها. المظهر الخارجي، المال والنجاح والتسلية عن عشنا من أجل هذه الأمور تصبح أصنامًا تستعملنا وحوريات تسحرنا وتجعلنا ننحرف عن مسارنا. لكن إن تعلّق القلب بما لا يزول نجد أنفسنا ونصبح أحرارًا. الصوم هو زمن نعمة من أجل تحرير القلب من الأمور الباطلة. إنه زمن الشفاء من الإدمان الذي يغوينا. إنه زمن لكي نحدق نظرنا على ما يبقى.

تابع الأب الأقدس يقول أين يجب أن نحدق نظرنا خلال مسيرة الصوم؟ على المصلوب. يسوع على الصليب هو بوصلة الحياة التي توجّهنا نحو السماء. إن فقر الخشب وصمت الرب وتجرّده محبة بنا، جميع هذه الأمور تظهر لنا الحاجة لحياة أكثر بساطة وحرّة من القلق على الأمور. يسوع على الصليب يعلّمنا شجاعة التخلّي القويّة. لأنه إن كنا مثقلين بأحمال ثقيلة فلن نسير قدمًا أبدًا. نحن بحاجة لأن نتحرّر من مجاسِّ الاستهلاك ورباطات الأنانيّة ومن الرغبة بالمزيد وعدم الاكتفاء أبدًا ومن القلب المغلق على احتياجات الفقير. يسوع على خشبة الصليب يتّقد محبة ويدعونا إلى حياة تشتعل به ولا تضيع بين رماد العالم، حياة تشتعل بالمحبة ولا تنطفئ في السطحية. فهل يصعب علينا أن نعيش بحسب ما يطلبه؟ نعم ولكنّ ذلك يقودنا إلى الهدف.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول هذا ما يظهره لنا الصوم. يبدأ بالرماد ولكنّه يقودنا في النهاية إلى نار ليلة الفصح؛ لنكتشف أنّ جسد يسوع لا يصبح رمادًا في القبر بل يقوم ممجَّدًا. وهذا الأمر يصلح أيضًا لنا نحن الذين جبلنا من تراب: فإن عدنا بهشاشتنا إلى الرب وإن سرنا في درب المحبة سنعانق الحياة التي لا تغيب وسنكون في الفرح.

نقلا عن الفاتيكان نيوز