الحب والعاطفة- إعداد /الإكليريكي مايكل عادل أمين
الحب والعاطفة- إعداد /الإكليريكي مايكل عادل أمين
يريد كثير من الشباب أن يعرف معلومات عن الجنس الآخر، فيلجؤا إلى أحاديث أصدقاء السوء وإلى الكتب الرخيصة التي تُباع في الشوارع. وهنا يأتي قولي لكل شاب وشابة إذا أردت أن تعرف معلومات عن هذا الموضوع عليك أن تعرفه من مصدر موثوق فيه. إما من الوالدين أو من الخُدام المتخصصين أو من خلال ندوات أو لقاءت في الكنيسة أو الجامعات بين الشباب. ونحاول في هذا المقال أن نعرف الأشياء عن الحب والعاطفة لأنه من المواضيع الهامة والحيوية في نفس الوقت. وإذا كنا نريد أن نعرف المزيد عن هذا الموضوع فلينا الاستقاء من نبع موثوق فيه وهذا النبع هو الكنيسة التي تعطينا ما نريد في إطار ناضج ومفيد. فهيا نذهب لنعرف عن هذا الموضوع ليس كما يفعل بعض الشباب فيسألونا أصدقاء غير جادرين بالثقة ولا يوجد لديهم الخبرة والوعي الكافيين ليعطوا النصيحة. فتعالوا نطرح بعض الأسئلة التي تجول بخاطر الكثير من الشباب ونعرف الرد عليها. الكثير يتسألون:
ما هو الحبّ؟ وما هي العاطفة؟ وهل هناك حب من أول نظرة؟ وما هو الإعجاب؟
وهذه الأسئلة سنتناولها في الجزء الأول من المقال . أما الجزء الثاني فنطرح سؤالينا: كيف أسير في الطريق الصحيح لكي أحافظ على الآخرين وأحافظ على الحبّ والعاطفة بدون إهدارها قبل الأوان؟! وكيف أضبط القوة الجنسية ولا أكبتُها؟
1-الحبّ:
هو أكثر من مجرد شعور، هو التزام من أجل خير الآخرين وخير أنفسنا الأسمى، وإسعاد الآخرين. وهو عطاء وقبول تجاه آخر ، أي أزيح عن المركز الأنا وأضع الأنت أو الآخر. ويوجد ثلاثة أنواع من الحب أصلهم يوناني:
أ- أرخوس: ويعني حب الطفولة الذي يقترن بالأنانية والشهوة.
ب- فيلو: وهو حب التعلق ، والتبادل، أي أحبك لأجل شيء أو غرض معين، إذا أخذت هذا الشيء أتركك. وما نطلق عليه بالعامية حب المصلحة. وهذا النوع منتشر جدًا اليوم.
ج- أغابي: وهو الحب المقترن بالتضحية والحب بدون انتظار مقابل. وأوضح مثال على هذا الحب السيد المسيح الذي أحب وأعطى حياته انطلاقا من هذا الحب بدون انتظار.
وعلينا التوقف قليلا ومعرفة أي حب أنا أعيش : هل الحب الشهواني أم الحب المبني على المصالح أم الحب المقترن بالتضحية؟
2-العاطفة:
هي جهاز حساس داخل النفس الإنسانية مسئول عن المشاعر( كالحبّ- والكره) والانفعالات( كالفرح- والحزن) والرغبات( كالقناعة- والطمع). وإن هذه العاطفة هي طاقة يستنزفها البعض بدون الاستفادة منها. وكثير من الشباب يهدر هذه الطاقة في علاقات مزيفة وغير حقيقية، وعندما يأتي الوقت مع شريك الحياة يجد أن هذه الطاقة استنفذت . وحينئذ يدرك أنه أهدر شيئًا قيمًا في أوقات غير أوقاتها المخصص له.
