stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

أخبار الكنيسة

” الراهبة الأخت “ماريا فيليشيا

2.3kviews

” الراهبة الأخت “ماريا فيليشيا

” إني سعيدة، إني سعيدة، سعيدة للغاية”

هذه الكلمات ليست كلماتي، بل هي كلمات راهبة كرملية، من باراجوي، تم إعلان تطويبها المبارك يوم السبت 23 يونيو 2018، إنها الراهبة الأخت “ماريا فيليشيا ليسوع القربان”، والمعروفة باسم عائلتها ” تشيكويتونجا”، بسبب قصر قامتها.

من هي تلك الفتاة المولودة في 12 يناير 1925، والتي انتقلت إلى حض الآب في 28 أبريل 1959، بسبب إصابتها بالالتهاب الكبدي الوبائي، بعد أربع سنوات فقط من دخولها الرهبنة الكرملية؟

تسعد الكنيسة، الرهبنة الكرملية، والعالم أجمع عندما يتعرّف على نماذج تمنحنا الرجاء لنحيا ونكافح من أجل عالم أفضل.

ما هي الخطوات التي تتبعها الكنيسة الكاثوليكية من أجل إعلان قداسة شخص ما؟

من الضروري معرفة الخطوات التي تتخذها الكنيسة الكاثوليكية لإعلان شخص مسيحي: طوباوي أو قديس. يمكن إيجازها في خمس خطوات:

  1. أن يكون الشخص معروف بقداسته في جميع الأماكن التي عاش فيها، خاصة السنوات الأخيرة من حياته، ويبدأ شخص ما أو جماعة ما بمطالبة الأسقف، حيث توفي هذا الشخص، بفتح ملف إعلان قداسته. يطلب السقف بفتح بحث وتحقيق أوليّ خاص عن هذا الشخص، وبعد ذلك يطلب من الدوائر الخاصة بالفاتيكان بفحص الطلب، وأنه لا يوجد مانع في الأرشيف تعيق هذه المسيرة.

  2. يعين الأسقف محكمة لسماع الشهود، من خلال سلسلة من الأسئلة المعدّة، والتي تغطي حياة الشخص الإنسانية في مجملها: إيمانه، العمل الذي قام به، للتأكد من جدارته ليكون مثالاً يحتذي به المؤمنون. قد يستمر هذا البحث سنين طوال، بعد ذلك تجمع جميع المكاتبات بعد توثيقها، ويتم فحصها بدقة. بمجرد ما يتم إعلان فتح الملف علنيًا يطلق على المرشح لقب ” خادم الربّ“، وذلك لجعله معروفًا للجميع، والدعوة للصلاة له، في الوقت نفسه دون ذكره في الطقوس والعبادة العامة.

  3. بعد إتمام هذه المرحلة وتوثيقها، ترسل جميع الوثائق إلى الدوائر المختصة بالفاتيكان، أي ” مجمع إعلان القديسين”، حيث يتم دراستها من خلال مجموعة من اللاهوتيين المتخصصين للتأكد من عدم وجود عوائق، وبعد فحص جاد واجازته يطلق على ” خادم الربّ” لقب ” الجليل / جزيل الاحترام“.

  4. يبدأ الشعب، المتعبد، الصلاة والتشفع لهذا الشخص ” الجليل” من أجل إظهار معجزة تؤيد قداسته، وفي حالة حدوث المعجزة، يفتح من جديد ملف لجمع الأدلة وتوثيقها، وإذا تم التأكد من المعجزة من خلال الأطباء، والكنيسة، يعلن قداسة البابا هذا الشخص ” طوباوي”. يتم الاستغناء عن المعجزة في حالة الاستشهاد، في كونه ضحى بحياته من أجل المسيح أو تم قتله كراهية لإيمانه.

