
التجلي
وقع على بطرس ويوحنا ويعقوب إختيار يسوع ليكتشفوا ولو للحظات شعاعًا من مجد يسوع المتجسد، كان المكان فوق الجبل وكان المطلوب هو أن يُطلع يسوع هؤلاء الثلاثة وهم أكثر الرسل حركة وفاعلية في نصوص الإنجيل المقدس على الدور الذي أنيط بيسوع أن يقوم به في صحبة هؤلاء التلاميذ الأكثر غيرة وحبًا له.
ظهر شخصان بضع لحظات إلى جانب يسوع، وفي معية الرسل الثلاثة هما موسى، ممثل الناموس والشريعة ، وإيليا ممثل الأنبياء في العهد القديم كان ظهورهما ذا دلالة واضحة خاصة وأنهما إختفيا سريعًا ليصبح يسوع وحده مع التلاميذ.
وكما في معمودية يسوع على يد يوحنا سُمع صوت الآب بعد إختفاء موسى وإيليا يقول: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا».” (لو 9: 35) ، إذن دعوة الآب للإستماع والإصغاء ليسوع واضحة. فهي موجهة للتلاميذ الثلاثة، وظهور موسى وإيليا وإحتفاؤهم علامة. فبعد أن كلم الله آبائنا من خلال الأنبياء الآن يعلنها واضحة “هذا هو الذي له الكلمة الأخيرة” “الابن الحبيب”
لقد إنفعل بطرس كعادته وتخيل أن الجلسة ستطول فهم يبحث عن خيام للإسترخاء في هذا المشهد إلا أن صوت الآب عاجله: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا».” (لو 9: 35)
أما التغيير الذي حدث في هيئة المسيح حتى أصبح لباسه ناصع البياض، فهو علامة الإنتصار الذي يترقبها الإبن قبل الخضوع للموت على الصليب.
بعد هذا التجلي الذي ظهر فيه يسوع في ثوب المجد والطهارة، أخبر يسوع التلاميذ الثلاثة أن ما رأوه هو سر لا يجب البوح به إلا بعد آلامه وموته.
لقد كان هذا التجلي خبرة روحية عميقة وغامضة في الوقت نفسه، عميقة من حيث أن يسوع خصّ التلاميذ الثلاثة بهذه الرؤية وحدهم ليروه في مجده، وغامضة لأن التلاميذ ظلوا غير مدركين علاقة هذه الرؤية بما سيتحمله يسوع من آلام وموت بعدها، وربما قصد المسيح بها أن يتذكر التلاميذ العلاقة الحميمة التي تربطهم بالإبن وأيضًا العلاقة الحميمة التي تربطهم بالآب والإبن.
وحينما نتأمل هذا المشهد ونتخيل دور كل واحد فيه سنتذكر بعض الخبرات التي حصلنا عليها في مسيرتنا مع الله، وقد نتذكر للحظات سريعة جدًا موقفًا فيه ظهر لنا الله بكل قوة وشعرنا بحضوره فينا ومن حولنا. ولأن هذه الخبرة غالبًا ما تكون قصيرة جدًا، فإننا نلهث دائمًا لنضع يدنا عليها لأنها تغمرنا بالطاقة والفرح والسلام في كل مرة تخيلنا هذا الحدث. إنها لحظة الصفاء والإرتماء في أحضان الله دون حسابات أو توقعات،
ليشرق النور في قلبنا وتغمرنا روح التسبيح والشكر.. لقد حظينا بزيارة سريعة من الله.. أشرق علينا يارب بنورك وبدد ظلمات قلوبنا.