3-الإعجاب:
هو انجذاب إلى شخص من الجنس الآخر، أو الإعجاب بأسلوبه في التفكير والحديث ومعالجة الأمور، أو قد يعجب برد فعله في موقف ما. وهناك نوعان من الإعجاب الإيجابي والسلبي. السلبي: هو التعلق الزائف من طرف واحد وإضاعة الوقت المهم من الحياة. وحتى إن كان هناك تبادل في العلاقة، فهذه الفترة من العمر أغنى أوقات العمر التي تساعدنا على النضج العقلي والعاطفي والاجتماعي، وهذا التعلق الزائف يصبح عائقًا للنمو النفسي ، فبدلاً من الانفتاح على الكل أخصص شخصًا واحدًا ولا أتيح الفرصة للتعامل مع أكثر من شخصية وفكر وأستفيد من الاختلاف.
*الإعجاب الإيجابي:
يمكنني أن أعجب بأي شخص من خلال حياتنا اليومية، ولكن علينا أن نضع في عين الاعتبار ثلاثة أشياء:
أ- ليس معنى الإعجاب بشخص من الجنس الآخر أن أحاول أن تكون لي علاقة خاصة معه.
ب- ليس معنى إعجابي بشخص أن يُعجب هو بي بالضرورة، وإلا أعتبر هذا تفكيرًا أنانيا. أتَوهم أني نلت إعجابه حتى أبرر لنفسي الخطوة التالية.
ج- لا مانع من أن أعجب بالآخرين، ولكن المهم هو رد فعلي للإعجاب. وهناك نوعان من ردود الأفعال.
الرد الإيجابي :
عن الإعجاب بشخص لديه صفات ليست لدي أنا مثل: الصبر- وطول البال- اللباقة- فن الحديث…وغيره، ويمكنني أن أكتسب بعض هذه الصفات من الشخص الآخر.
الرد السلبي:
هو محاولة امتلاك هذا الشخص من خلال علاقة خاصة معه.
إذًا الإعجاب ليس خطأ، ولكن يكمن الخطأ في انحرافه عن الآخر إلى الذات( أي عندما أحاول امتلاك الآخر). وهناك الكثير اليوم منا كشباب ينحرف في الإعجاب، وينظر إلى الجنس الآخر بعيون شهوانية، وعلينا معرفة أن أبناء الله لابد أن تكون لهم نظرة مختلفة عن ما يحدث حولنا. فعلينا أن ننظر للجنس الآخر كما يليق بشخص له قيمته الثمينة, وكما يليق بنا كبشر. علينا أن نحترم الجنس الآخر كإنسان له قيمة الراقية وله أهميته ذلك، لأن القيمة الحقيقية للشخص هي في كيانه الداخلي. وليس قيمة الشخص في ملابسه أو وظيفته أو مركزه الاجتماعي. فهذه كلها قشور خارجية وعلينا معرفة أن جوهر الإنسان الأصيل في الداخل. وأركز على أن نحترم الآخر لذاته ولجوهره، ولا نستخدم الآخر كوسيلة، وننظر له نظرة شخصية إنسانية وليس نظرة متعة ولهو. أي لا أنظر إلى الآخر كمجرد جسد لا كشخص.
4- الحب من أول نظرة:
إن بعض الشباب من سن 13- 19 يشعرونا بمشاعر لم يعرفوها من قبل حتى يصلوا للنضج. ويقول المتخصصون أن الحب من النظرة الأولى (إذا صح أن نطلق عليه حبا) مثل الإعصار يهب في قوة ويخمد بسرعة, أما الحب الناضج هو ينمو بالتدريج في السن المخصص لذلك . ونضيف أن العين ليست هي فقط المسئولة عن اتخاذ القرار في الحب ، وإنما العقل والقلب هما المسؤلان. وعلينا أن نذكر أن هناك من يستخدم بعض الألاعيب لإيقاع بالآخر، سواء بإقناعه أنه مرتبط بآخر أو بالتظاهر أنه ذو شخصية مختلفة لشغل بال الطرف الآخر، وهذا إن دل فيدل على عدم نضج.