  5. يتطلب معجزة أخرى ليصبح ” الطوباوي“، ” قديسًا“. ما هي المعجزة؟ حدث جسدي محسوس، شفاء مباشر فوري، مثلاً السقوط من الطابق الثامن متشفعًا بالمرشح للقداسة ولم يحدث له أي ضرر، وما حدث لا يمكن تفسيره طبيًا، وطبيعيًا، نلاحظ أن فعل التوبة لا تعتبر معجزة…

  6. يتضح مما سبق، أن مسيرة إعلان القداسة مسيرة طويلة، تتطلب عملا جاداً وشاقًا لإثبات جدارة الشخص المرشح ليكون نموذجًا الاقتداء به من قبل المؤمنين.

  • سرد موجز لحياة طوباوية كرملية جديدة:

تدعى ” ماريا فيليشيا جواجاري”، وذاع صيتها بلقب ” تشيكويتونجا نظرا لقصر قامتها، وُلِدت في 12  يناير 1925،في مدينة فيلاريكا، باراجواي، الوالد غير متدين، جاهدت الأم في تربيتها وتثقيفها الإيمان المسيحي الكاثوليكي. التحقت بمدرسة الساليزيان حيث تلقت تعليمًا متميزاً، وأصبحت مُعلّمة فأعطت اهتمامًا خاصًا بالأشد فقراً، خاصة الأطفال والمرضى وكبار السن، فحظيت بتقدير وإعجاب واحترام الجميع. عندما بلغت من العمر 16 عامًا، انضمت إلى صفوف حركة العمل الكاثوليكي فكانت  أكثر الأعضاء حماسًا و نكرانًا للذات، وقامت بدور مؤثر للغاية في قيادة الشباب وتنشيطه، فقد كرست ذاتها لخدمة. تعرفت على أحد الشباب يدعى ” سوا”  وشكلت معه صداقة قوية، وكان طالبًا دارسًا للاهوت استعدادًا للكهنوت، إلا أنه ترك الكهنوت، حاليًا يعيش في مدينة روما يمارس مهنة” معالج نفسي”. انخرطت ماريا في العمل الرسولي مكرسًة ذاتها في هذا المجال، ومن أجل قداسة الكهنة.  

تطلّعت من خلال اندماجها في حركة العمل الكاثوليكي في أن تكون مُرسلة، إلا أن الربّ قادها في طريق أخر، ابتسامتها، استعدادها السخي جذب الجميع إليها، كانت محور دينامية العمل الرعوي، مع ذلك عَرِفت أن تختبئ في الأوقات المناسبة لتعطي مساحة لعمل الأخرين. لم تبحث في خدمتها عن الشكر والتقدير.

لم يبعدها لقائها مع صديقها ” سوا”، عن قصدها الأساسي أن تكون بكليتها لله، شعرت بعاطفة جيّاشة، وقدمت كل كيانها لتحقق إرادة الله في حياتها. عملا سويًا، دعمت قراره ليصبح كاهنًا.

نضجت دعوتها الكرملية تدريجيًا، وكان لقائها برئيسة كرمل  المسمى بدير” الارتقاء” حاسمًا، مكتشفة عمق دعوتها الرسولية- الإرسالية من خلال الحياة الكرملية الصامتة المفعمة بروح الصلاة والتضحية. قرأت بشغف” قصة نفس” للقديسة تريز يسوع الطفل وشعرت بانسجام وتناغم مع تعاليمها. ” كل محبتي تتمحور فقط في يسوع”.

بعد مسيرة تمييز، ومعاناة باطنية، ومعارضة العائلة والأصدقاء، قررت دخول الرهبنة الكرملية في 17 يناير عام 1955، حيث بلغت عامها الثلاثون. شعرت بصراع عميق هز كيانها بتركها العمل الرسولي والتي أحبته كثيراً، إلا أن صوت الربّ الذي يدعوها من خلال الصمت والصلاة، من أجل الكنيسة والكهنة كان هو الغالب والسائد في هذا الصراع.

” هنا استنفذ حياتي، حياتي كلها،

في هدوء، في صمت، في الوحدة،

مقدمة لك أفضل ما أملكه في الصلاة.

