stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

البابا والكنيسة في العالم

البطريرك برتلماوس الأول: هدية البابا فرنسيس علامة محبة أخوية حقيقية تجمع اليوم الكاثوليك والأرثوذكس

669views

14 سبتمبر 2019

ذخائر القديس بطرس التي أهداها البابا فرنسيس للبطريركية المسكونية كانت محور مقابلة أجراها مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية السيد أندريا تورنييلي مع البطريرك المسكوني برتلماوس الأول، والذي تحدث عن علاقة الكنيستين ومسيرة الشركة وأهمية هذه الهدية، إلى جانب مواضيع أخرى.

عقب الرسالة التي وجهها قداسة البابا فرنسيس إلى بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول متوقفا فيها عند ذخائر القديس بطرس التي أهداها الأب الأقدس للبطريرك والبطريركية، أجرى مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقابلة مع البطريرك المسكوني. وكان السؤال الأول حول رد الفعل الأول للبطريرك لدى تلقيه هدية الأب الأقدس، أي الصندوق الذي يحتوي 9 أجزاء من ذخائر القديس بطرس، وتحديدا عظام الرسول، وأجاب البطريرك المسكوني معترفا بشعور أولي بالمفاجأة أمام إهداء قداسة أخينا البابا فرنسيس هذا الكنز حسب ما ذكر. وتابع أن هذه كانت مفاجأة للجميع بما في ذلك لوفد البطريركية الذي كان في روما. وأضاف أن مثل هذه الأحداث عادةً ما تكون موضوع نقاشات، إلا أن الأمر اختلف هذه المرة. ثم أعرب عن تثمينه الصادق لهذه الهدية والتي تعكس تلقائية هي علامة لمحبة أخوية حقيقية تجمع اليوم الكاثوليك والأرثوذكس.

 

وحول معنى ما قام به البابا فرنسيس تحدث البطريرك برتلماوس الأول عن ثلاثة معانٍ عميقة، الأول هو كون وصول ذخائر القديس بطرس الرسول مقر بطريركية القسطنطينية المسكونية بركة في حد ذاته، فالقديس بطرس شخصية مركزية في القداسة، فهو رسول وقريب من المسيحيين جميعا، هو رسول الإعلان ولكن في الوقت ذاته الإنكار. وتابع البطريرك المسكوني أن القديس بطرس هو شاهد القيامة، علامة الرجاء لجميع المسيحيين. المعنى الثاني الذي يجب التذكير به حسب ما تابع برتلماوس الأول هو رباط الأخوّة الذي يجمع بين القديس بطرس والقديس أندراوس شفيع البطريركية المسكونية. وأضاف أنه وكما هما أخوان في الجسد فإن كنيستينا، كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية، شقيقتان. أما المعنى الثالث لإهداء البابا فرنسيس البطريرك والبطريركية ذخائر القديس بطرس فهو مسكوني بشكل أكبر، حيث يرتبط بالتطلع إلى الوحدة والشركة. ووصف البطريرك المسكوني في هذا السياق هدية البابا فرنسيس بعلامة بارزة جديدة على درب التقارب، وخطوة فاصلة في حوار المحبة الذي بدأ منذ أكثر من 50 سنة من قِبل سلفَينا حسب ما تابع البطريرك برتلماوس الأول. وأضاف أن هذا الحوار هو اليوم ببركة القديس بطرس الرسول. وأراد هنا التذكير بشكل خاص بكلماتٍ للقديس بطرس لما لها من بعدٍ خاص في الإطار الحالي، ألا وهي “فلْيُحِبَّ بَعضُكم بَعضاً حُبًّا ثابِتًا بِقَلبٍ طاهِر. فإِنَّكم ولِدتُم وِلادةً ثانِيَة، لا مِن زَرْعٍ فاسِد، بل مِن زَرْعٍ غَيرِ فاسِد، مِن كَلِمَةِ اللهِ الحَيَّةِ الباقِيَة” (راجع 1 بط 1، 22-23).

 