بعد أن ذكرنا كل هذه التعريفات نأتي إلى الجزء الثاني من موضوعنا وهو كيف أسير في الطريق الصحيح لكي أنضج في الحبّ والعاطفة ؟! وكيف أوجه وأوظف القوة الجنسية ولا أكبتُها؟
أحب أن أذكر أن الله خلق الإنسان جنسين:
الذكر والأنثى وأوكل إليهما على عملية التكاثر وتعمير الأرض وترابط الناس ووحدتهم. والجنس في حد ذاته ليس شرًا ولا شيئًا دنسًا نحتقره، فهو جزء من كيان الإنسان ينمو ويتطور معه. وهو من عمل الله، والله لم يخلق شيئًا محتقرًا. بل قدس ممارسة الجنس في الزواج وحده وفي الوقت والسن المناسب. فالحياة الزوجية قدسها الله ولذلك نسميها بالرباط المقدس. وأيضًا علينا أن نعي بأنه داخل كل شخص منا ميل طبيعي قد خلقه الله للجنس الآخر. وهذا الميل الطبيعي لابد أن يكون في إطار روحي نقي لكي نستفاد من التعامل من بعضنا نفسيًا وعاطفيًا.
وأخيرًا أذكر هدف الموضوع وهو كيف أضبط الرغبات الجنسية ولا أكبتها؟
يمكننا أن نضبط الرغبات الجنسية ونرتقي بها مستفيدًا من طاقة الحب الكامنة فيها مُختبرين الحب العام (أي الحب بوجه عام بدون التحديد والتخصيص)، الحب العام يمتلك القدرة على إشباع الفرد عاطفيًا دون أن يحتاج إلى الجانب الحسي من الجنس (هذا ما يقوم به المتبتلون والمكرسون). وهذا التأجيل والضبط يساعد على وجود العفة اللازمة في الزواج المسيحي،وهذا هو الضبط وليس كبتا أي الاعتراف بالطاقة الجنسية دون أن نُسيء إليها أو نحتقرها. ولقد قال السيد المسيح هذه الآية ليُساعدنا على النمو في الحب العام “أحبوا بعضكم بعضا، وإذا أحبّ بعضكم بعضا عرف الناس جميعا أنكم تلاميذي” (يوحنا 13- 35).ومن خلال الحب العام تأتي العناية والانتباه بالآخر الذي يكاد أن يغيب عن مجتمعنا اليوم ، والتحمل واللطف. فها قد أعطانا السيد المسيح درسًا جديدًا في العاطفية التي تُساعدنا أن نكون متزنين نفسيًا وروحيًا. وأعتقد أن السيد المسيح كان مثلا أعلى الاتزان في العاطفي وفي التعامل مع الجنس الآخر أيضا. فكان يُعطى المرأة الكرامة لأنه رأى القيمة في الإنسان سواء رجلا أو امرأة. فنتعلم قيمة جديدة وهي ضبط الطاقة العظيمة الجنسية ولا نكبتها، وهذا ليس مستحيلا لأن الرب يسوع عاش هذا الضبط، ومن بعده المكرسون والشباب الواعون بقيمة الجسد .
يا الله، أشكرك على عطاياك الجميلة والعظيمة أعطيتنا أن نُشاركك الخلق نحن البشر .نشكرك على ابنك يسوع المسيح الذي علمنا أن نسمى بإنسانيتنا إلى أبعد الحدود عندما أعطانا الحب العام وتوزيع طاقة الحب على كل المحيطين. يا رب، أعطنا أن ندخل في بوتقة الحب المقترن بالعطاء ونكون أنوارًا تُضيء في هذا العالم المحتاج إلى أنوار يسير في دربها .
مراجع المقال:
1- الكتاب المقدس.
2- دع الله يكمل شخصيتك
3- فرح الإيمان بهجة الحياة
4- مجلة هو وهي لعام 1992 .
5- عادل حليم، كُتيبات سلسة الحياة العاطفية من 3_ 12.