إذا كان من الضروري، في تلك اللحظة،

لا شيء لي، فأنت أعطيتني الحياة، وها أنا أقدمها لم من جديد”.

لا شك في أن الفترات الأولى، داخل الرهبنة الكرملية، يمكن أن نطلق عليها ” شهر العسل”، تليها فترات التجارب، الشكوك وعدم اليقين، الخوف، متسائلة هل أخترت الطريق المناسب والأكيد؟ ألم أخطئ؟

إنها ظلمة الإيمان العميق، والتي تجاوزتها بمساعدة المرشد الروحي، ومعونة الأم الرئيسة ” تريزا مارجريت”.

تمحور تكوينها الكرمل بالتعمق والدخول في سّر الصلاة، والحياة الأخوية، وحب الكنيسة والنفوس.  ساعدها العمل كمعلمة أن تكرس كل حبها لله، فقدمت حياتها من أجل تقديس الكهنة.

بدأت رحلة آلامها المبرحة ، وارتقائها الجلجثة، مع بداية عام 1959، عندما أصيبت بمرض الالتهاب الكبدي، الذي هاجمها بشراسة، اهتم برعايتها الصحية أخاها ” فريدي” وأخواتها. في 28 أبريل لفظت عبارتها الأخيرة الشهيرة:” أحبك يا يسوع. ما أعذب لقائك، يا مريم العذراء”. شارك الشعب في الصلاة عليها قائلين:” لقد ماتت القديسة”.

الرسالة:  قالت الطوباوية  تشيكويتونجا:” ما روعة أن تكون رسول”. ” ما أجمل أن أكون مسيحية كاثوليكية… أقدم لك كل شيء يا ربّ… هنا وفي الأبدية ستكون دعوتي تسبيح وتمجيد الربّ…”.

تحتوي هذه الكلمات على رسالة الطوباوية الكرملية الجديدة. فرسالة الكرمل في الكنيسة والعالم هو أن يكونوا رسلاً، مرسلين، من خلال الصلاة والتضحيات، محتوية بذلك البشرية المتألمة.  أن نحمل كل يوم آلام أخوتنا وأخواتنا المسحقين بسبب نقص العدالة والشرّ. ترغب الحياة الكرملية في أن تكون عضد هؤلاء الذين يعملون في الخطوط الأولى وهم: الكهنة، المرسلين، الوعّاظ، اللاهوتيين.

قديسي الكرمل، في جميع مجالات رسالة الكنيسة، يشعون بنور خاص يضيء ويشجع الجميع.

بشّرت الطوباوية تشيكويتونجا في مجالات عدّة حيث ؛ قبل دخولها الرهبنة الكرملية- المدرسة، مساعدة الأطفال، المرضى، الشباب، العمال، اللاجئين… وتكتشف من خلال ذلك عدم قدرتها في الانصهار في جميع المجالات، تختار الحياة التأملية وحياة الصلاة لتنصهر مع الجميع في الحب الأبدي لله ومريم العذراء.

عبّر قداسة البابا فرنسيس في الارشاد الرسولي ” افرحوا وابتهجوا”  قائلاً: القداسة هي الوجه الأجمل للكنيسة ( رقم 6). نحتفل هذا العام باليوم العالمي للشباب، والسنودس الخاص بالشباب، حيث تجذب صورة الطوباوية  تشيكويتونجا؛ الشباب وغير الشباب لحياة مفعمة بالحب والإيمان، والعمل والصلاة. فالصلاة والعمل لا ينفصلان. لا يمكننا أن نكون رسلاً دون صلاة، ولا يمكننا أن نكون مصلين دون التزام بالعمل.

” الحب هو هبة الذات، هبة دون حدود. بقدر ما يهب الإنسان ذاته، بقدر ما تشح احتياجاته ومتطلباته”.

احمي أيتها الطوباوية ”  تشيكويتونجا” الشباب، الكهنة، الحياة الرهبانية، كرمل مصر المحبوب.

  الأب/ باتريك تشاديني

المفوض الاقليمي  للرهبان الكرمل بمصر