stay connected

- Advertisement -
الكنيسة الكاثوليكية بمصر

construct design

Travel

روحية ورعويةموضوعات

الروح القدس في حياة الكنيسةالأب/ بولس جرس

2.7kviews

الروح القدس هو حياة الكنيسة :
” نؤمن بالروح القدس الرب المحي المنبثق
من الآب والابن المسجود له وممجد مع الآب والابن،
الناطق في الأنبياء والرسل”
الروح القدس في الكنيسة هو بمثابة الروح في الجسد الإنساني تماما
فجسد بلا روح هو مجرد جثمان بلا حياة يتمثل إكرامه في دفنه
وكنيسة بدون الروح القدس هي مجرد صورة باردة وهيكل فارغ
وكما خلق الله الإنسان من تراب ونفخ في انفه نسمة الحياة
هكذا خُلقت الكنيسة من بشر ينفخ فيهم الروح القدس من نسائمه الإلهية
فيحولهم إلى كائنات سماوية نورانية سرمدية
ويصنع منهم هياكل مقدسة مكرسين ومرسلين وقديسين وشهداء
هكذا كان عمل الروح منذ البدء: “في البدء كانت الأرض خربة خاوية وروح الله يرفّ…”
وسرعان ما تحول هذا الخراب الخاوي إلى خلائق تنبض وتشع وتتألق بالحياة
“ورأى الله ذلك حسنا جداً”
وهو نفس الروح الذي حل على الأنبياء فتكلموا بكلام الرب
واختطفهم ونقلهم من مكان لمكان وأراهم ما لا تستطيع عيون البشر أن ترى
هو نفسه الروح القدس الذي حل على مريم في لحظة التجسد المجيدة
فملأ احشاءها ب “الإبن الكلمة الأزلي ” وحقق التجسّد في الزمان والمكان
وصرنا له بنين احباء” بعد أن تحررنا من عبودية الخطيئة والموت”
هو نفس الروح الذي حل اليوم على التلاميذ حبيسي عُلّيّةٍ يتامى المعلم والمرشد
وجدهم خائفين مضطربين فأطلقهم أسودا شجعانا لا يهابون الموت ولا يستحسنون سوى طاعة الله
فرأيناهم يمجدون ويسبحون وينشدون ويعلنون المسيح الحي القائم بكل اللغات للعالم
“إن يسوع الناصري هذا الذي قتلتموه اقامه الرب سيدا وديّانا ونحن شهود على ذلك”
هو الذي أطلق شهادة الرسل من أورشليم إلى السامرة
فأرسل بطرس ويوحنا ليضعا الأيدي على السامريين لينالوا هم أيضا الروح ويتذوقوا عمله في حياتهم
وهو نفسه من قاد عملية البشارة بالإنجيل من اورشليم الى المسكونة كلها
وهو الذي أطلق المؤمنين المضطهدين إلى أنطاكية حيث نشروا الإيمان وسُمّوا لأول مرة ”مسيحيين”
وهو ذاته من حسم الجدل الرهيب الذي كاد يقتل الكنيسة في مهدها حول قبول غير اليهود
فأرسل الرسل المجتمعين في أورشليم رسالة إلى الكنائس التي راحت تتأسس وتنمو في العالم:
”رأى الروح القدس ونحن” وفتحت الكنيسة أبوابها للشعوب والأمم من كل الأجناس والأعراق
وهو الذي خطف فيلبس ووضعه في مسار الخصي الحبشي ليفسر له كلام إشعيا ويعمده
وهو الذي أعطى ثماره لكل من قبله فصار البعض رسلا والبعض معلمين والبعض رعاة وخدام
وصارت في الكنيسة مواهب: النبوءة والوعظ والشفاء واللغات
لدرجة جعلت سيمون الساحر يفكر ان يقتني هذه الموهبة الفائقة بالمال
فتوجه ليشتري من الرسل ” الروح القدس” فنال لعنة إذ لا يُشترى بمال روح الله القدوس…
ومازال الروح يعمل إلى اليوم في الكنيسة لم يتوقف لحظة ولا يعرف السكون
هو يعمل في الأسرار المقدسة:
فخبز وخمر بدون عمل الروح القدس لا يصيرا جسدا ودما
وماء المعمودية بدون الروح القدس يظل مجرد حموم علني
وزيت الميرون بدون عمل الروح القدس يظل نوعا من الطيب
والكهنوت بدون الروح القدس يصير إحتفال تنصيب برتبة زمنية
ولا غفران للخطايا بدونه:” إقبلوا الروح القدس من غفرتم…”
وسر الزواج لن يتعدى مجرد عقد وإتفاق دون تدخله
وما مسحة المرضى من دون تدخله الشافي سوى نوع من العزاء
هكذا تصبج الأسرار جميعا بدون حلول الروح القدس، طقوسا رمزية فارغة بلا فاعلية
وهكذا تصيرالكنيسة بدون حضور الروح القدس وعمله كيانا باهتا وجسدا ميتا
فكل مواهب الوعظ والتعليم وكل انواع الخدمة والنشاط
وكل مواهب الترنيم والتصوير والنحت والموسيقى
وكل مواهب الإرسال والرهبانيات واعمال الرحممة مجرد نفحة منه…
هل استطيع ان اشكو الشعب المسيحي وشعب كنيستي القبطية؟
هل أستطيع أن اشتكي من الطقوس التي وإن اعتمدت جميعا على عمل الروح القدس؛
لكنها تظل مقصرة في استلهامه والإشارة إليه ولا توجه نحوه العبادة الكافية؟
هل لي أخيرا ان اشكو معلمي الكنيسة شرقا وغربا
لأننا مقصرين جميعا في الحديث عن الروح القدس
فأغلب عظاتنا وتأملاتنا وكتاباتنا عن الابن المتجسد والله الآب والخالق،
ولا نتحدث بما يكفي عن الروح القدس وعمله في الكنيسة والمؤمنين؟…

ايها الروح القدس روح الله ما أعظمك
وما اعظم دورك في حياة الكنيسة وحياتنا
سامحنا واغفر لنا إهمالنا وجهلنا
وتناسينا لدورك الحيوي المحيّ
هلم نصلي ونتضرع إليه :
” تعال يا روح الله وحل فينا واسكن قلوبنا”