stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس يدعو أساقفة الولايات المتحدة إلى التيقظ والتمييز، الإصغاء وعيش الشركة الأخوية

863views

04 يناير 2019

محاربة “ثقافة التعدي” ومواجهة أزمة المصداقية انطلاقا من الإنجيل، كان هذا محور رسالة وجهها البابا فرنسيس إلى أساقفة الولايات المتحدة لمناسبة انطلاق رياضة روحية للأساقفة في 2 من الشهر، وذلك للتأمل في موضوع التعديات الذي ضرب مصداقية الكنيسة.
بدأ أساقفة الولايات المتحدة الكاثوليك في 2 كانون الثاني يناير رياضة روحية ستستمر حتى 8 من الشهر. ولهذه المناسبة وجه إليهم قداسة البابا فرنسيس رسالة ذكّر في بدايتها بأنه قد نصحهم خلال لقائه رئاسة المجلس في 13 أيلول سبتمبر المنصرم بتنظيم هذه الرياضة الروحية كزمن خلوة وصلاة وتمييز له أهمية كبيرة بالنسبة لمسيرة لمواجهة أزمة المصداقية التي يمر بها أساقفة الولايات المتحدة ككنيسة، والرد على هذه الأزمة انطلاقا من الإنجيل. وواصل الحبر الأعظم مكررا رغبته التي أعرب عنها في اللقاء المذكور مع رئاسة مجلس الأساقفة في مرافقة أساقفة الولايات المتحدة ليومين في هذه الرياضة الروحية، لكنه لم يتمكن من ذلك لأسباب لوجستية. وأعرب البابا عن فرحه لقبول الأساقفة أن يقود هذه الرياضة الروحية واعظ القصر الرسولي. ثم أكد الحبر الأعظم رغبته في أن يتأمل مع الأساقفة كأخ في بعض الجوانب التي يعتبرها هامة، وتحفيزهم في الصلاة والخطوات التي يقومون بها لمحاربة “ثقافة التعدي” ومواجهة أزمة المصداقية.

ثم توقف البابا فرنسيس عند كلمات يسوع “فلَيسَ الأَمرُ فيكم كذلِك. بل مَن أَرادَ أَن يَكونَ كَبيراً فيكم، فَلْيَكُنْ لَكُم خادِماً. ومَن أَرادَ أَن يكونَ الأَوَّلَ فيكم، فَلْيَكُنْ لأَجمَعِكم عَبْداً”. وقال قداسته إن يسوع بهذه الكلمات أراد نهاء النقاش بين التلاميذ الذين أعربوا عن استيائهم من طلب يعقوب ويوحنا أن يجلسا أحدهما عن يمين يسوع والآخر عن شماله في مجده. ودعا قداسة البابا إلى أن تكون هذه الكلمات المرشدة للتأمل الذي يريد أن يقوم به مع الأساقفة. وتابع أن الإنجيل لا يخشى كشف وإيضاح التوترات والتناقضات وردود الأفعال في حياة جماعة التلاميذ الأولى. وأكد أننا مدعوون كجماعة إلى التيقظ كي تكون هذه اللحظات وقراراتنا، واختياراتنا وأفعالنا، ردا للرب الذي هو حياة العالم. شدد قاسته بالتالي على أهمية اليقظة والتمييز كي تكون لدينا قلوب متحررة مما يبدو يقينا، وذلك للإصغاء إلى ما يحسن عند الله في الرسالة التي أوكلت إلينا. وواصل قداسة البابا مشيرا إلى أن أفعالا كثيرة قد تكون مفيدة وجيدة وضرورية وقد تبدو صحيحة، لكنها تفتقد إلى مذاق الإنجيل، وشدد بالتالي على أهمية التنبه كي لا يكون العلاج أسوأ من المرض، وهذا أمر يتطلب الحكمة والصلاة، الكثير من الإصغاء وشركة أخوية.

