stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البابا فرنسيس يلتقي أساقفة أمريكا الوسطى

663views

25 يناير 2019

 

“إنَّ فرح الأب – الراعي هو أن يرى أن أبناءه قد نموا وأصبحوا أخصابًا” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته لأساقفة أمريكا الوسطى.

في إطار زيارته الرسولية إلى باناما التقى قداسة البابا فرنسيس عند الساعة الحادية عشرة من صباح الخميس بالتوقيت المحلّي أساقفة أمريكا الوسطى في كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي وللمناسبة ألقى الاب الأقدس كلمة قال فيها يذكّرنا هذا اللقاء بحدث كنسي ذات أهميّة كبيرة. لقد كان رعاة هذه المنطقة أول من أنشأ في أمريكا هيئة للشركة وللمشاركة أعطت ثمارًا وافرة، وأعني بذلك أمانة السر الأسقفيّة لأمريكا الوسطى (SEDAC). خلال هذه السنوات الخمسة والسبعين على تأسيسها سعت الـ (SEDAC) إلى مقاسمة أفراح وأحزان وكفاح ورجاء شعوب أمريكا الوسطى التي حُبك تاريخها وصُهر مع تاريخ أناسكم. العديد من الرجال والنساء والكهنة والمكرّسين والعلمانيين قدّموا حياتهم وصولاً إلى سفك دمائهم للحفاظ على صوت الكنيسة النبوي حيًّا إزاء الظلم واستنزاف العديد من الأشخاص وسوء استعمال السلطة. ومن بين الثمار النبويّة للكنيسة في أمريكا الوسطى يسعدني أن أسلّط الضوء على صورة القديس أوسكار روميرو، الذي كان لي الشرف بإعلان قداسته في إطار سينودس الأساقفة حول الشباب. إن حياته وتعليمه هما مصدر وحي دائم لكنائسنا ولاسيما لنا نحن الأساقفة.

تابع البابا فرنسيس يقول إن الشعار الذي اختاره لسيامته الأسقفية والذي يعلو قبره أيضًا يعبّر بوضوح عن مبدئه وعما كانت حياته كراعي: “الشعور مع الكنيسة”. بوصلة طبعت حياته في الأمانة وإنما أيضًا في الأوقات الأكثر اضطرابًا. إنه إرث يمكنه أن يصبح شهادة فعّالة ومحيية لنا، نحن المدعوون للتكرّس حتى الاستشهاد في الخدمة اليوميّة لأناسنا. “الشعور مع الكنيسة” تأمُّل أريد أن أتقاسمه معكم من خلال صورة روميرو. لقد تمكّن روميرو من أن يناغم ويتعلّم أن يعيش الكنيسة لأنّه كان يحب بعمق من ولده في الإيمان، وبدون هذا الحب لا يمكننا أن نفهم حياته وارتداده لأن هذا الحب عينه هو الذي سيحمله إلى بذل ذاته في الاستشهاد. لقد شعر روميرو مع الكنيسة لأنّه أحبّ الكنيسة كأم ولدته في الإيمان وشعر بأنّه عضو وفرد منها.

أضاف الأب الأقدس يقول هذا الحب القائم على الاتباع والامتنان حمله ليعانق بشغف وإنما بتفانٍ أيضًا الإسهام والتجديد التعليمي الذي قدّمه المجمع الفاتيكاني الثاني، فكان يجد فيهما اليد الأمينة لاتباع المسيح. وإذ يستنير من هذا الأفق الكنسي كان الشعور مع الكنيسة يعني لروميرو أن يتأمّل فيها كشعب الله. فيظهر لنا هكذا أن الراعي ولكي يبحث عن الرب ويلتقيه عليه أن يتعلّم ويصغي إلى نبض قلب شعبه، وأن يستنشق “رائحة” رجال ونساء اليوم إلى أن تُطبع فيه أفراحهم وآمالهم، أحزانهم وآلامهم. إنَّ الشعور مع الكنيسة بالنسبة له هو المشاركة في مجد الكنيسة الذي يقوم على أن يحمل المرء في ذاته تجرّد المسيح وإخلاء ذاته. هذا ليس مجد الكنيسة وحسب وإنما أيضًا دعوة لكي يكون مجدنا الشخصي ودرب قداسة. إنَّ تجرّد المسيح وإخلاء ذاته ليسا أمرًا من الماضي وإنما ضمانة آنية لكي نشعر بحضوره العامل في التاريخ ونكتشفه. كذلك يذكرنا تجرّد المسيح وإخلاء ذاته أن الله يخلّص في التاريخ وفي حياة كلِّ إنسان، وأنَّ هذا تاريخه أيضًا ويأتي فيه للقائنا.