تحدث السيد تورنييلي بعد ذلك عن تذكير البابا فرنسيس في رسالته إلى البطريرك برتلماوس الأول بإهداء البطريرك أثيناغوراس البابا بولس السادس خلال لقائهما أكثر من 50 سنة مضت أيقونة تصور العناق بين الأخوَين بطرس وأندراوس، والتي وصفها الأب الأقدس في رسالته بعلامة نبوية للشركة المرئية بين كنيستينا. وسأل مدير التحرير التالي إلى أين وصلت هذه المسيرة. وفي إجابته قال البطريرك المسكوني إنه قد تم قطع مسافة كبيرة على الدرب خلال ما يزيد عن 50 سنة، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل اللازم لاستعادة رباط الشركة الذي يواصل عدمُ بلوغه إيلامَنا، إلى جانب عدم بلوغ الأخوّة التامة التي نتطلع إليها. ووصف بطريرك القسطنطينية انقسام المسيحية بعار بالنسبة للكنيسة لأنه ما من شهادة حقيقية للإنجيل إن لم تكن في وحدة أعضاء جسد المسيح. وعاد في هذا السياق إلى قوة لفتة البابا فرنسيس إهداء ذخائر القديس بطرس لكنيسة القسطنطينية، فوصفها بخطوة تثْبت التزام كنيسة روما من أجل وحدة المسيحيين. ثم واصل متحدثا عن طريقين ضروريين في مسيرة الوحدة، عُرِّف الأول بحوار المحبة والمكوَّن من كل تلك اللفتات التي جمعت بيننا عقب ذلك العناق بين البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس عام 1964. أما الطريق الثاني فهو ما سُمي بحوار الحقيقة والمؤلَّف من هيئات الحوار اللاهوتي التي تسمح لنا بأخذ بعين الاعتبار التقاليد المشتركة التي يجب على أساسها بناء مستقبلنا، مستقبل الشركة، وذلك من خلال الدراسة بأمانة واحترام المواضيع غير المتفَق عليها حتى الآن. ثم أراد البطريرك المسكوني إضافة طريق ثالث، ألا وهو الطريق النبوي، وهو ما رأيناه في هذه الهدية غير المتوقَّعة حسب ما ذكر.

 

أجاب البطريرك برتلماوس الأول بعد ذلك على سؤال حول كيفية إعلان الإنجيل اليوم، فأشار إلى القناعة بأن الخبرة الليتورجية التي تقوم عليها روحانيتنا كمسيحيين يجب ألا تفصلنا عن التزامنا في العالم وإزاء العالم. وذكّر بأننا نختتم الاحتفال الإفخارستي قائلين “اذهبوا في سلام”، وأضاف أن هذه ليست فقط دعوة إلى الحفاظ على السلام الذي مُنحنا إياه، بل وإلى تقاسمه مع بقية العالم. وواصل: عندما نتبع بولس الرسول معتبرين الكنيسة جسد المسيح، علينا تذكُّر أنه ما من طريقة لإتمام الرسالة إلا بنشر بشرى المسيح القائم. وتابع البطريرك المسكوني أننا نتبع هكذا مثَل المسيح نفسه الذي بذل ذاته بالكامل من أجل حياة العالم. وأكد بطريرك القسطنطينية أن خدمتنا ستكون أفضل عندما يستعيد المسيحيون الوحدة الكاملة في شركة الكنائس.

 

هذا وتطرقت المقابلة بعد ذلك، وفي إشارة إلى قرب انعقاد سينودس الأساقفة من أجل الأمازون، إلى اهتمام البطريرك برتلماوس الأول بحماية الخليقة، وسأل السيد تورنييلي كيف يمكن إثارة الاهتمام بهذا الموضوع وما يمكن للمسيحيين أن يفعلوا معا لمساعدة هذه المسيرة بشكل ملموس. وقال البطريرك المسكوني إن حماية البيئة الطبيعية التزامٌ له أولوية بالنسبة للبطريركية المسكونية منذ أكثر من 30 سنة، وهذا أمر له أسباب إيكولوجية ولاهوتية أيضا، فالخليقة عطية من الله للبشرية بأسرها، وفي الخليقة تتحقق نعمة الله الخلاصية من أجل خلاص العالم. وواصل متحدثا عن الإيمان الراسخ بأن تدمير الطبيعة موضوع روحي، إنه خطيئة، ولهذا يجب أن يكون الرد على ذلك روحيا بدوره. ثم أشار البطريرك إلى الصلاة من أجل الخليقة خلال صلاة الساعات وأيضا في الأول من أيلول سبتمبر من كل عام، وتابع أن الصلاة أمر أساسي إلا أنها الخطوة الأولى. شدد بالتالي على ضرورة أن يعمل المسيحيون على تطوير إيكولوجيا روحية تقوم على الارتداد، وتابع موضحا أهمية الارتداد، لأنه بارتداد القلوب نبلغ الوعي بمسؤليتنا. كما وأضاف أن لدينا في التقاليد المسيحية الوسائل التي تمَكننا من التفكير في والتأثير على أساليب حياتنا.

 

وفي ختام المقابلة التي أجراها السيد أندريا تورنييلي مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية مع بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول دار الحديث حول الحرائق التي ضربت منطقة الأمازون، حيث أكد البطريرك الصلاة من أجل هذه المنطقة والتي يتجاوز تدميرُها كونَه مجرد كارثة، حيث يمكن أن تكون لهذه الحرائق الضخمة تبعات لأجيال، وذلك على الأراضي والبنى التحتية والكائنات البشرية. وشدد في هذا السياق على ما وصفها بالحاجة العاجلة إلى تغيير تصرفاتنا وأساليب حياتنا لأن هذه الظواهر القصوى تجبرنا على إدراك ضعف الطبيعة، ومحدودية الموارد في كوكبنا، وأيضا قدسية الخليقة.

 

نقلا عن الفاتيكان نيوز