تحدث الحبر الأعظم بعد ذلك عن الفضائح التي ضربت مصداقية الكنيسة في الولايات المتحدة، وعن الضحايا الذين تعرضوا لتعديات سلطة وضمير وتعديات جنسية، وقال الأب الأقدس أن مصداقية الكنيسة قد أصبحت موضع نقاش بسبب هذه الخطايا والجرائم، ولكن بشكل خاص بسبب الرغبة في إخفائها. وأكد قداسته الوعي بأن هذه الخطايا والجرائم وتبعاتها على الأصعدة الكنسية والاجتماعية والثقافية قد تركت أثرا وجرحا عميقا في قلب المؤمنين، وهو أمر يُستغل في أحيان كثيرة للتشكيك في الحياة التي يهبها مسيحيون كثر. وتابع البابا أن كلمة الإنجيل حين تصبح شهادة غير مريحة يكون هناك مَن يريد إسكاتها بالإشارة إلى خطايا وتناقضات أعضاء الكنيسة ورعاتهم.

ثم ذكر قداسة البابا فرنسيس أن محاربة هذه التعديات وجرح المصداقية، وأيضا التخبط، تتطلب منا تصرفا جديدا وحاسما، وأكد قداسته أنه لا يمكن حل الأمر بمراسيم أو تشكيل لجان جديدة أو تحسين أجهزة العمل، أي بمجرد إجراءات تنظيمية. تحدث قداسته بالتالي عن الحاجة إلى ارتداد في الأذهان، في أسلوب صلاتنا والتعامل مع السلطة والمال. هناك حاجة في هذه المرحلة الجديدة، واصل قداسة البابا، الى رعاة لديهم قدرة كبيرة على التمييز. هذا وأراد البابا فرنسيس لفت الأنظار إلى تهديد اللحظات الصعبة أيضا لشركتنا الأخوية، إلا أن هذه اللحظات يمكنها أن تصبح لحظات نعمة تعزز تكريس أنفسنا للمسيح وتمنح تكريسنا هذا مصداقية. وهذه المصداقية هي ثمرة جسد واحد يعترف بخطاياه ومحدوديته، قادر على تأكيد الحاجة إلى ارتداد. وشدد قداسته هنا على ضرورة الابتعاد في علاقاتنا عن التكذيب والاستهانة، وذكّر في هذا السياق بما كتب في الإرشاد الرسولي “افرحوا وابتهجوا: “إن غياب اعترافنا الصادق، والبائس والمُصلّي، بمحدوديّتنا، هو الذي يمنع النعمة من العمل فينا بشكل أفضل، إذ إنّه لا يترك لها فسحة لكي تولِّد ذاك الخير الممكن الذي يندمج في مسيرة نمو صادقة وحقيقيّة” (50).

تحدث البابا أيضا عن الحاجة إلى أبوة روحية جماعية تحاول أن تتعلم الإصغاء إلى صوت الرب. وواصل قداسته الحديث عن المصداقية فقال إنها تولد من الثقة، والثقة تولد من الخدمة الصادقة واليومية، المتواضعة والمجانية إزاء الجميع. وتابع متحدثا عن الدعوة إلى القداسة والتي تحمينا من السقوط في معارضة زائفة ومن الصمت أمام بيئة تميل إلى الكراهية والتهميش والعنف بين الأخوة. ثم ذكّر قاسة البابا فرنسيس في رسالته بأن الرب كان يعلم أن التوجه الأكبر للتلاميذ في لحظة الصليب سيكون لغياب الوحدة والانقسام وأيضا التحرر من هذه اللحظة، ولهذا طلب يسوع من الآب أن يحفظهم ليكونوا واحدا ولا يهلك منهم أحد.

وفي ختام رسالته إلى أساقفة الولايات المتحدة لمناسبة الرياضة الروحية التي بدأت في 2 كانون الثاني أكد البابا فرنسيس أننا لسنا بمفردنا على هذه الدرب، فقد رافقت مريم ودعمت منذ البداية جماعة التلاميذ وحمتهم من اليتم الروحي الذي يقود إلى المرجعية الذاتية. وتضرع الباب إلى مريم العذراء كي تحافظ علينا متحدين ومثابرين.

 

نقلا عن الفاتيكان نيوز