تابع الأب الأقدس يقول لا يمكن للراعي أن يبقى بعيدًا عن ألم شعبه، لا بل يمكننا القول أنَّ قلب الراعي يقاس بقدرته على التأثُّر إزاء العديد من الأرواح الجريحة والمهددة، وذلك بأسلوب الرب أي أن نسمح لهذا الألم أن يؤثّر على أولوياتنا وأذواقنا ويطبعها. إنَّ تجرّد المسيح وإخلاء ذاته يتطلّبان تركًا للافتراضية لكي نصغي إلى الأشخاص الحقيقيين الذين يسائلوننا لكي نخلق روابط. وبالتالي يشكل هذا اليوم العالمي للشباب مناسبة فريدة لكي نذهب للقاء واقع شبابنا ونقترب منه، واقع مفعم بالرجاء والرغبات ولكنّه مطبوع أيضًا بالعديد من الجراح. معهم يمكننا أن نقرأ عصرنا بشكل متجدّد ونكتشف فيه علامات الأزمنة. معهم يمكننا أن نرى بشكل أفضل كيف نجعل الإنجيل في متناول الجميع وأكثر مصداقية في العالم الذي نعيش فيه. إن هذا الواقع يحثّنا على التزام أكبر لكي نساعدهم على النمو مقدِّمين لهم فسحات أكبر وأفضل تلدهم على حلم الله. لذلك أحثكم على تعزيز برامج ومراكز تربوية تعرف كيف ترافق شبابكم وتعضدهم وتجعلهم أصحاب مسؤولية.

أضاف الحبر الأعظم يقول إنَّ العديد من المهاجرين هم شباب يبحثون عن شيء أفضل لعائلاتهم ولا يخافون من المخاطرة وترك كلِّ شيء في سبيل الحصول على شروط تضمن لهم مستقبلاً أفضل. وبالتالي لا يكفي أن ندين هذا الأمر وإنما ينبغي علينا أن نعلن “البشرى السارة” بشكل ملموس. يمكن للـ “الاستقبال، والحماية والتعزيز وإدماج” الشعوب أن تكون أيضًا الأفعال الأربعة التي من خلالها تظهر الكنيسة أمومتها اليوم في حالة الهجرة هذه. إنَّ جميع الجهود التي يمكنكم تحقيقها من خلال بناء جسور بين الجماعات الكنسية والراعوية والأبرشية وكذلك من خلال مجالس الأساقفة ستكون تصرّفًا نبويًّا للكنيسة في المسيح “العلامة والأداة للاتّحاد الحميم بالله ووحدة الجنس البشريّ برمتّه”. جميع هذا الأوضاع تطرح أسئلة وهي حالات تدعونا إلى الارتداد والتضامن وإلى عمل تربوي حازم في جماعاتنا.

تابع الأب الأقدس يقول إن نتيجة العمل الراعوي وعمل البشارة في الكنيسة والرسالة لا تقوم على غنى الأدوات والموارد المادية أو على كميات الأحداث والنشاطات التي نقوم بها وإنما على محوريّة الشفقة: إحدى الميزات الكبيرة التي يمكننا ككنيسة أن نقدّمها لإخوتنا. إن كنيسة المسيح هي كنيسة الشفقة وهذا الأمر يبدأ في البيت. وبالتالي من الجيد على الدوام أن نسأل أنفسنا كرعاة: كم تهمّني حياة كهنتي؟ هل أنا قادر على أن أكون أبًا لهم أم أنني أكتفي بأن أكون مجرّد وصيّ؟ من الأهمية بمكان أن يجد فيكم الكاهن الأب والراعي الذي يجد فيه انعكاسًا لشخصه وليس مجرّد مسؤول “يتفقّد الفرق”. وبالتالي من الجوهري ان يرى الكهنة في الأسقف رجلاً قادرًا على بذل ذاته والالتزام من أجلهم، ويساعدهم على المضي قدمًا ويمدُّ لهم يده عندما يتعثّرون. إنَّ فرح الأب – الراعي هو أن يرى أن أبناءه قد نموا وأصبحوا أخصابًا. لتكن هذه إذًا سلطتنا وعلامة خصوبتنا.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول إنَّ الشعور مع الكنيسة هو الشعور مع الشعب الأمين، شعب الله الذي يتألّم ويرجو. هو أن نعرف أن هويتنا الكهنوتية تولد ويمكن فهمها في ضوء هذا الانتماء الفريد الذي يكوّننا. وبهذا المعنى أرغب في أن أتذكّر معكم ما كتبه القديس اغناطيوس لنا نحن اليسوعيين: “الفقر هو أم وحصن” يلد ويعضد. الفقر هو أم وحصن لأنه يحرس قلبنا لكي لا يسقط في مساومات تضعف الحريّة التي يدعونا الرب إليها. لنضع أنفسنا تحت حماية العذراء ولنصلِّ معًا لكي تحفظ قلوبنا كرعاة وتساعدنا لنخدم بشكل أفضل جسد ابنها، شعب الله المقدّس والأمين الذي يسير ويحيا ويصلّي هنا في أمريكا الوسطى.

 

نقلا عن الفاتيكان نيوز